صدر تعيين معالي الدكتور عبد اللطيف بن عبد العزيز آل الشيخ رئيساً لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يوم الجمعة 19/ 2/ 1433ه الموافق 13/ 1/ 2012م، ويوم الثلاثاء ليلة الأربعاء التالية كان كاتب السطور ضيفاً على برنامج (ديوانية الدانة) للزميل رياض الودعان في قناة (الدانة) التلفزيونية الفضائية للتعليق على الموضوع فقال: إن مشكلة جهاز الحسبة تكمن في النظام البيروقراطي المترهل، ولا معنى لتغيير الرئيس والنظام لم يطرأ عليه تحديث يذكر منذ صدوره سنة 1400ه الموافق 1980م أي بعد حادثة احتلال الحرم المكي! ولئن كانت البيروقراطية هي الحضن الدافئ للفساد في كل الأجهزة الرسمية؛ فإن الأمر يصبح أسوأ حين يستخدم الدين وتستثمر الشعيرة المعظمة في القرآن خلاف ما فرضت له. ولكن ما هو إلا الأسبوع الأول في منصبه حتى أثبت الدكتور عبد اللطيف أن الملك عبدالله نثر كنانته فوجده أمرها عوداً، وأصلبها ممسكاً؛ إذ ولد سنة 1947م من رحم الأسرة التي لم يعرفها التاريخ إلا بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر نسبة إلى الإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب (1702- 1792م)، وتخرج من كلية الشريعة 1394ه/ 1974م، ثم حصل على الماجستير من المعهد العالي للقضاء 1404ه/ 1984م، وعلى الدكتوراه من جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية 1417ه/ 1997م. وقد أنجز كل نجاحاته العلمية دون أن يتفرغ من الوظيفة التي انخرط فيها وهو طالب، تاركاً عمله الحر منذ صباه في تجارة الملابس الذي أكسبه خبرة بالمجتمع بمختلف شرائحه، وصقل شخصيته الإدارية فكان أول عمل وظيفي يتسلمه هو مدير عام مكلف لإدارة التفتيش بالرئاسة العامة لإدارات البحوث والدعوة والإرشاد، وكانت مهمته إعادة هيكلة الإدارة لضبط الحضور والانصراف والقضاء على ظاهرة التسيب التي عزاها إلى قلة المهام الوظيفية وليس إلى طبيعة الموظفين، وهو تشخيص عرف بدقته الدكتور عبد اللطيف في كل مراحل حياته العملية فيما بعد، ومن أهمها أمانة المجلس الأعلى للدعوة الإسلامية، الذي شكله الملك فيصل (1964- 1975م) دعماً لسياسته في التضامن الإسلامي برئاسة الأمير سلطان بن عبد العزيز وزير الدفاع آنذاك، وهناك وقف آل الشيخ لأول مرة على استخدام الدين واستنزاف الكرم السعودي واستغلال طيبة علماء المملكة من قبل جهات ومنظمات عالمية؛ فعمل فوراً على ضبط الأمور باستمارة شاملة تتحرى الموضوعية بعيداً عن العواطف، وهو ما انتهجه في أهم وظيفة تسلمها حين أصبح مستشاراً خاصاً لأمير الرياض آنذاك الملك سلمان حالياً، في مرحلة من أكثر المراحل قلقاً بدأت باحتلال الكويت 1990م وانتهت 2003م وغبار أحداث 11سبتمبر 2001م لم ينقشع. وكان أول ملف يحيله الأمير سلمان آنذاك إليه هو ملف السيدات اللواتي خرجن بسياراتهن في الرياض تحت كاميرات ال (CNN) يوم 6 نوفمبر 1990م، حيث أشار بإعادتهن إلى وظائفهن الحكومية والاكتفاء بما لقينه ولقيته أسرهن من هجوم مسعور من قبل التيار الصحوي. ومنذ تلك الحادثة اتخذه التيار عدوّاً له، حتى إذا استلم منصبه رئيساً لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وجدها الحركيون والحزبيون من منسوبي الهيئة والمتعاونين معها فرصة للثأر منه، ولم يتورعوا عن تحطيم سيارته وسيارة ابنه، وتهديده بالتصفية؛ كما صرح في عدة مناسبات كان آخرها في برنامج (المختصر) مع ياسر العمرو في قناة mbc. ورغم خطورة ما واجهه فقد مضى في الإصلاح وإنقاذ الشعيرة العظيمة بكل ما عرف به من إصرار قائلاً : «البناء أسهل من الهدم»، على العكس من المسلمة المعروفة، ولم يطلب الإعفاء من منصبه مطلع 2015م إلا وقد وطد الفكر الإداري المؤسسي القائم اليوم في جهاز الحسبة.
مشاركة :