الإسلاميون ينقلبون على رفاق المعارضة السياسية في الجزائرانخرط الإسلاميون في موجة انتقاد المقاطعين للانتخابات التشريعية المقررة في الرابع من مايو المقبل رغم الإجماع على أن مسألة المشاركة والمقاطعة تندرج ضمن السلوكيات الديمقراطية، فبعد منع وزارة الاتصال وسائل الإعلام الحكومية والخاصة من فتح فضاءاتها للمقاطعين للتعبير عن خيارهم، فتحت أحزاب وشخصيات إسلامية النار على هؤلاء بحجة المساهمة في تكريس تزوير السلطة للانتخابات.العرب صابر بليدي [نُشر في 2017/04/02، العدد: 10590، ص(2)]المشاركة وخذلان رفاق الأمس الجزائر - انقلبت أحزاب وشخصيات إسلامية على دعاة المقاطعة الشعبية للانتخابات التشريعية في الجزائر وفتحت عليهم موجة من الانتقادات. ويتذرع الإسلاميون بحجة المساهمة في تكريس تزوير السلطة للاستحقاق الانتخابي لمهاجمة المقاطعين على الرغم من تخندق الطرفين معا في صفوف المعارضة السياسية منذ العام 2014. وحاول رئيس جبهة التغيير عبدالمجيد مناصرة المتحالف مع حركة مجتمع السلم الإخوانية التهوين من ذرائع المقاطعين حول ترتيب الأولويات السياسية في البلاد، لما صرح “الرئيس بوتفليقة غائب وظيفيا لكن لا يوجد شغور في السلطة” في إشارة إلى مطلب بعض أحزاب المعارضة بتنظيم انتخابات رئاسية مبكرة قبل الذهاب للانتخابات التشريعية. ورغم محدودية التشكيلات السياسية المتبنية لخيار المقاطعة، حيث يقتصر الأمر على كل من حزب طلائع الحريات الذي يقوده رئيس الحكومة السابق علي بن فليس وحزب جيل جديد بقيادة جيلالي سفيان، إلا أن مخاوف السلطة والطبقة السياسية من توسع رقعة ما يعرف بـ”الأغلبية الصامتة” دفعها لفتح النار في كل الاتجاهات. وكان رئيس حزب الحركة الشعبية الجزائرية الموالي للسلطة عمارة بن يونس قد صرح في الآونة الأخيرة بأنه “تتوجب إعادة النظر في مسألة الاقتراع بشكل يفرض على الجميع المشاركة والتعبير عن الرأي وإنهاء خيار المقاطعة كممارسة سياسية”. في حين ذهبت حركة مجتمع السلم إلى اعتبار المقاطعة خطرا على الديمقراطية وعلى البلاد وأنها امتدادات مفترضة لدعاتها مع دوائر أجنبية وهو ما يشكل انقلابا على مواقفها المعارضة التي تبنتها خلال تخندقها في معسكر تنسيقية الحريات والانتقال الديمقراطي. وحاول النائب البرلماني الإسلامي والمرشح مجددا للاستحقاق القادم حسن عريبي التلطيف من حدة الانتقادات التي وجهها للمقاطعين لمّا وصفهم في تصريحات صادمة بـ”المقطوعين والخطر المحدق” بالبلاد، حيث حاول في منشور له على صفحته الرسمية في شبكات التواصل الاجتماعي التمييز بين من أسماهم القوى النابعة من المجتمع والقوى المعزولة. وكان تلاسن حاد قد حصل بين زعيمي حركة مجتمع السلم عبدالرزاق مقري وبين رئيس حزب جيل جديد جيلالي سفيان حيث اتهم الأخير الإسلاميين بـ”الانقلاب على المعارضة وبيعها في سوق النخاسة السياسية”، وباستحالة الاستمرار في العمل السياسي مع هؤلاء ممّا أغاض مقري ودفعه للدفاع عن خيار المشاركة. وقال “تنسيقية الحريات والانتقال الديمقراطي لم تلزم أيّ طرف باتخاذ موقف معين من الانتخابات وكان الاتفاق مسبقا بين الجميع على ترك حرية المشاركة والمقاطعة لكل مكونات الهيئة”. وذكر مرشح تكتل “التحالف من أجل النهضة والعدالة والبناء” في مقاطعة العاصمة حسن عريبي بأن هناك “فرق بين المقاطعين الحقيقيين وبين المقطوعين “، في إشارة لقوى سياسية تعودت على المقاطعة بسبب افتقادها للمد الشعبي والاستثمار في المقاطعة الطبيعية للاستحقاقات الانتخابية. وقال عريبي “للمقاطع وجود شعبي وصلة بالمجتمع ولكنه قاطع للمبررات التي اقتنع بها، أما المقطوع فلا صلة له بالمجتمع ولا بالتراث فهو كائن غريب يريد أن يحدث كينونة جديدة في بيئة غير بيئته كالشيوعيين وغلاة العلمانيين، وهم الذين دسهم المخطط الصهيوديغولي في النظام والمجتمع منذ الثورة، وكان لهم القول الفصل بعد 19 مارس 1962”. وأضاف “هؤلاء يقاطعون كل استحقاق لإدراكهم من البداية أنهم لن يحصلوا إلا على الأصفار. وما مهمتهم في المجتمع إلا التشويش على ذاكرته وبإيعاز من قوى خفية حاقدة ولها نفوذ وكلمة نافذة لدى أصحاب القرار”. ولم يشر المتحدث إلى هوية هؤلاء في الطبقة السياسية أو فيما أسماه بالدوائر المغلقة، كما لم يقدم تفسيرا لعجز السلطة بآليات تزويرها وأذرعها السياسية في إقناع ما يعرف بـ”الأغلبية الصامتة”، التي بلغ تعدادها 40 بالمئة من الناخبين الجزائريين في ذروة التفاعل الكبير للشارع مع انتخابات مطلع تسعينات القرن العشرين التي اكتسحها إسلاميو جبهة الإنقاذ المحظورة في 1991. كما لم يقدم تبريرا لتوسع رقعة المقاطعين خلال الاستحقاقات الماضية منذ العام 1997 حيث تذكر إحصائيات غير رسمية أن نسبة المشاركة لم تتعد سقف الـ20 بالمئة، ما جعل المؤسسات المنبثقة عنها مهزوزة الشرعية والمصداقية بمجرد الإعلان عن النتائج. وحاول حسن عريبي الإبقاء على جزء من التوافق مع القوى السياسية المعلنة عن مقاطعة الانتخابات بالتذكير بالظروف التي أحاطت بمختلف المحطات الانتخابية على مدار العقدين الماضيين كسعي السلطة “لتمرير مشاريعها والمصادقة عليها بمنطق الأغلبية، وإيهام الرأي العام الدولي أن المعارضة لا ارتباط لها بالشعب وأنها هي صاحبة الأغلبية، وذلك بممارسة التزوير في كل استحقاق والسماح بتغلغل التمثيل المسيء لسمعة النائب البرلماني ومؤسسة البرلمان”.
مشاركة :