عمان - يتناول الروائي الجزائري إبراهيم سعدي في طبعته الجديدة لروايته "الأعظم" والصادرة مؤخرا عن "دار فضاءات" بالعاصمة الأردنية عمان، ظاهرة "الطاغية" السائدة في الواقع السياسي العربي من منظور جمالي. وتقع الرواية، في 384 صفحة من القطع المتوسط. وتعد الرواية أول عمل سردي عربي متكامل يكرس موضوعه حول شخصية السياسي المستبد. ويدور عالم الرواية حول حاكم يحتكر السلطة مدة أربعين سنة في بلد عربي متخيل أيضا، اسمه "المنارة"، قبل أن يرثه ابنه من بعده في الحكم. وصدرت الرواية في طبعتها الأولى في أكتوبر/تشرين الثاني 2010، عن دار الأمل (جزائرية)، قبيل اندلاع شرارة الربيع العربي في تونس في 17 ديسمبر/كانون الأول 2010. يقول الروائي إبراهيم سعدي، في بيان صحفي: عندما انتهيت من كتابة رواية "الأعظم"، في أكتوبر/تشرين الأول 2010، كنت في الواقع أبعد من أن أتوقع أن تندلع، بضعة أشهر بعد ذلك، انتفاضة الجماهير في تونس، لتمتد على إثر ذلك مثل النار في الهشيم إلى مختلف بلدان العالم العربي. وذلك على الرغم من أن الرواية، تتحدث بشكل صريح عن الظاهرة الدكتاتورية العربية وعن لازمتها المتمثلة في التوريث والفساد، وعن طابعها العابر لحدود الدولة الوطنية، وعن بوادر ثورة قادمة. وتبدو الرواية غير مرتبطة بتاريخ بلد عربي معين محدد جغرافيا، لأنها حرصت على الإشارة إلى الطابع العربي للظاهرة التي أصبحت تعرف اليوم بـ"الاستبداد". وجاءت شخصيات الرواية مُعرفة بأسماء يُحيل كل واحد منها من حيث الانتشار إلى بلد عربي معين، وليس جميعها إلى بلد عربي بعينه. ولا تحيل شخصية "الأعظم" تاريخيا إلى "دكتاتور" عربي محدد، بل هي صورة قابلة للتعميم، بالنظر إلى التشابه الجوهري للتجربة السياسية العربية المعاصرة، كما يدل على ذلك تعرضهم لنفس المصير. ويقول الروائي الجزائري، في أحد حواراته "إنها دولة عربية متخيلة، ولكنها في آن واحد صورة لواقع الحكم في البلدان التي يحكمها الطغاة العرب، فالاختلاف الوحيد إذن هو في الاسم فقط. ولهذا تلاحظ أنني أعطيت لشخصيات الرواية أسماء متداولة في مختلف البلدان العربية، وليس في بلد عربي بعينه، إشارة إلى أن الطاغية الذي أتحدث عنه ليس رئيس هذا البلد العربي أو ذاك، بل جميعهم، وهذا ما جعلني اتفادى التحديد الجغرافي". ورواية "الأعظم" تحليل وغوص في أغوار شخصية المستبد، وهو الموضوع الغائب في السرد العربي على نحو يستحق البحث عن أسبابه، بالنظر إلى استفحال هذه الظاهرة السياسية العربية وتجذرها واستمرارها. وبخصوص عدم تناول الرواية العربية لشخصية الطاغية أو الدكتاتور، يقول سعدي "من المؤكد أن الرواية العربية لم تحارب ظاهرة الاستبداد السياسي بصورة مباشرة وصريحة، ويعود ذلك، ربما، الى عامل الخوف من قبل المبدعين الروائيين أو الحذر من العواقب التي سوف تنجم عن تجاوز الخطوط الحمراء للأنظمة السياسية السائدة في العالم العربي. و لا ننسى أيضا دور الرقابة المفروضة على دور النشر في بلداننا الذي هو عامل حد من حرية الكاتب". وكان من الوارد أن تصبح رواية "الأعظم" من الماضي خاصة بعد الربيع العربي الذي انطلق في 2011، ولكنها في ظل الواقع الحالي تصبح دليلا علي ظاهرة لا تزال تميز الحاضر العربي بكل قسوة وحدة، وإن بشكل مختلف ظاهريا. يعتبر الدكتور إبراهيم سعدي من أبرز المثقفين والروائيين الجزائريين المعاصرين، وله ثماني روايات مطبوعة، منها: "كتاب الأسرار"، "المرفوضون"، و"النخر"، و"فتاوى زمن الموت"، و"بوح الرجل القادم من الظلام". كما تتميز مسيرة سعدي بإصدارات في الميدان الفكري والنقد الأدبي والثقافي على غرار: "مقالات ودراسات في المجتمع العربي"، "دراسات في المجتمع الجزائري وثقافته"، "مقالات في الرواية". وقدم سعدي، إصدارات في الميدان الفكري والنقد الأدبي والثقافي، منها مقالات ودراسات في المجتمع العربي، ودراسات في المجتمع الجزائري وثقافته، ومقالات في الرواية.
مشاركة :