فضائيات تلميع الصورة بقلم: طاهر علوان

  • 4/4/2017
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

مثل هذه الحملات التي تقوم بها بعض الفضائيات إنّما تقع في بؤرة تضليل الرأي العام فبدل مقاطعة تلك النماذج من السياسيين الفاشلين يجري إهمال طاقات وكفاءات في كل المجالات والبحث عن السياسي الأكثر فشلا وشبهة.العرب طاهر علوان [نُشر في 2017/04/04، العدد: 10592، ص(18)] السياسي والشاشة ثنائية صارت تقدّم في بعض الأحيان ما يشبه المسلسلات المكسيكية المطوّلة بمئات الحلقات، هنا تلتبس الصورة فيما إذا كانت الشاشات والعدسات هي التي تلاحق السياسي أم العكس بأن يكون السياسي هو الذي يركض وراء القنوات الفضائية ويحشر نفسه في أي مناسبة تتيح له إمكانية الظهور. في كلّ الأحوال يمكننا القول إنّ البراغماتية السياسية صارت هي التي تحرّك تلك العلاقة الإشكالية بين الطرفين وتزداد تلك العلاقة سخونة في أوقات الأزمات وأوقات توزيع المناصب وأما خلاف ذلك فلا أثر للسياسي لا سيما في أوقات الأزمات والمصاعب، يحصل ذلك في الحالة العراقية مثلا. في المقابل لا يوجد ما يؤرّق الفضائية أكثر من سدّ فراغات البثّ اليومي، لهذا صارت إطلالة السياسيين في حوارات مطولة ومملّة أمرا معتادا، الكثير من الفضائيات صارت تفرض ذلك الضيف غير المرغوب فيه فرضا والدليل واضح بالنظر إلى التعليقات في وسائل التواصل الاجتماعي ضد ظهور ذلك السياسي أثناء ظهوره على الشاشة. وحدها تلك التعليقات هي بمثابة استفتاء مفتوح ورجع صدى حقيقي لو أن الفضائية نظرت إليه جديا وأخذت به، لكن ما يؤسف له أن تلك التعليقات عبر وسائل التواصل الاجتماعي صارت مجرّد إضافة هامشية لكي تظهر الفضائية بمظهر المتفاعل مع مستحدثات التواصل مع الجمهور المتلقّي. في المقابل لو تفحّصت في تاريخ بعض السياسيين بمجرّد عملية بحث سريعة في الإنترنت أو الصحف لوجدت بعضهم أو الكثير منهم كان ملاحقا بشبهات فساد هو وبعض أقاربه، وأنه ليس بريء الذمّة من خزينة الشعب وأنّه نكث اليمين الذي أقسم به ساعة تسلّم المنصب وأنّه أثرى ثراء غير معقول خلال مدّة وجيزة هي مدّة تسلّمه المنصب، كل هذا تغض الفضائية الطرف عنه وتقوم بعمليّة تدوير للعملية الإعلامية بتلميع صورة سياسي أصبح قوله مناقضا تماما لسلوكه وغير مقبول شعبيّا واجتماعيّا. وإذا عدنا إلى أسس ومبادئ العمل الإعلامي التي تغيب عن أذهان فضائيات التلميع وتسويق الفاشلين من السياسيين فإننا نجد في المصطلحات الإعلامية الأكثر شيوعا والتي أسست التنظير لوسائل الاتصال والميديا الحديثة مصطلح watchdog والذي يُترجَم إلى “كلب الحراسة” على اعتبار أن الإعلام هو كلب الحراسة الذي يقي المجتمع من الممارسات الخاطئة، العين الراصدة لكل أشكال الانحرافات السياسية والاجتماعية وتسليط الضوء عليها وفضحها، وعلى السياسيين ورجال المجتمع الذين يلحقون ضررا بالمجتمع ومنه استغلال المنصب للإثراء غير المشروع أو إسناد المناصب على أساس المحسوبية والعلاقات الشخصية والعائلية وتلك جميع الموبقات التي تتجاوزها الفضائية في ترويجها لبعض السياسيين الذين هم في الحالة العراقية الأكثر فسادا والأقل كفاءة. إنّ مثل هذه الحملات التي تقوم بها بعض الفضائيات إنّما تقع في بؤرة تضليل الرأي العام فبدل مقاطعة تلك النماذج من السياسيين الفاشلين يجري إهمال طاقات وكفاءات في كل المجالات والبحث عن السياسي الأكثر فشلا وشبهة، فما الغاية ولماذا تمعن الفضائية في كلّ هذا؟ هل هي صدفة ومجرّد عمليّة سد للفراغ أوقات البثّ أم أنها عملية مدروسة ومقصودة وجزء من حملة إشاعة ظواهر الفساد وتجذيرها وترسيخ رموزها لإشعار المجتمع بالعجز واللاجدوى وأن ليس بالإمكان أفضل مما هو كائن؟ كاتب عراقيطاهر علوان

مشاركة :