أجبر تمترس مقاتلي «داعش» وسط الأهالي في الموصل القوات العراقية على تجنب استخدام الأسلحة الثقيلة، فيما تقع اشتباكات عنيفة بالأسلحة الخفيفة داخل الأحياء الضيقة في المدينة القديمة. وقال ضابط في «الشرطة الاتحادية» لـ «الحياة» إن «القوات بدأت تولي أهمية أكبر لعمليات القنص نشرت المزيد من وحدات القناصة وخففت الاعتماد على الأسلحة الثقيلة والمتوسطة، إلا في حالات الضرورة والتأكد من طبيعة الهدف بغية الحفاظ على أرواح المدنيين والأبنية الأثرية في المنطقة، خصوصاً أن التنظيم يحاول من خلال استغلال المدنيين دروعاً بشرية إثارة غضب السكان على القوات المحررة وكسب المزيد من الوقت بعد تحييد الطيران والأسلحة الثقيلة». وأشار إلى أن «الاعتماد على القنص يتطلب التأني والصبر ورصد تحركات العناصر الإرهابية وقناصيها الذين غالباً ما يكونون فوق أسطح منازل يحتمي في داخلها مدنيون، وهؤلاء القناصة يمتلكون القدرة على المناورة والتخفي والانتقال من موقع إلى آخر، عبر فجوات فتحوها بين المنازل، وهذا ما يحصل الآن في المدينة القديمة، ويمكن تسميته حرب قناصة». وقال المحلل الأمني هشام الهاشمي إن «فقدان داعش غالبية كتائبه الخاصة ومخازن سلاحه في أحياء الرفاعي والنجار والإصلاح الزراعي، أقفل الباب على قادة وحداته لعرقلة تقدم القوات، وتفيد شهادات من الداخل بأن هذه القيادات قررت ترك كل الأحياء غرب الساحل الأيمن والاكتفاء بالسيطرة على الأحياء المحصورة بين حي 17 تموز والمدينة القديمة واستعمال ضفة النهر الغربية للمناورة والقصف العشوائي». وأضاف أن «هدف التنظيم جمع المدنيين في المنازل واستهداف أسطحها لقنص الجيش لاستمالة الرأي العام وتحييد السلاح الثقيل في معركة استنزاف طويلة، أكثر دمارا للأرض وفق سياسة الأرض المحروقة». وتتقدم قوات «جهاز مكافحة الإرهاب» «ببط من جهة الأحياء الغربية بمحاذاة المدينة القديمة في مناطق اليرموك والمطاحن والبورصة ورجم حديد، وهي تخوض حرب شوارع وهناك صعوبة في التقدم، على رغم إحراز بعض المكاسب». وأفاد مصدر عسكري بأن «داعش ما زال يشن قصفاً عشوائياً على الأحياء السكنية ويوقع قتلى وجرحى بين المدنيين». وأكدت وكالة «أعماق» التابعة للتنظيم أن «أكثر من 40 مدنياً قتلوا وأصيب حوالى 35 آخرين في قصف جوي ومدفعي على الأحياء الغربية»، وبثت شريط فيديو للمجمع الطبي الذي يقع في حي الشفاء يظهر جانباً من الأضرار التي لحقت به. إلى ذلك، دعا النائب عن محافظة نينوى زاهد الخاتوني في بيان «القيادات العسكرية إلى تعديل خططها القتالية في المدينة لتقليل الخسائر بين المدنيين»، وحض التحالف الدولي على «عدم الاعتماد على القصف الجوي لضرب أهداف غير دقيقة يذهب ضحيتها مئات المدنيين مقابل أعداد قليلة من مقاتلي التنظيم». من جهة أخرى، تسعى قوات من الجيش و «الحشد الشعبي» للسيطرة على ما تبقى من منطقة بادوش، بعدما تمكنت من الوصول إلى حدود الجانب الأيمن، شمال المحور الغربي. وأعلنت قوات الحشد في بيان أن «كتيبة الصواريخ استهدفت منطقة البوشيكة بصواريخ البتار وحققت إصابات مباشرة، ما دفع عناصر داعش إلى الهروب من المنطقة»، لافتة إلى أن «القصف يأتي تمهيداً لتحريرها من دنس الإرهابيين». وأضافت أن «طيران الجيش فجر عجلة مفخخة في منطقة العكيدات». وتفيد تقارير الأمم المتحدة بأن حوالى 600 ألف مدني ما زالوا في الجانب الغربي للمدينة بعد أن فر منها حولى 200 ألف منذ بدء عمليات المرحلة الثالثة من استعادة الموصل في شباط (فبراير) الماضي.
مشاركة :