فاز الأخضر على العراق، وتقدَّم خطوة مهمة في الطريق إلى مونديال روسيا 2018م. وهذا بالطبع لا يعني التسليم بالوصول وتحقيق الحلم بقدر ما يتطلب زيادة التركيز والاهتمام في المرحلة القادمة، وبكل تفاصيلها الفنية والإدارية والمعنوية وحتى الإعلامية.. شخصيًّا، وكثيرون يتفقون معي على أن المدرب مارفيك هو الرقم الصعب والمؤثر القوي على مسيرة المنتخب واستمراره منافسًا ومتصدرًا لمجموعته الحديدية. ويبرز في هذا الجانب دوره في استقرار الأخضر على قائمة واحدة منسجمة مع بعضها، لكن هذا لا يمنع من التشديد على ضرورة التحضير جيدًا للقاء أستراليا المفصلي، وبخاصة فيما يتعلق بالمباريات التجريبية، ولكونه يأتي توقيتًا أثناء توقُّف موسمنا الكروي، وبعد انتهاء منافساتنا المحلية، وتأثير هذا على اللاعبين بدنيًّا ولياقيًّا ونفسيًّا، أي أن إدارة المنتخب مع المدرب مطالبون بأخذ هذه مجتمعة بعين الاعتبار تحسبًا لما ذكرت للقاء يُعد حاسمًا إلى حد بعيد، بل إن الفوز فيه سيمنحنا بإذن الله بطاقة التأهل الخامس لكأس العالم. سر الهلال! رغم الغيابات الكبيرة والمؤثرة في الصفوف الهلالية إلا أن الفريق الأزرق فاز على غريمه النصر بسهولة، وتفوق عليه مستوى ونتيجة؛ لأنه باختصار شديد كان الأفضل والأكثر استقرارًا فنيًّا وإداريًّا، إضافة إلى أنه لم يكن يعاني كما النصر في الشأن الجماهيري والشرفي والأزمات المالية والحروب الإعلامية. الفوز تتويج لتميز الهلال هذا الموسم، وامتداد لتألقه في الدوري، وتحديدًا بعد الخطوة البارعة من إدارته بسرعة الاستغناء عن مدربه السابق الأورغوياني ماتوساس، إلى جانب المبادرة إلى التعاقد مع الهداف الدولي السوري عمر خربين، وكذا تجديد عقود نجميه سالم الدوسري وسلمان الفرج.. هذه كلها لم تأتِ من فراغ، وإنما من جهود إدارية لافتة، ودعم شرفي كبير، ساهما في تطور الهلال هذا الموسم وتفوقه على منافسيه بشكل يجعله مؤهلاً وجديرًا بنيل أكثر من بطولة محلية. كما يأتي القرار الحكيم من إدارة الأمير نواف بن سعد بالاستعانة بطواقم حكام أجانب في جميع مباريات الدوري والكأس أحد أسباب بروز الهلال وتحقيق نتائجه المبهرة، وبالذات في الدوري وكأس الملك.. ما تقدم يثبت أن النتائج الجيدة في الأندية لا تتحقق إلا بتوافر الأدوات والظروف التي تساعد على تحقيقها، ولا تتوقف على الإدارة أو المال فقط، وإنما بالأجواء الصحية من مكونات النادي كافة الخالية من الضغوط والتدخلات والمؤامرات من داخل النادي وخارجه، وهذا بالضبط ما رأيناه في الأهلي الموسم الماضي؛ ما جعله يظفر ببطولة دوري غابت عنه ما يقارب 34 عامًا. أنصفوا كحيلان المتابع للأحوال النصراوية على صعيد ما يطرح في وسائل الإعلام المختلفة يجد أن معظم الإعلاميين النصراويين منقسمون حد التطرف، ليس على المدرب أو اللاعبين أو أعضاء الشرف، وإنما فقط حول الرئيس الأمير فيصل بن تركي، واختزال كل شيء في شخصه. فريق معه لدرجة الدفاع عنه باستماتة في عز إخفاقاته، وآخر ضده تفرغ لمحاربته وتشويه صورته وتاريخه وإنجازاته. قليلون جدًّا تحدثوا عنه بحيادية وإلمام، وبلغة نقد مقنعة منصفة، سواء له أو عليه. خروج النصر الأخير من كأس الملك على يد الهلال جسَّد هذه الحقيقة بشكل واضح؛ فهناك من حاول تبرير الخسارة في عوامل فنية وإدارية أخرى لإبعاد الرئيس بها لأجل تبرئته، في حين وجدها الفريق الآخر فرصة لتصفية حساباته والنَّيل منه والتطاول عليه بصورة ظالمة وغير مؤدبة، لا تليق بمكانة الأمير فيصل وبخدماته وحبه ووفائه وعطائه لناديه، وأيضًا نجاحاته التي من خلالها أعاد النصر للواجهة وللمنصات والبطولات بعد غياب ما يقارب العشرين عامًا.. كثيرون بنوا قناعاتهم ضد الأمير فيصل بسبب حسين عبدالغني، ويرون أن الأخير هو من ضيع النصر وطفش المدربين والإداريين وأعضاء الشرف.. لكن لو عدنا للمواسم الماضية، وحتى الموسم الأخير، لوجدنا أن هؤلاء هم قبل الأمير فيصل من تصدى لكل من انتقد تجاوزات وتصرفات حسين، وهم من رفعه إلى منزلة الرمز والأسطورة، وغض الطرف عن تهوره تجاه زملائه في النصر وفي الأندية الأخرى. كذلك بالنسبة للحارس عبدالله العنزي، فمن يهاجم الآن إدارة الأمير فيصل على عدم حزمها في التعامل مع غيابه عن التدريبات هو نفسه من اخترع أنواع الأعذار والقوانين لتبرير غيابه غير مرة عن معسكرات المنتخب، بل إن هناك أعضاء شرف مؤثرين وإعلاميين يتطاولون عليه اليوم، وهم من صاغ المدائح والقصائد، وأطلقوا أجمل الألقاب على الأمير فيصل قبل شهر من الآن، ولا نقول عام أو أعوام، حينما وقّع مع عوض خميس لمجرد أن اللاعب وقّع قبل ذلك مع الهلال.. صفتي الإعلامية تجعلني أقف مع كل قلم نزيه أمين، يكتب بإنصاف، وبحسب المستجدات والأحداث سلبًا أو إيجابًا، سواء مع رئيس النصر أو أي شخص آخر أو جهة كانت.. نعم للأمير فيصل أخطاء من الضروري الإفصاح عنها، ومحاسبته وإدارته عليها، وفي المقابل له إيجابيات وإنجازات لا يجوز مهنيًّا وأدبيًّا وأخلاقيًّا طمسها وتحميله وحده دون غيره مسؤولية أي إخفاق، وكأنه لا يوجد في النصر أعضاء شرف ولاعبون ومدربون وإعلاميون وحتى جماهير، جميعهم يعدون - كما في سائر الأندية - شركاء في النجاح والفشل.
مشاركة :