صحافة لتحسين صورة الرئيس بقلم: طاهر علوان

  • 10/31/2017
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

لا يبدو الرئيس الأميركي الحالي هو الوحيد من بين رؤساء الولايات المتحدة الذي لا يطيق الصحافة ما دامت لا تستجيب لما يريد ولا تظهره كما يحب.العرب طاهر علوان [نُشر في 2017/10/31، العدد: 10798، ص(18)] ليس هنالك ما يشعرك أنك تعيش في عالم متحضّر ومتمدّن أكثر من سماعك قصة الفصل بين السلطات وتقديس الحريات الأساسية للبشر وبما فيها الفضاء الحر للصحافة. وتزداد طربا كلما سمعت خبرا عن رفض صادر من أعلى المستويات لانتهاك الحريات الصحافية كما هو حاصل في انتقاد انتهاك الحريات الصحافية في تركيا مثلا. ويزيد الشعور بهذا الترف الحضاري أن تجد القلعة الكبرى المدافعة عن الحقوق والحريات من حول العالم ممثلة في الولايات المتحدة وهي لا تترك شاردة ولا واردة في أي بلد في العالم إلا وشملتها في تقارير الخارجية السنوية عن الحقوق والحريات. ويبلغ الازدهار الصحافي مداه عندما تقرأ عن إحصائيات توزيع الصحف الأميركية التي تصل إلى عدة ملايين من النسخ الورقية سنويا في طول الولايات المتحدة وعرضها وحيث يجري استثمار مليارات الدولارات في الميديا وفي الصحافة خصوصا. ومن حسن طالع صحافة أميركا وهي في قمة مجدها أنه لا يكاد يُنشر عمود رأي أو تحقيق في واحدة من الصحف الأميركية الكبرى حتى يجري تلقفه من حول العالم، فصحافة أميركا لا تشبه صحافة غيرها من الأمم تأثيرا وانتشارا ونفوذا. في وسط هذا يظهر راعي حرية الإعلام والصحافة بحكم مهامه الدستورية إلا وهو الرئيس الأميركي مفنّدا أباطيل تلك الصحافة ومواصلا صراعه الشرس معها ويمعن في اتهامها بأنها متفرغة لتشويه سمعته. هذا السجال امتد لزمن ليس بالقصير، ومنذ تسلم الرئيس مقاليد الحكم وهو يطل بين الحين والآخر مهاجما الصحافة التي يرى أنها ليست على وفاق معه. صحيفة الأندبندنت البريطانية كانت قد خصصت لظاهرة العراك بين ترامب والصحافة تغطية شاملة قبل بضعة أشهر وتوصلت إلى حصيلة نهائية مفادها أنها حرب حتى النهاية ولن تتوقف أبدا لسبب مهم وجوهري وهو أنّ لا الصحافة ستغير نهجها وتقاليدها ولا الرئيس سيكف عن الانتقاد لأنه لا يجد في تلك الصحافة ما يريده. مع كل هذا لا يبدو الرئيس الأميركي الحالي هو الوحيد من بين رؤساء الولايات المتحدة الذي لا يطيق الصحافة ما دامت لا تستجيب لما يريد ولا تظهره كما يحب بل إن الرئيس ثيودور روزفيلت وهو الرئيس السادس والعشرين للولايات المتحدة أمعن في انتقاد الصحافة من حوله واتهمها بالتدخل في شؤون لا تخصّها ولا تقوم بواجباتها الصحافية المحضة. الرئيس نيكسون كان من الحانقين على الإعلام أيضا، فقد ظهر في مناظرة فاشلة مع الرئيس كينيدي وأنحى باللائمة فيها للحملات الصحافية المشينة وغير العادلة بينما الصحافة كانت تنقل ما شاهده الملايين على شاشات التلفزيون بالأبيض والأسود وفيما المرشح الرئاسي نيكسون كان آنذاك مرتبكا ويتصبب عرقا ولم يكن العيب في ما نقلته الصحافة والتلفزيون لكن نيكسون لم يتسامح مع الاثنين إبان حملته الانتخابية. الصحافة الأميركية نقلت أيضا انطباعات الرأي العام بخصوص نجاح الرئيس رونالد ريغان في المناظرة ضد نيكسون، تلك المناظرة التاريخية التي تفوق فيها ريغان بشكل ملفت للنظر واستخدم الإعلام بشكل مختلف عن سابقيه لا سيما وهو يتنقل بنظرته بين الكاميرات مما لم يكن مألوفا من قبل ولا قد عرفه رؤساء أميركا بالشكل الذي قدّمه ريغان في مقابل سخط خصمه وعدم رضاه عن استطلاعات الصحافة. في هذه الأجواء سيعيد الرئيس الأميركي الحالي الكرّة ويسدد ضربة جديدة للصحافة المغرضة وغير الموضوعية التي وصلت إلى مستوى الإشارة إلى أنه ذلك الرئيس الوقح، وهو ينفي ذك عن نفسه ولكنه في نفس الوقت يجد نفسه عاجزا عن إيجاد حل مع الصحافة التي لا تعجبه فالفريقان يسيران باتجاهين متعاكسين وكلّ يرى أنه على صواب والرئيس عاجز عن إيجاد صحافة واسعة الانتشار تلمّع له صورته وتمجّد شخصه وأفعاله وتاريخه، وذلك ما يؤرق الرئيس حتى الساعة. كاتب عراقيطاهر علوان

مشاركة :