يخشى أن يؤدي بنا السجال الدائر حول موضوع الجنسية إلى منزلق خطير؛ بتعميق الانقسام في المجتمع الكويتي الذي يكفيه ما يعانيه من تمزق فئوي؛ طبقي وعرقي ومذهبي. الأمر المطروح ومحل الجدل هو إدخال تعديلات على قانون الجنسية تضفي الشرعية القانونية على المزدوجين، أي من يحمل جنسية أخرى إلى جانب الجنسية الكويتية، ومن اكتسبها بالتزوير أو الغش بإعطاء معلومات خاطئة. ازدواجية الجنسية عالجها قانون الجنسية بشكل واضح وجليّ بأن يخير من يحمل جنسية أخرى بين جنسيتَيه. أما الغش والتزوير فهما جرائم يعاقب عليها القانون. الاقتراحات المطروحة هي إدخال تعديل على قانون الجنسية أو قانون المحكمة الإدارية يتيح التظلم أمام القضاء. وكان قانون إنشاء المحكمة الادارية لعام 1980 والتعديل الذي لحق به عام 1982 قد استبعد من اختصاصها القرارات الصادرة في مسائل الجنسية، باعتبارها من قرارات السيادة. وقد تصدت محكمة التمييز في حكمها بتاريخ 23/3/2016 الذي أشار إليه الأخ حسين عبدالله (الجريدة 28/3/2017) والذي أكد قاعدة أن الأصل العام هو رقابة القضاء على القرارات التي تصدرها الحكومة بسحب وإسقاط الجنسية، وأن الاستثناء من رقابة القضاء هو في شأن منح الجنسية او رفضها. وأشار الحكم إلى أن الاستثناء يعد قيداً على حق التقاضي الذي كفله الدستور في المادة 166 للناس جميعاً، وغير ذلك يعد إهداراً لهذا الحق. وتجدر الإشارة الى ان موضوع الجنسية كان من أكثر المواضيع التي دار حولها نقاش على مدى جلسات في لجنة إعداد الدستور التي شكلها المجلس التأسيسي، بعضوية عبداللطيف ثنيان الغانم رئيساً، والشيخ سعد العبدالله (ممثل الحكومة)، وعضوية حمود الزيد وسعود العبدالرزاق ويعقوب الحميضي. وعند مناقشة المادة (27) بشأن الجنسية دار الجدل التالي: حمود الزيد: أقترح أن ينص صراحة على كيفية اسقاط الجنسية عن الكويتيين بالولادة، وأن ينص على ذلك، فجعل اسقاط الجنسية جائزا في حدود القانون غير صحيح، ويجب النص في الدستور على أنه لا يجوز اسقاط الجنسية، وأن تحذف عبارة «إلا في حدود القانون»، وإننا نخشى أن تتخذ الحكومة في الكويت هذا الإجراء القانوني بسحب جنسية الكويتيين وترمي بهم خارج البلاد، دون محاكمة، وإنه يجب توفير الطمأنينة للشعب الكويتي. وهكذا جاء نص المادة (27) بعدم جواز إسقاط الجنسية الا في حدود القانون، والمادة (28) بعدم جواز إبعاد الكويتي أو منعه من العودة إلى الكويت. هكذا تناقش مؤسسو الدستور، وهكذا ينبغي الاقتداء بنهجهم والالتزام بشيء من التعقل في تناول هذا الموضوع الحساس. فعلى سبيل المثال، فإن الأرقام التي نشرتها جريدة «القبس» (29/3/2017) عن أعداد المزدوجين التي تراوحت بين 220 و432 ألفاً، أي ما يقرب من نصف عدد المواطنين الكويتيين! يفترض أن تقدم الحكومة ما لديها من معلومات. طبعاً غير خاف على أحد أنه حصل في حقب سابقة تجنيس سياسي، وهنالك تجنيس بالواسطة، والأخطر أن هنالك جنسيات تمنح بمقابل نقدي كبير جداً، فهل وصلت أعداد هؤلاء إلى مئات الألوف او حتى عشرات الألوف؟! ومن المسؤول عن القرار؟ الجنسية بالتجنيس لا تمنح إلا بمرسوم، بناء على عرض وزير الداخلية، ويسبقها موافقة اللجنة العليا للجنسية التي تنظر في الموضوع، بناء على تقارير اللجان الأمنية. فإذا كان منح الجنسية يمر بهذه المراحل، فهل يعقل أن تصل الامور الى هذه الأرقام الفلكية؟!
مشاركة :