لم توفق الأمم المتحدة في ردها على التحالف العربي الذي طلب من الأمم المتحدة أن تشرف على ميناء الحديدة الذي بات هو المنفذ الوحيد للحوثيين بعد أن فقدوا كل الموانئ اليمنية على ساحل بحر العرب والبحر الأحمر، وهنا لابد من إيضاح جزء قد لا يدركه الكثيرين وهو أن التحالف العربي ومنذ انطلاق «عاصفة الحزم» يسيطر تماماً على كل المنافذ البحرية والجوية والبرية للجمهورية اليمنية، وعلى اعتبار أن الحرب لا تستهدف إطلاقاً المواطن اليمني، بل مليشيات الحوثي وحليفهم المخلوع علي عبدالله صالح، فلقد تم وضع عدة اعتبارات تضمن دخول كافة المواد الغذائية والدوائية وحتى التجارية بشكل طبيعي شريطة تفتيش مسبق.. فالطائرات تخضع لإجراء التفتيش في مطار بيشة السعودي، بينما تخضع السُفن التجارية والإغاثية للتفتيش في جيبوتي قبل أن تتوجه إلى ميناء الحديدة. تقطع السفن التي يتم تفتيشها من جيبوتي إلى الحديدة مسافة أربعمائة ميل بحري، تتخلل هذه المسافة الطويلة عشرات الجُزر الصغيرة، وفيما تتواجد سُفن إيرانية تجارية وحربية في المياة الإقليمية سواء في بحر العرب أو البحر الأحمر وحتى في مضيق باب المندب تبدأ هنا عمليات تهريب للسلاح والمخدرات وحتى البشر عبر قوارب صيد صغيرة تستخدم الجُزر لتمرير كل هذه الممنوعات لتصل إلى ميناء الحديدة كمحطة وصول أخيرة. منذ اندلاع الأزمة اليمنية تحول ميناء الحديدة إلى الميناء الرئيسي فهو يستقبل ما بين 70 % إلى 80 % من المساعدات الإنسانية وحتى التجارية.. ويستقبل الحوثيون هذه المساعدات في صالح المجهود الحربي كما يطلقون عليه، كما أن الرسوم الجمركية العالية التي فرضتها المليشيات الحوثية رفعت قيمة المواد الأساسية بشكل هائل مما يترتب عليه مزيد من معاناة السكان وهو جزء من تعريض اليمن إلى مجاعة غير مسبوقة في تاريخ اليمن. يعيش السكان بسبب رفع مضاعفة الضرائب وضعاً بائساً زاد من خلال انهيار قيمة الريال اليمني أمام الدولار الأمريكي بعد أن وصل الاحتياطي النقدي في البنك المركزي في صنعاء إلى أدنى مستوى له بسبب صرف الاحتياطي المقدر بأربعة مليار دولار أمريكي في دعم المقاتلين الحوثيين وتوزيع الأموال بين شركاء الانقلاب. في المقابل فإن خطورة ميناء الحديدة يبقى في أنه المنفذ الأخير الذي تصل منه الصواريخ والأسلحة الإيرانية للانقلابيين، ولعل هجماتهم المتزايدة سواء من خلال تهديد الملاحة في باب المندب والاعتداء على الفرقاطة السعودية وسفينة المساعدات الإماراتية (سوفت) وإطلاق الصواريخ على البوارج الأمريكية منذ أكتوبر 2016م يضع التحالف العربي أمام مسؤولية حماية الممرات المائية من جهة ومن جهة أخرى إيقاف تهريب السلاح والصواريخ التي تستهدف بها المليشيات الحوثية الأراضي السعودية. إعادة تأهيل ميناء المخا لاستقبال السفن التجارية والإغاثية إضافة إلى تفعيل موانئ عدن والمكلا خطوات يجب أن تتسارع ويبدأ التحالف العربي بالتعاون مع الأمم المتحدة باستلام كافة الشحنات وإيصالها إلى أكثر من 15 مليون يمني يقبعون حالياً في مناطق نفوذ المليشيات الحوثية، كما أن هذا الإجراء سيحرم الحوثيين من ملايين الدولارات تمثل إيرادات ميناء الحديدة، وهو ما سيزيد الضغط على هذه المليشيات لترضخ للحل السياسي المطروح بدون تكلفة بشرية يدفعها المواطنيين اليمنيين.
مشاركة :