فوساتي تفرغ للحروب الهامشية واللاعبون خارج الخدمة

  • 3/25/2017
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

فرط العنابي في الهدية التي قدمها له منتخبا الصين وسوريا بهزيمتهما لكوريا الجنوبية وأوزبكستان عندما انقاد للهزيمة الثالثة في التصفيات، وأصبح خارج المنافسة بسبب تراجعه للمركز الأخير برصيد هزيل لا يتجاوز 4 نقاط في مجموع 6 مباريات. إذا كان الكثيرون قد أشادوا بأداء المنتخب في مباراة طهران لولا الأخطاء الدفاعية القاتلة في الوقت بدل الضائع التي منحت 3 نقاط ثمينة لمتصدر ترتيب المجموعة الأولى، فإن الخسارة في مباراة الإياب أمس الأول الخميس كانت مستحقة لكون العنابي لم يقدم ما يشفع له في تحقيق نتيجة أفضل، حيث كان التواضع السمة الغالبة على الأداء طيلة 90 دقيقة. المحزن في مباراة الخميس أن العنابي ظهر بدون شخصية غير قادر على التحكم في مجريات المواجهة ولا دفتها سواء في الشوط الأول، أو في الشوط الثاني الذي يفترض أنه شوط المدربين، لكن فوساتي انتظر مفاجأة من لاعبيه لم تحدث حتى بعد التغييرات التي أقدم عليها، إذ لم تغير من معطيات المباراة شيئا غير الانتظار. العنابي افتقد شخصية الفريق المنظم الذي يعرف كل فرد فيه ما يتوجب عليه فعله، إضافة إلى هامش المناورة الذي يكون فيه المجال مفتوحا أمام اللاعبين بالاعتماد على مهاراتهم وإمكاناتهم الذاتية في قراءة المنافس ووضعيات اللعب المختلفة، لكن هامش الاجتهاد والارتجال كان غائبا فزاد طين فوساتي بلة، خاصة أن الأخير فشل مرتين، الأولى في اختيار التشكيلة المناسبة للمباراة، والثانية في اعتماد أسلوب تكتيكي ملائم للإطاحة بالمنافس رغم معرفته بقدرات المنافس ولاعبيه، خاصة أن اثنين من لاعبيه الأساسيين يلعبان في دوري النجوم أمام عينيه طيلة الفترة الماضية. عندما نتحدث عن الشخصية فالمصطلح يختزل الكثير من العناصر منها المتعلق بشخصية اللاعبين ومستوى الدوري الذي يلعبون فيه ومنظومة العمل كلها، سواء المتعلقة بالتكوين أو بمسار اللاعبين الدوليين، خاصة أن منهم من لا يصدق بلوغه مرتبة اللاعب الدولي التي تفرض توفر عدد من المميزات، وهي كلها عوامل إضافة إلى أخرى تتعلق بالطريقة التي يدير بها اتحاد الكرة اللعبة والمنتخبات واختيار المدربين، فتكون الحصيلة خللا في الهيكل التنظيمي، ونضوب الأفكار بالنسبة للهيكل الإداري المدبر لأمور كرة القدم. لاعبون خارج الخدمة قد يكون من الإجحاف انتقاد لاعب من العنابي دون آخر ما دام أداء الجميع لم يكن في مستوى التطلعات، لكن لاعبين بعينهم كانوا بعيدين عن مستواهم ليس لدقائق فقط بل طيلة المباراة، ومنهم من كان كذلك طيلة التصفيات مثل رودريجو تاباتا وسبستيان سوريا الذي ظل بعيدا عن النقد دون غيره مع أن حصيلته مع العنابي مخجلة ولا تشفع له في الاستمرار مع المنتخب. إلى جانب تاباتا وسوريا نجد أن الهيدوس كان شبه غائب طيلة المواجهة ولم يظهر له أثر على عكس بعض المباريات، فلم ينجح ولو مرة واحدة في تنفيذ اختراقاته كما اعتاد دائما سواء مع السد أو المنتخب، فظلت الجهة اليمنى غير مفعلة وكذلك الأمر بالنسبة للجهة اليسرى بتواجد أكرم عفيف الذي لم يقدم أي دعم للهجوم، بل الأكثر من ذلك أنه مال إلى الاستعراض الفردي بالمراوغات الزائدة في وقت كان عليه أن يمرر لزملائه داخل منطقة الجزاء. تواضع لاعبي الهجوم زاد من الضغط على زملائهم في الارتكاز والدفاع الذين تحملوا وزر ذلك طيلة 90 دقيقة. الإيراني يترأف بمنتخبنا دهاء المدرب كيروش قاد المنتخب الإيراني لتحقيق الفوز على العنابي، من خلال أسلوب تكتيكي ضيق من خلاله الخناق على العنابي طيلة المباراة، ونجح في فرض أسلوب لعبه حتى النهاية، بل إنه اكتفى بهدف وحيد في الوقت الذي كان قادرا فيه على تسجيل أهداف أخرى، لولا تهاون لاعبيه أمام مرمى الحارس الشيب خصوصا في الدقائق العشرين الأخيرة، حينما اندفع لاعبو العنابي بحثا عن تعديل النتيجة. دهاء كيروش تمثل في الاعتماد على أسلوب 4/ 1/ 4/ 1، الذي نجح من خلاله في غلق المساحات وضرب حصار خانق على لاعبي العنابي فلم يترك لهم مجالا للاجتهاد أو خلخلة دفاع الإيرانيين، باستثناء فرص قليلة نجح الحارس والمدافعون في السيطرة عليها، فاعتمد على حائطي صد يتحولان بسرعان إلى الهجوم باستغلال عاملي السرعة والمفاجأة. كيروش لم يستعجل بل لعب بورق الهدوء منتظرا اللحظة المناسبة للتسجيل، وتأتي له ذلك، عندما استغل لاعبوه هفوة دفاعية لهز مرمى الشيب في الدقيقة 52، فنجح في الرهان وبدا كأنه لم يكن يفضل كشف جميع أوراقه تحسبا للمباراة التالية مع المنتخب الصيني. فوساتي تفرغ للحروب الهامشية قد يكون خورخي فوساتي الوحيد من بين كل مدربي العالم الذي اجتمع بلاعبيه لمدة ثلاثة أسابيع قبل مباراة الخميس، في الوقت الذي كان فيه اللاعبون الدوليون مع أنديتهم ولم تتح لهم فرصة التجمع إلا ثلاثة أيام قبل مباريات منتخباتهم الرسمية في مختلف المنافسات، كما أنه أصر كسابقيه على إبعاد الجميع عن المنتخب، موهما الجميع بأنه يحضر خلطة سحرية لا يقدر على تحضيرها أحد غيره، قبل أن يسقط في الامتحان من جديد. سقط فوساتي في أكثر من اختبار بما فيها مواجهته الهامشية مع المدرب البرتغالي كارلوس كيروش، حينما فضل الدخول معه في صراع ليس له داع، بدلاً من أن يركز على فريقه ويجهز لاعبيه، فاختار الهروب إلى الأمام وتعويم النقاش، في حين كان أنفع له أن يهزم كيروش في الملعب ويترك له التعاليق المسيئة لو قالها حقا. فوساتي خسر المعركة الكبرى في الملعب على جميع المستويات يوم الخميس، فلم يكن أمامه للتغطية على فشله سوى تحوير النقاش إلى أمور هامشية تافهة يعلم الرياضيون أنها جزء من اللعبة بغض النظر عن المنظور الأخلاقي، فما تشهده ملاعب الكرة وما لا تلتقطه الكاميرات وما لا تسمع الآذان أهول بكثير، لكونه يدخل في الحرب النفسية على المنافس. ولعل المثال الشهير في هذا المجال ردة فعل زيدان على ماتيرازتي في كأس العالم 2006.;

مشاركة :