أديس أبابا: «الشرق الأوسط» حذر وزير الخارجية الأميركي جون كيري، أمس، من خطر حدوث عملية إبادة وانتشار المجاعة في جنوب السودان، ملوّحا بفرض عقوبات على زعيمي الفصيلين المتناحرين في الحرب الأهلية المستمرة منذ أربعة أشهر. ويزداد الغضب بسبب حجم عمليات القتل في ذلك البلد، كما ألقيت على القوات الحكومية الموالية للرئيس سلفا كير والمتمردين الذين يدعمون نائب الرئيس السابق رياك مشار، مسؤولية المجازر وعمليات الاغتصاب والهجمات على قواعد الأمم المتحدة وتجنيد أطفال للقتال. وصرح كيري للصحافيين بأن «هناك مؤشرات مقلقة للغاية بأن عمليات قتل على أسس إثنية وقبلية وقومية تجري (في جنوب السودان)، مما يثير أسئلة خطيرة. وإذا ما استمرت عمليات القتل بالطريقة هذه، فمن الممكن أن تشكل تحديا خطيرا للغاية للمجتمع الدولي يتعلق بمسألة الإبادة». وهيمنت المخاوف من المجاعة وارتكاب عمليات إبادة في جنوب السودان على أجندة كيري، أمس (الخميس)، بعد يوم من وصوله إلى إثيوبيا، في مستهل جولة أفريقية تركز على أعنف النزاعات في القارة. وقال كيري: «يجب محاسبة المسؤولين عن عمليات القتل المستهدفة على أسس إثنية وقومية، ونحن نعكف على دراسة فرض عقوبات ضد من ينتهكون حقوق الإنسان ويعرقلون المساعدات الإنسانية». وكان الرئيس الأميركي باراك أوباما وقع، الشهر الماضي، مرسوما يسمح بفرض عقوبات، من بينها مصادرة الأرصدة وحظر تأشيرات السفر ضد أي شخص يُعدّ مهددا لجهود السلام في جنوب السودان. ولعبت الولايات المتحدة دورا كبيرا في حصول جنوب السودان على استقلالها عن الخرطوم في 2011، وعدّت زيارة كيري للمنطقة مؤشرا على تزايد قلق واشنطن من انهيار ذلك البلد خلال فترة قصيرة. وقتل الآلاف، وربما عشرات الآلاف، وأجبر 1.2 مليون شخص على الأقل على الفرار من منازلهم، في البلد الذي حصل على استقلاله من السودان في 2011. وتأتي تصريحات كيري عقب تحذيرات مسؤولين دوليين لحقوق الإنسان، أول من أمس (الأربعاء)، تعهدوا ببذل كل ما بوسعهم للحيلولة دون حدوث عمليات إبادة، وحذروا من تزايد مخاطر المجاعة. وقال كيري: «يجب أن نحاول منع انتشار المجاعة، التي يمكن أن تنجم عن أعمال العنف الجارية هناك الآن». وأعرب عن شعوره بالإحباط، بسبب عدم اكتراث كيري ومشار بوقف الحرب. وقال: «بصراحة، لقد شعرت بخيبة أمل من رد فعل هذين المسؤولين»، مضيفا أنه تحدث معهما عدة مرات. وكانت المفوضة الدولية العليا لحقوق الإنسان نافي بيلاي انتقدت، أول من أمس (الأربعاء) كير ومشار. وقالت بيلاي: «صدمتني اللامبالاة الظاهرة حيال خطر المجاعة الذي أبداه القائدان. لم يبدوا متأثرين كثيرا بالجوع وسوء التغذية المنتشرين على نطاق واسع بين مئات الآلاف من أبناء شعبهم، بسبب فشلهما شخصيا في حل خلافاتهما سلميا». وتدور المواجهات منذ منتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي بين قوات الرئيس كير والمتمردين من أنصار نائبه السابق مشار. وتخللتها مجازر وتجاوزات بحق المدنيين على خلفية قبلية، انطلاقا من انتماء كير ومشار إلى قبيلتي الدنكا والنوير، الأكبر في البلاد. وكان كيري بدأ جولته الأفريقية بدعوة لوقف المعارك، وتأمين وصول المساعدات الإنسانية في جنوب السودان. وقال كيري للصحافيين بعد لقائه نظرائه الإثيوبي والكيني والأوغندي، في العاصمة الإثيوبية: «أعتقد أنه من الواضح أن كل العالم متفق على القول إن المذابح يجب أن تتوقف، وإنه يجب السماح بوصول المساعدات الإنسانية للشعب». وتستضيف أديس أبابا، مقر الاتحاد الأفريقي، محادثات لا تزال غير مثمرة حتى الآن، بين حكومة كير والمتمردين، بقيادة مشار. واستؤنفت المحادثات الاثنين الماضي، بعد تأخير طويل، إلا أنها لم تحرز تقدما يُذكر. وكان اتفاق لوقف إطلاق النار وقع بالأحرف الأولى في 23 يناير (كانون الثاني) الماضي في أديس أبابا، لكنه ظل حبرا على ورق. وطغى النزاع في جنوب السودان على المحادثات التي أجراها وزير الخارجية الأميركي مع نظرائه الأفارقة، وجرى بحث إجراءات مثل احتمال إرسال جنود من دول المنطقة إلى هذا البلد.
مشاركة :