بالطبع، كانت المغريات، والمصالح على اختلاف أنواعها أقوى من أي التزام ديني، وأخلاقي، أو ميثاق. فكانت البداية من الإشكالية في توظيف الفئة الخارجة عن القانون، والمجتمع، والنظام، ومن ثم تعزيز أوجه التحريض الديني، وخطاب الكراهية، وصولاً إلى احتكار المشروعية، وممارسة الوصاية على شأن الحياة، والإنسان، والمتمثل في محاولة مجهولين إسكات أصوات الحق التي تعمل على تعزيز اللحمة الوطنية، ونشر قائمة تضم شخصيات في القطيف بدعوى الخيانة، والانزلاق في أجندات محددة. تكمن أهمية تعزيز ثقافة السلم الأهلي، والحوار البناء إلى تأسيس علاقات متينة بين الأفراد، والوصول إلى مجتمع خال من العنف الاجتماعي، وذلك من التشابك، والتواصل، والتسامح ما بين مؤسسات المجتمع المحلي - المدنية والأمنية والأهلية -، وفق إطار الضوابط الأخلاقية، وسيادة القانون، والنظام. وهذا المفهوم يتضمّن الحفاظ على سلام دائم، يرفض كل أشكال الاقتتال، أو الدعوة إليه، كما يرفض تحويل مفهوم الحقّ بالاختلاف إلى أيديولوجية صدامية. استهداف الوطن، وأمن المواطن تمثل - هذه المرة - في إسكات كلمة الحق الرافضة للعنف، والداعية إلى عدم العبث بالسلم الأهلي؛ لتدمير كل أسس، ومكونات السلم الأهلي، والاجتماعي، وبناء نزعات الاستفراد، والإقصاء؛ ولتأخذ أشكالاً عدة، منها: القتل العمد على خلفية الإجرام، وممارسة الاختطاف، والاعتداءات المتكررة التي طالت شخصيات قضائية، وأكاديمية. وفي هذا السياق يمكن القول: إن تولد توجهات نحو مزيد من تكسير مقوّمات السلم الأهلي، سيضعنا أمام قضية ذات أهمية كبرى في حاضر، ومستقبل مجتمعاتنا، والاهتمام بها ينبع من اعتبارها ضرورة إنسانية. إن تعزيز خيار الاستقرار، والسلم الأهلي، والاجتماعي يتطلب التعامل بحزم مع هكذا خطاب ديني تحريضي، أو أيديولوجيات متطرفة؛ من أجل تحقيق عملية الاستقرار في المجتمع، وما يستلزم ذلك من اعتراف، وتعامل إيجابي، وخلاّق مع كل حالات، وحقائق التنوع، والتعدد الموجودة في الحياة الإنسانية، واعتبارها من أهم ممكنات تحقيق الاستقرار، وبناء الحياة المدنيّة، وهو أحد أهم السبل الأساسية؛ لتجاوز كل المخاطر التي تهدد النسيج الاجتماعي لكل مجتمع.
مشاركة :