البحر الميت (الأردن) - يصل الزعماء العرب المنقسمون في ما بينهم إلى الأردن لحضور القمة العربية الأربعاء يسعون خلالها لإيجاد أساس مشترك لإعادة التأكيد على التزامهم بإقامة دولة فلسطينية، وهو هدف قديم أثار الرئيس الأميركي دونالد ترامب الشكوك بشأنه الشهر الماضي. ويقول المسؤولون الأردنيون إنه من المتوقع أن تكون المشاركة في اجتماع البحر الميت أكبر من قمم عربية عقدت في الآونة الأخيرة. وانتشرت قوات الأمن بكثافة في العاصمة عمان وتمركزت المركبات المدرعة في التقاطعات المرورية مع وصول القادة جوا. وفي الأغلب لن يتمكن الزعماء العرب من تسوية خلافاتهم بشأن الدور الإقليمي لإيران أو الحربين العصيتين على الحل في سوريا واليمن، لكنهم لا يزالون متحدين في دعم حل الدولتين للصراع الإسرائيلي الفلسطيني. وقال وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي "نحن حريصون أن يكون الإجماع العربي متواجد حول الملف الفلسطيني من أجل أن ينعكس بكل وضوح في مناقشة الدول العربية وقادتها مع الإدارة الأميركية الجديدة." وكان ترامب قد تعهد قبل توليه السلطة في يناير/كانون الثاني بنقل السفارة الأميركية في إسرائيل من تل أبيب إلى القدس، وهو ما يعارضه العرب بشدة باعتبار ذلك اعترافا بالسيادة الإسرائيلية على القدس. ويريد الفلسطينيون القدس الشرقية العربية، التي احتلتها إسرائيل في حرب عام 1967 وضمتها لاحقا في خطوة لم تلق اعترافا دوليا، عاصمة لدولة مستقبلية لهم تشمل الضفة الغربية التي تحتلها إسرائيل وقطاع غزة. ومحادثات السلام الإسرائيلية الفلسطينية متوقفة منذ 2014. وخلال مؤتمر صحفي بالبيت الأبيض مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الشهر الماضي، أوضح ترامب أيضا أنه منفتح على حل للصراع يقوم على دولة واحدة. وسيمثل ذلك مشكلة كبيرة للجانبين، إذ سيعني إما نظامين لشعبين وهو ما سيعتبره الفلسطينيون فصلا عنصريا واحتلالا أبديا أو حقوقا متساوية للجميع وهو ما سيقوض شخصية إسرائيل اليهودية. وسيلتقي الملوك والأمراء والرؤساء العرب المشاركون في قمة الأربعاء في البحر الميت على بعد بضعة كيلومترات من الضفة الغربية وحيث يمكن رؤية المستوطنات الإسرائيلية بالعين المجردة. وقال المالكي إن الولايات المتحدة ستوفد مبعوثا إلى القمة. ومن المقرر أن يلتقي كل من الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي والعاهل الأردني الملك عبدالله بترامب قريبا. ويطالب مشروع قرار بشأن القدس "الدول الأعضاء والأمين العام لجامعة الدول العربية ومجالس السفراء العرب وبعثات الجامعة بالعمل على متابعة أي توجه لخرق قرارات مجلس الأمن والقانون الدولي في هذا الشأن (نقل السفارات إلى القدس) والتصدي له بفاعلية." ولم يذكر المشروع الولايات المتحدة بالاسم. وقال وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي "نتفق على مركزية القضية الفلسطينية وعلى أن رفع الظلم والاحتلال عن الأشقاء الفلسطينيين على أساس حل الدولتين متطلب أساس لتحقيق الأمن والاستقرار الإقليمين." خلافات بشأن إيران واليمن وسوريا ويتعلق الخلاف الأكبر بين الدول العربية بالدور الإقليمي لإيران، وهي حليف لسوريا والعراق وجماعة حزب الله الشيعية المهيمنة في لبنان، لكن السعودية وبعض الدول السنية الأخرى تعتبرها خصما لدودا يسعى لزعزعة استقرار المنطقة. وتدعم إيران الشيعية والسعودية طرفين مختلفين في الحربين الأهليتين في سوريا واليمن، اللتين سببتا كارثتين إنسانيتين وفي الخلافات السياسية والطائفية التي تعتمل منذ سنوات في البحرين ولبنان. وأذكت الخلافات السياسية في الشرق الأوسط التوتر الطائفي بين السنة والشيعة في السنوات الأخيرة وأسهمت في زيادة عنف المتشددين. وقال الصفدي في اجتماع مع نظرائه من وزراء الخارجية قبيل القمة "نجتمع في زمن عربي صعب تسوده الأزمات و الصراعات التي تحرم منطقتنا الأمن و الاستقرار اللذين تحتاجهما لتلبية حقوق شعوبنا في التنمية والتعليم والعمل والأمل." وقال مسؤول أردني إنه من المتوقع أن يشمل البيان الختامي للقمة إدانة لإيران لتدخلها في الشؤون الداخلية للعرب ومطالبتها بالتوقف عن استخدام القوة أو التهديد. وتنفي طهران تدخلات من هذا القبيل. واتخذ اجتماع قمة لمنظمة التعاون الإسلامي نهجا مماثلا في هذا الصدد في بيانه الختامي العام الماضي. ويتوقع أيضا أن يعقد الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي لقاء ثنائي مع العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز بعد فترة اتسمت بفتور في العلاقات بسبب تباين في مواقف البلدين الحليفين من الملف السوري. واستأنف العملاق النفطي السعودي أرامكو شحنات النفط لمصر في وقت سابق هذا الشهر، مما يشير إلى أن العلاقات بين البلدين ربما تتحسن. وقال مصطفى العاني، وهو خبير أمني عراقي وثيق الصلة بوزارة الداخلية السعودية "قد يكون هناك في حقيقة الأمر نتاج للقمة العربية.. موقف موحد تجاه سياسة واشنطن في فلسطين. ربما يختلفون بشأن جميع القضايا الأخرى لكني أعتقد أن هذه هي القضية الموحدة."
مشاركة :