«المسرح والقيم بين الشرق والغرب».. هشاشة المشترك!

  • 3/22/2017
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

الشارقة (الاتحاد) «المسرح والقيم بين الشرق والغرب»، تحت هذا المسمى جاءت الجلسة الثانية في الملتقى الفكري لأيام الشارقة المسرحية، في دورتها الـ«27»، وهو الملتقى الذي نظم منذ يومين في فندق هيلتون، وقد عرف الموضوع نقاشاً واسعاً بين المشاركين، عبر «3» أوراق رئيسة، قدمها كل من حاتم التليلي، ومحمود نسيم، وكمال فهمي، حاول من خلالها المشاركون مقاربة العلاقة بين القيم الشرقية والغربية وتجلياتها في المسرح. ولما كان مفهوم القيم نفسه إشكالياً ومثيراً للجدل، انطلقت ورقة الباحث التونسي حاتم التليلي، الموسومة بـ«المسرح وحركة الهوية من تقويض التمركز الفلسفي إلى تشغيل مونادة ليبنتز»، (في إشارة إلى مفهوم الفيلسوف ليبنتز)، في محاولة تفكيكية جدلية، لمعالجة زوايا النظر المختلفة للقيم في الشرق والغرب مسرحياً، عبر النظر من زاوية الهوية، باعتبارها تعني الحوار والسلام والتفاعل، الأمر الذي يجعل منها ضرورة لا تقوم على طمس حضارة باسم نزعة التفوق لحضارة أخرى، مشيراً إلى إدلاء الغرب ببيانات تزعم أنه الأكثر تفوقاً وتقدماً ومحبة للسلام، إلا أن هذا الخطاب تهزمه الحروب التي يقوم بها في الشرق، ما يعني أنّه في ظلّ انفتاح العالم، ليس ثمّة تفاعل بقدر ما أن هناك ما يسميه التليلي بـ «هشاشة المشترك»، مشيراً إلى أن مجموعة من الدراسات والبحوث ذهبت إلى نفي إمكانية وجود مسرح آخر غير المسرح الغربيّ، من حيث خصوصيته، وإن بدا هذا الزعم صحيحاً نوعاً ما، فإنه يحجب عدة حقائق تجعلنا نشكك في ما ذهبت إليه تلك الدراسات، فمنطلقها المعرفيّ كانت بداياته ما بعد التكوّن والتمركز الإغريقي فالأوروبيّ، ثم تصدير مسرحهم بوصفه في نظرهم النموذج الأوحد، وهو ما غذى من فكرة التراتبية والأصل، وهو ما يستدعي تفكيك الخطاب الفلسفي الذي يجعل التاريخ الفلسفي مرتبطاً باليونانيين وحدهم، وهو أمر يقوض فكرة البحث في الأساس. ويخلص التليلي في ورقته، إلى أنّ الأسئلة التي طرحها، لا تمثّل دعوة إلى بناء مستقبل المسرح العربي عبر بوابة المشي إلى الخلف، كأن تكتفي إقامته بمسرحة القديم من التراث واستنطاقه، ولكنّها، بشكل أو بآخر، تمثّل صرخة غضبيّة من شأنها التحريض على معرفة كنهنا وماهيتنا من جديد. وهذا ما يؤكده راهننا الحاليّ، بوصفه مرتبطاً أيضاً براهن العالم برمّته، مشيراً إلى أنّ ما يجري اليوم، ما هو إلا منعطف دمويّ، تسكنه الأصوليات والتعصب والتطرّف والإرهاب وانهيار القيم، حتّى إنّ السائد صار لا إنسانيّاً بامتياز. وبدلاً من أن يعترف الغرب بمسؤوليته إزاء ذلك، ذهب إلى اتهام الشرق وإلصاق تهمة التوحّش به. وعلى الرغم من أن المسرحي المغربي كمال فهمي عالج في ورقته مسألة القيم، باعتبارها التصورات الخاصة بكل مجتمع لما هو حق وخير وجميل، التي تحدد هوية كل مجتمع وتعمل في اتجاه المحافظة على وحدته واستقراره وتعايش وتضامن أفراده، فإن مقاربته اقتصرت على معالجة هذه القيم في المسرح الغربي، بدءاً من المسرح الإغريقي، متخذاً من مسرحية «أنتجون» لسوفوكليس التي اعتبرت من طرف كثير من النقاد والفلاسفة أعظم التراجيديات الإغريقية، مثالاً، مشيراً إلى أن بطلتها «أنتجون» قد نالت إعجاب النقاد والفنانين والفلاسفة، لما تميزت به من سمو وعظمة ونبل في الطبيعة الإنسانية، لدفاعها عن حق أخيها «بولينيس» في الدفن، وتحديها لقرار «كريون». ويخلص فهمي إلى أن الاتجاهات المسرحية الغربية الحديثة، عالجت بأشكال مختلفة على المستوى الدراماتورجي، وانطلاقاً من فلسفات مختلفة في النظر إلى الوضع الإنساني، إشكالية القيم، وهي كلها تعبر عن أزمة الإنسان الغربي في النصف الأول من القرن العشرين، بعد أن فقد بوصلته، وأصبح التمرد على كل شيء من سمات الشخصية الغربية. ... المزيد

مشاركة :