جنيف - تنطلق الجولة الخامسة من مفاوضات السلام حول سوريا في جنيف رسمياً الخميس وعلى جدول أعمالها أربعة عناوين رئيسية، في وقت يبدد التصعيد العسكري على جبهات عدة أبرزها دمشق الآمال بإمكانية تحقيق اختراق جدي. ووصل وفدا الحكومة السورية والهيئة العليا للمفاوضات الممثلة لأطياف واسعة من المعارضة السياسية والعسكرية إلى جنيف الأربعاء، مستبقين وصول المبعوث الدولي الخاص ستافان دي ميستورا الذي يجري جولة خارجية شملت موسكو، ابرز حلفاء دمشق، ويختتمها الخميس في أنقرة الداعمة للمعارضة. وقال أعضاء في وفد الهيئة العليا للمفاوضات أن لا لقاءات مقررة الخميس في مقر الأمم المتحدة، وسيزور مساعد المبعوث الخاص رمزي عز الدين رمزي الوفد في مقر إقامته ظهرا. ومن المتوقع أن يزور رمزي صباحاً وفد الحكومة السورية في مقر إقامته، في انتظار عودة دي ميستورا إلى جنيف واستقباله الوفود المشاركة في المفاوضات في الأمم المتحدة بدءاً من الجمعة. وانتهت جولة المفاوضات الأخيرة في الثالث من الشهر الحالي بإعلان دي ميستورا الاتفاق للمرة الأولى على جدول أعمال "طموح" من أربعة عناوين رئيسية على أن يجري بحثها "في شكل متواز"، هي الحكم والدستور والانتخابات ومكافحة الإرهاب. وأضيف البند الأخير بطلب من دمشق التي تصر على أن مكافحة الإرهاب هي المدخل الوحيد لتسوية النزاع الذي تسبب منذ انطلاقه قبل ست سنوات بمقتل أكثر من 320 ألف شخص. ويؤكد عضو الوفد الاستشاري المواكب للهيئة العليا للمفاوضات يحيى العريضي "الإصرار على أولوية الانتقال السياسي" موضحاً في الوقت ذاته "نحن ملتزمون ببحث السلال الأربع، لكن مسألة محاربة الإرهاب متعلقة بالانتقال السياسي". وتتمسك المعارضة بمطلب رحيل الرئيس بشار الأسد، فيما تعتبر دمشق ان المسألة غير مطروحة للنقاش أساسا. "تقويض" مساعي الحل ومن المقرر أن يتم بحث العناوين الأربعة الرئيسية في جدول الأعمال بشكل متواز. ويوضح العريضي أن "مناقشة مسألة معينة لا تعني إطلاقا إغلاق الباب على السلال الأخرى، لكن عندما نقول أن إنجاز موضوع ما يجب أن ينتظر إنجاز كل الملفات الأخرى، فلا احد يمكنه أن يقتنع انه يمكن مثلاً إنهاء ظاهرة الإرهاب على الساحة السورية، لأن الإرهاب مسألة عالمية". وقال العريضي "لا يعقل أن يناقش عشرون شخصاً كل هذه المسائل في وقت واحد"، ما يجعل الآمال بتحقيق تقدم "ضئيلة جداً". من هنا أهمية تشكيل لجان، وهو أمر لم يحصل بعد. ويزيد التصعيد الميداني الذي تشهده جبهات عدة خصوصا في دمشق ومحافظة حماة (وسط) من التعقيدات التي تحيط أساساً بالمفاوضات. وتدور منذ الأحد معارك تعد الأكثر عنفاً منذ عامين في شرق دمشق، إثر شن فصائل إسلامية ومقاتلة أبرزها جبهة تحرير الشام (النصرة سابقاً) وفيلق الرحمن هجوماً مباغتاً على مواقع قوات النظام. كما شنت فصائل عدة بينها أيضا هيئة تحرير الشام مساء الثلاثاء هجوما ضد قوات النظام في ريف حماة الشمالي وتمكنت حتى الآن من السيطرة على 11 قرية وبلدة، وفق المرصد السوري لحقوق الإنسان. وقال دي ميستورا الأربعاء بعد لقائه وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في موسكو أن التطورات الأخيرة "تثير القلق"، مشدداً على أهمية "التوصل إلى عملية سياسية بأسرع وقت ممكن". وترى دمشق في هذا التصعيد محاولة "لتقويض" مساعي الحل السياسي. ونقلت صحيفة "الوطن" السورية الخميس عن مصدر في الوفد السوري في جنيف أن "تصعيد الاعتداءات من قبل التنظيمات الإرهابية داعش وجبهة النصرة والمجموعات التابعة لها ضد الأحياء المدنية في دمشق وحماة وغيرها من المدن السورية، توضح بما لا يدع مجالاً للشك، أن تلك المجموعات والدول المشغلة لها تسعى إلى مواصلة استخدام الإرهاب كسلاح سياسي وتقويض أي فرصة لإيجاد حل ينهي الحرب ويوقف سفك الدم السوري". "دفاع عن النفس" في المقابل، تضع المعارضة ما يجري على الأرض في إطار "الدفاع عن النفس" تجاه "استمرار النظام في خرق وقف إطلاق النار وإستراتيجية التجويع أو التركيع". ومن جانب آخر، "هي رسالة للنظام بأنه لن يستقر وان ادعاءه بان الأمور انتهت وهم". ويرى محللون في هذه الهجمات محاولة لتحسين شروط المعارضة في ظل ضغوط دولية تتعرض لها. ويقول الباحث في مركز كارنيغي للشرق الأوسط يزيد صايغ أن هذه الهجمات "هي على الأرجح مجرد شكل من التفاوض بالنار في وقت يسعى النظام إلى إخضاع المعارضة عبر ما يسمى باتفاقات المصالحة" التي يعقدها تدريجياً في محيط العاصمة. ويضيف "ربما تكون أيضاً وسيلة لدعم هامش المناورة لدى المعارضة في ظل الدبلوماسية المعقدة المحيطة بمحادثات جنيف"، لافتاً في الوقت ذاته إلى أن "افتقار الفصائل للقدرة على مواصلة هذا الهجوم في دمشق وكذلك تحقيق مكاسب إستراتيجية". ويعتبر صايغ أن "مفاوضات جنيف أشبه ببديل في الوقت الضائع. لم تكن جنيف أبدا المكان الذي سيجري التوصل فيه إلى اتفاق ولن تكون كذلك".
مشاركة :