حين كان يجري التحقيق في فضيحة «ووترجيت» على قدم وساق في صيف 1973، حصل مكتب الادعاء على شريك صامت هو مصلحة الضرائب في وزارة الخزانة. وحاصرت فضيحة «ووترجيت» أنشطة شركات ومسؤوليها. وعثرت تحقيقات مصلحة الضرائب على انتهاكات ضريبية ارتكبها مشاركون في الحملة الانتخابية الرئاسية لريتشارد نيكسون، فتمخض التحقيق عن اعتراف 18 من مسؤولي الشركات و17 شركة بارتكابهم انتهاكات لقوانين التبرع للحملات الانتخابية.وفي الأيام القليلة الماضية، أعلن جيمس كومي رئيس مكتب التحقيقات الفيدرالي «إف. بي. آي»، أمام الكونجرس، أن المكتب «يحقق في طبيعة أي علاقة بين أفراد على صلة بحملة ترامب والحكومة الروسية، وما إن كان هناك أي تنسيق بين الحملة وجهود روسيا». واستناداً إلى ما ظهر من معلومات حتى الآن، يتوقع أن تنضم لـ«إف. بي. آي» شبكة تنفيذ القانون في الجرائم المالية ومصلحة الضرائب التابعتين لوزارة الخزانة، وهما الوكالتان الأفضل استعداداً للقيام بتحقيقات مالية في أي جرائم لها صلة بغسل الأموال. وتحدث تقرير نشرته «واشنطن بوست» يوم 21 مارس الجاري، عن نشر مشرع أوكراني لوثائق مالية تشير إلى أن مساعد ترامب السابق بول مانافورت قام بغسل أموال لصالح زعيم أوكراني له علاقات بروسيا، مستخدماً حسابات في بيليز وقيرغيزستان. وإذا صح زعم المشرع الأوكراني «سيري ليشتشنكو»، وثبت أن الوثائق المالية دقيقة، فإن «إف بي آي» ووزارة الخزانة قد تجريان تحقيقاتهما. وذكرت «نيويورك تايمز» أن مانافورت نفى المزاعم وصرح بأن السجلات تم تزويرها وأن ليشتشنكو جزء من مسعى لابتزازه. وإذا وجد المحققون الاتحاديون عمليات مالية استهدفت التهرب من الضرائب على دخل غير مشروع بإخفاء مصدر ومقدار الربح، فعلى المتورطين في هذه الأنشطة الاستعداد للمثول أمام هيئة محلفين. وهناك مجال واسع لتحقق فيه الوكالاتُ الاتحادية. وتحدثت صحيفة «فاينانشيال تايمز» في أكتوبر الماضي عن أدلة على وجود علاقات بين أحد مشروعات ترامب وشبكة دولية مزعومة لغسل الأموال. وأظهرت سندات ملكية وحسابات ومراسلات مصرفية أن أسرة قازاخستانية متهمة بغسل مئات الملايين من الدولارات اشترت شققاً سكنية في مبنى بمانهاتن يشارك ترامب في ملكيته وباشرت أنشطة اقتصادية مع أحد شركائه. وفي الأيام القليلة الماضية ذكرت شبكة «إيه. بي. سي. نيوز» التلفزيونية أنه في الفترة بين 2011 و2013 حصل مكتب التحقيقات الفيدرالي على تصريح بالتجسس على شبكة روسية لغسل الأموال تعمل من برج ترامب في نيويورك. وذكرت «إيه. بي. سي. نيوز» أن تحقيق «إف. بي. آي» أدى إلى صدور صحيفة اتهام من هيئة محلفين اتحادية بحق أكثر من 30 شخصاً بينهم أحد أسوأ رؤساء المافيا الروسية سمعةً في العالم، وهو «أليمزان توخاتاخونوف». وذكر تقرير لـ«بلومبيرج بزينيسويك»: «قبل شهرين من بدء ترامب العمل في نيويورك في أكتوبر 1998، عجزت روسيا عن سداد 40 مليار دولار كدين داخلي، وبدأت بعض أكبر البنوك الروسية تنهار. وهرع أصحاب المليارات للخروج بأموالهم إلى نيويورك، وكانت العقارات تقدم ملاذاً آمنا للمستثمرين، فهي وسيلة مفضلة لنقل المال من مصادر مشكوك فيها. وقد افتتح برج ترامب الدولي عام 2001 وأصبح مستودعاً بارزاً للأموال الروسية». ترامب قد يكون محقاً حين أكد أن ليس لديه أموال في روسيا، فهو لم يستثمر هناك قط، لكنه لا يستطيع الزعم بأن الروس لم يستثمروا في ممتلكاته العقارية، ففي عام 2008 «تدفقت» الأموال الروسية إلى مشروعات ترامب. يتعين إذن على الوكالات الاتحادية «تعقب مسار المال» إلى أي مكان يقود إليه، وفحص السجلات والحسابات البنكية وملفات العقارات التي تمتص الأموال المشبوهة. *كاتب أميركي حائز جائزة «بوليتزر» للصحافة ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
مشاركة :