يعرف الزعماء الأكراد أن كردستان بعلمها وبرلمانها وحكومتها وسفاراتها هي كذبة لا يمكن الترويج لها إلا في إطار عراق ضعيف، متهالك ينخره الفساد ولا أحد في إمكانه أن يتنبأ بمستقبله. بين حين وآخر يطلق مسعود البرزاني رئيس إقليم كردستان تصريحات ساخنة عن قرب الإعلان عن دولته المستقلة، وهو ما صار زعماء الشيعة في بغداد يتعاملون معه باعتباره نوعا من الابتزاز. الامر الذي دفعهم الى اهمال تلك التصريحات التي يعرفون أنها ليست جادة، بالرغم من أن يعتمدون على الصمت الكردي في حربهم المفتوحة على العرب السنة. وكما يبدو فإن الإهمال الشيعي قد دفع الزعماء الأكراد إلى اللجوء إلى الورقة الأخيرة في مسيرة الابتزاز. لم تكن تلك الورقة سوى كركوك، أولى مدن العراق النفطية. هناك رفع محافظ كركوك الكردي المعين من قبل بغداد أعلام الاقليم الكردي ليعلن ضمها غير الرسمي إلى الدولة الوهم. في ظروف العراق الحالية لا يشكل ضم كركوك رسميا إلى كردستان من أجل أن تكون جزءًا من الدولة المنشودة أمرا صعبا. لا أعتقد أن حكومة بغداد سيكون في إمكانها أن تفعل شيئا. بل قد تكون الولايات المتحدة أول دولة تعترف بقيام ذلك الكيان من غير أن تراعي تداعيات الموقف بالنسبة للدول المجاورة. ولكن ما تعرفه الولايات المتحدة يعرفه الزعماء الأكراد قبلها. هذه دولة غير قابلة للحياة. لا لأنها عاجزة عن تسديد تكاليفها الأولية حسب بل لأن جيرانها لن يكونوا مضطرين إلى القبول بها شريكا على الأرض. شيء من اللعب بالجغرافيا الذي لا يقبله التاريخ. ليس الأكراد كائنات تاريخية إلا باعتبارهم جزءَا من الدول التي ينتمون إليها. سيكون قدر الأكراد دائما أما أن يكونوا عراقيين أو سوريين أو أتراكاً أو إيرانيين. فاروق يوسف
مشاركة :