بدأ المشهد السياسي في إسرائيل يكفهر إذ تسود حالة من البلبلة الائتلاف الحاكم، الذي لم يكد يمضي عليه عامان في مقعد الحكم، كما أن التوترات الإقليمية تتصاعد. بالنظر إلى الاقتصاد وحده تبدو الصورة مشرقة، فشركة انتل الأمريكية عملاق صناعة الرقائق الإلكترونية اشترت مؤخرا شركة موبايل آي المحلية مقابل 15 مليار دولار والنمو قوي، كما ارتفعت العملة الإسرائيلية إلى مستويات قياسية. وفيما عدا هذا الازدهار الاقتصادي تنتشر التكهنات عن إجراء انتخابات مبكرة ويتزايد الاحتكاك حدة مع حركة المقاومة الإسلامية (حماس) التي تدير قطاع غزة كما قوبلت الضربات الجوية الإسرائيلية على مقاتلي حزب الله في سوريا بإطلاق صواريخ مضادة للطائرات من جانب دفاعات الحكومة السورية. وإلى حد ما تتلاعب إسرائيل على الدوام بالاقتصاد والسياسة، وفي الماضي حافظت على النمو والاستثمارات الأجنبية رغم غموض الصورة على صعيد الانتخابات وجولات الصراع، سواء مع حماس أو مع حزب الله في لبنان. الفارق هذه المرة هو مدى السرعة التي تتغير بها الصورة ومدى اقترابها من الانزلاق خارج نطاق السيطرة حتى إذا لم يكن أي من إسرائيل أو حماس أو حزب الله يريد الحرب. قبل شهر واحد كانت الشواهد تدل على أن الائتلاف اليميني الذي يقوده رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو يقف على أرض صلبة. ورغم ما يدور حول نتنياهو نفسه، الذي اشتهر باسم “بيبي”، من شبهات في تحقيقين جنائيين فقد بدا أنه يوشك على إزاحة دافيد بن جوريون عن موقعه كصاحب أطول فترة على رأس السلطة في إسرائيل. غير أن الأسابيع القليلة الماضية شهدت صداما بين نتنياهو ووزير ماليته إذ اختلفا على إنشاء هيئة عامة جديدة للبث الإذاعي والتلفزيوني الأمر الذي كشف عن استياء أوسع نطاقا في صفوف الائتلاف وأدى إلى انتشار الشائعات عن احتمال إقدامه على الدعوة لإجراء الانتخابات قبل عامين من موعدها. وفي الوقت نفسه تصاعد التوتر مع حركة حماس لاسيما بعد اغتيال أحد قياداتها الأسبوع الماضي في عملية قيل إن إسرائيل تقف وراءها. كما دفعت الضربات الجوية، التي استهدفت قوات حزب الله المساندة للحكومة السورية، دمشق إلى إطلاق صواريخ أرض/جو زودتها بها روسيا على الطائرات الإسرائيلية مما أدى إلى ازدياد حدة التوتر. وقال شاجاي تزوريل، المدير العام بوزارة الاستخبارات الإسرائيلية، إن المصاعب الاقتصادية في غزة تغذي مشاكل اجتماعية وسياسية بما يستعصي معه التنبوء بتطورات الوضع. وقال “حماس أكبر تهديد من غير الدول من حيث مدى التقلبات” التي قد تحدث ووصف القدرات العسكرية لحزب الله، المقدر أنه يمتلك 100 ألف صاروخ يمكن أن يستهدف بها إسرائيل، بأنها أكثر مدعاة للقلق عموما. حرب في لبنان؟ وربما يكون ما يتردد عن الانتخابات المبكرة من قبيل المبالغة إذ أنه لا أحد من الشركاء في ائتلاف نتنياهو يريد انتخابات جديدة وربما يكون رئيس الوزراء نفسه يستغل هذا الهم لدفع المشاغبين المحتملين لعدم الخروج على الخط العام. إلا أن السيطرة على المخاطر الإقليمية أكثر صعوبة. وفي الشهر الماضي عينت حماس زعيما جديدا في قطاع غزة هو يحيى السنوار الذي قضى 20 عاما في سجن إسرائيلي ومقرب من الجناح العسكري للحركة. ومنذ ذلك الحين يشعر المحللون بالقلق من خطر نشوب حرب أخرى بعد تفجر ثلاثة حروب في القطاع منذ انتزعت حماس السلطة عام 2007. وازدادت هذه المخاوف يوم الجمعة الماضي عندما أطلق مسلحون يحملون أسلحة مزودة بكواتم صوت فيما يبدو النار على مازن فقها المتشدد الذي أطلقت إسرائيل سراحه من سجونها عام 2011 وأبعدته إلى القطاع ليسقط قتيلا. على الفور حملت حماس إسرائيل المسؤولية وامتنعت متحدثة باسم الجيش الإسرائيلي عن التعليق. وقبل مقتل فقها كانت حماس تكبح التوترات وكانت تضمن أن مسلحيها يختبرون الصواريخ بإطلاقها في البحر وتتعقب الجماعات المنافسة لها التي تطلق قذائف على إسرائيل. والتزمت إسرائيل من جانبها بهذا الدور فكانت ترد على عمليات إطلاق الصواريخ بضربات جوية تستهدف في العادة مباني خالية لحركة حماس. وربما يتغير هذا الوضع حسب تداعيات مقتل فقها. وقال أكرم عطا الله المحلل السياسي في غزة “إذا بدأت الحرب ستكون المعارك أصعب بوجود السنوار في موقع القيادة. الوضع على حافة الانهيار. حماس وإسرائيل في مأزق حول كيفية سير الأمور.” وإذا كانت غزة تستعصي على التنبؤ فربما كان حزب الله أولى منها بذلك. ففي عام 2006 عندما خاضت إسرائيل وحزب الله حربا بدأ الصراع بعد قصف عبر الحدود ونصب كمين قتل فيه مقاتلو حزب الله ثلاثة جنود إسرائيليين وأسروا اثنين آخرين. وسقط في الصراع الذي استمر شهرا 1400 قتيل. وبعد هذه السنوات أتاحت الحرب في سوريا لحزب الله حرية أكبر في الاقتراب من الأراضي التي تحتلها إسرائيل في مرتفعات الجولان وأصبح خطر تصاعد الأمور فجأة ماثلا طول الوقت. وقد نفذت إسرائيل ضربات جوية على وحدات تابعة لحزب الله في المنطقة قائلة إنها تريد منع أسلحة متقدمة من الوصول إلى جماعة حزب الله التي تدعمها إيران. من جانبه ندد حزب الله بأشد العبارات بالضربات الإسرائيلية. ويرى نفتالي بنيت العضو اليميني في ائتلاف نتنياهو وأحد منافسيه المحتملين أن خطر نشوب حرب أخرى مع حزب الله يتزايد ويأمل أن تكبح إسرائيل هذا الخطر من خلال تحذير لبنان كدولة. وقال لصحيفة هاآرتس هذا الشهر “مؤسسات لبنان وبنيته التحتية ومطاره ومحطات الكهرباء ومفاصل الحركة على الطرق وقواعد الجيش اللبناني يجب أن تكون كلها أهدافا مشروعة إذا ما نشبت الحرب”. وقال “إذا أذعنا هذه الرسالة وسوقناها بهمة ونشاط بدرجة كافية الآن فربما نتمكن من منع الحرب القادمة. فليست لدينا رغم كل شيء نية مهاجمة لبنان”.أخبار ذات صلةعباس يلتقي مبعوث ترامب قبل القمة العربيةالاحتلال يهدم منزلين في القدس.. ومستوطنون يعتدون على مزارعين شرق…الاحتلال يعتقل 5 فلسطينيين ويصيب آخرين خلال مواجهات في الضفة…شارك هذا الموضوع:اضغط للمشاركة على تويتر (فتح في نافذة جديدة)انقر للمشاركة على فيسبوك (فتح في نافذة جديدة)اضغط للمشاركة على Google+ (فتح في نافذة جديدة)
مشاركة :