روبرتو سافيانو:" البنوك الأوربية تبحث عن أموال المافيا بسبب نقص السيولة"

  • 4/5/2017
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

حياته ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالمافيا التي أدانها منذ أكثر من عشر سنوات في كتابه “غومورا“. منذ ذلك الحين، يعيش الكاتب الايطالي روبرتو سافيانو في السر هرباً من التهديدات بالقتل لأن كتابه هاجم المافيا. لكن ذلك لم يمنعه من مواصلة البحث عن الجريمة الدولية، والمخدرات، والمال، والعنف الذي يغذيها. مراسلتنا، ايزابيل كونار، التقت بالكاتب روبرتو سافيانو في مهرجان إيتاليسيمو بباريس. إيزابيل كومار اشتهرت بكتابك “غومورا” قبل عشر سنوات. في عالم المافيا عشر سنوات وقت طويل جدا، ما هي الطرق الرئيسية التي تغيرت في مجموعة“غومورا“؟ روبرتو سافيانو التغيير الكبير الذي حدث في السنوات الأخيرة يرتبط بالأجيال. اليوم، الرؤساء فوضوا الشباب للسيطرة على الإقليم. كما لو كانوا في عزلة أرستقراطية لمنح السلطة لشباب تتراوح أعمارهم بين 15 و 20 عاماً، انهم ليسوا “عصابات أطفال“، بل مافيا حقيقية، بقواعدها، وعنفها العسكري غير المعقول، وإدارة الاتجار بالمخدرات. الثورة الرئيسية تتعلق اساساً باعمارهم، وأيضا لأن شاباً في العشرين من العمر، أكثر استعداداً للموت. إيزابيل كومار وصف القضاء هذه الجماعات بانهم“إرهابيون في المناطق الحضرية“، هل هناك صلة بينهم وبين الجهاديين الذين انضموا إلى جماعات كتنظيم الدولة الإسلامية؟ روبرتو سافيانو كلا، لا توجد روابط هيكلية، لا صلة لهم بجماعات جهادية بل هناك روابط ثقافية. بمعنى أن اليوم، شاب من نابولي، من المكسيك من جنوب أفريقيا اشبه بشاب من شمال أفريقيا قرر الانضمام إلى داعش. هناك ثقة مشتركة هي فقط، المستعد للموت هو الذي سيصح ثرياً، سيترك أثراً، سيحدث فرقا. اليوم، وفقا للمافيا، لا تبرز من خلال العيش بشكل مختلف بل عن طريق الموت بشكل مختلف. مثلاً، الأطفال الذين قمتُ بدراستهم في بلدي في السنوات الأخيرة، يكتبون على الفيسبوك أنهم لن يعيشوا لغاية سن الخامسة والعشرين، بل ولا حتى العشرين. بالنسبة لهم، شخص في الثلاثين من العمر هو شخص فشل في حياته.روبرتو سافيانو *أول كتاب اصدره روبرتو سافيانو هو “غومورا“، في العام 2006، فاشتهر كثيراً *“غومورا “، أثار غضب المافيا، سافيانو بعيش مختبئاً منذ ذلك الحين *كتابه” صفر صفر صفر“، عن تجارة الكوكايين، حصل على أفضل المبيعات على الصعيد الدولي *نشر كتابا جديدا هو “لا بارانزا دي بامبيني” إيزابيل كومار تصف هذا في كتابك الجديد “ بارانزا دي بامبيني“، يبدو ان هذا يغذيه الشعور باليأس، لا فرص لهؤلاء الشباب، هناك انحلال حضري هائل في هذه المراكز، خاصة في نابولي. بالنسبة لك، نابولي رمز للعديد من المدن الأخرى في جميع أنحاء العالم ؟ روبرتو سافيانو بالتاكيد. مدن مكسيكو، ولاغوس، وريو دي جانيرو، وضواحي باريس وضواحي برشلونة، جميعها رمز لهذه القصة. نابولي وايطاليا تسردان هذه القصة وتعبران عما يحدث. هنا في فرنسا، مثلاً، النقاش برمته يتعلق بالآثار وليس بالأسباب. الضواحي الفرنسية تغرق باموال الجريمة لكنهم يتحدثون عن آثارها فقط، عن التجار والمهاجرين. لكن هذا المهاجر، هذا التاجر يتلقي أموالاً من المافيا الفرنسية، مافيا مرسيليا وكورسيكا. تبييض الأموال يتم عن طريق المالية الفرنسية مع كل هذه الأموال التي تنتهي في لوكسمبورغ. الفرق بيننا، أقصد نابولي، وبقية الدول، خاصة بقية أوروبا هو أننا نتحدث. بقية أوروبا لديها صعوبة الإعتراف بهذه القصص. إيزابيل كومار في أوروبا إذا ركزنا عليها، هل هناك بعض النفاق، تقول أن هذه القضايا يتم التحدث عنها في إيطاليا وان الزعماء الأوروبيين لا يتحدثون عنها. هل هذا خيارٌ؟ روبرتو سافيانو أكثر ما يبعث على الدهشة، هو حين نلاحظ أن في النقاش السياسي الفرنسي: لا يوجد مرشح فرنسي واحد يعرف هذه القصة. هناك الذين يتحدثون عن عواقب الهجرة، حسنا، لكن من يعطي هذه الأموال في هذه الضواحي الجنائية؟من اين تاتي؟ من يجلب الكوكايين؟ كيف يتم غسل الأموال؟ من يشتري المنازل؟ لا أحد يعرف شيئاً عن كل هذا… جانب من الشرطة، وبعض الصحفيين المتخصصين فقط، والآخرون ينظرون في اتجاه آخر. إيزابيل كومار هل غض النظر هذا ناجم عن حاجة الاقتصاد لهذه الأموال غير المشروعة؟ لقد تحدثت عنها وعن غسل الأموال، انها أرقام فلكية، لذا، خلال الركود الاقتصادي، سحب هذه الأموال قد يؤدي إلى انهيار هؤلاء القادة وهذا امر غير مرغوب فيه ؟روبرتو سافيانو * بالتأكيد. من بين الأسباب، اذا فرضتم القوانين ضد غسل الأموال، فانكم ستعملون على حجب الكثير من الأموال القادمة من الاتجار بالمخدرات، من الشرق الأوسط، وأموال التهرب الضريبي. منع المافيا، سيؤدي أيضا إلى منع نوع آخر من رأس المال الذي نحتاج اليه. بهذا المعنى، أوروبا تخلت عن فرضية امكانية السيطرة على الأموال النظيفة . والبريكسيت مثال على ذلك. البريكسيت كان يعتمد على إرادة تحويل إنكلترا إلى جزيرة ملاذ آمن”. إيزابيل كومار إذا أصبحت المملكة المتحدة ملاذا آمناً، أو كانت سابقا، كيف ترى خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي في ذلك؟ كيف ترى مستقبل المملكة المتحدة حين يتعلق الأمر بغسل الأموال غير المشروعة، هذا المركز غير القانوني للنشاط؟ روبرتو سافيانو أظهرت مجموعة الشفافية أن بريطانيا هي الأمة الأكثر فسادا في العالم، ليس فيما يتعلق بالسياسة أو الشرطة، بل فيما يتعلق بإعادة تدوير الأموال القذرة. لا يوجد انكليزي واحد يعتقد انه في البلد الأكثر فساداً في العالم، لأنه لا يعتقد بامكانية شراء الشرطة، أو أن نظامه السياسي فاسد، لكنه لا يعرف أن نظامه المالي فاسد تماما. ماذا أعني “ بالفاسد“؟ أعني عدم وجود ضوابط على المعاملات المالية، ليس فقط في لندن بل وأيضا في مالطا، و“جبل طارق”:http://arabic.euronews.com/2017/04/03/spain-tells-britain-to-calm-down-over-gibraltar ، وجيرسي. هذه هي الأبواب التي من خلالها تدخل الأموال لبريطانيا دون رقابة. في الماضي، بنما كانت مركزَ إعادة التدوير، اليوم لندن. وبنما انتقمت فيما يتعلق بأوراق بنما. أوراق بنما كانت انتقاماً، لاظهار أسماء، انتقاما من منافس أصبح لندن.” إيزابيل كومار تقرير جديد ليوروبول يبين كيف أن هذه المجموعات الدولية، مجموعات المافيا هذه، استخدمت التقنية بشكل كامل للحفر أعمق ولمزيد من الإختباء من السلطات، عمليا، هل تتبع هذه المجموعات والقبض عليها سيكون أمراً مستحيلا؟ روبرتو سافيانو لو كانت هناك قوانين حقيقية لمكافحة غسل الأموال. اليوم، تتبع الأموال اسهل من السابق بسبب النظام. لأننا لم نعد نتعامل مع البنوك، لدينا معاملات الكترونية تترك آثاراً على الإنترنت. المشكلة هي أن هناك الكثير من الأماكن التي يمكن فيها اجراء هذه المعاملات والعمل على اختفائها. كل بلد أوروبي له خزائن خاصة به، إسبانيا لديها أندورا، ألمانيا لديها ليختنشتاين، فرنسا لديها لوكسمبورغ والجميع لديه سويسرا! اذاً، من السهل اخفاء الأموال في أوروبا. سابقاً، البنوك كانت تخشى من أموال المافيا، كان هذا في ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي. الآن، انها تبحث عن أموال المافيا بسبب نقص السيولة ولأن الأزمة الاقتصادية وضعت النظام المصرفي على ركبتيه. لذا، تم تخفيض أنظمة الدفاع في البنوك بشكل كامل و (المافيا) يمكن أن تدخل. إنها ظاهرة جديدة نسبيا. المافيا كانت تواجه مشكلة غسل الأموال في البنوك الأوروبية، كانت تتعامل مع بنوك في أمريكا الجنوبية وآسيا، اما الآن فأنها دخلت في الاقتصاد القانوني. إيزابيل كومار “هذه اتهامات قوية جداً. هل توجد تعليقات سياسية عما تقوله أم لا تدري؟” روبرتو سافيانو التعليقات يومية. لا يُرحب بي في الدول التي أزورها لأنهم يقولون لي دائما “هذه مشكلة إيطالية، انك تتحدث عن بلدك”. غالباً ما أتهم بالمبالغة، أو اختراع أو تكرار الأمور المعروفة. كل ما تحدثنا عنه اليوم ليس مخفياً، لكنه لم يُلاحظ، هذا هو التناقض. في هذه الأيام، الاهتمام يتركز على الإرهاب، لهذا فان المافيا، أموال المافيا، غسل الأموال، أمور تتم بحرية مطلقة. إيزابيل كومار تظهر التقارير أن عالم الجريمة في أوربا يستغل أزمة اللاجئين، تهريب البشر أصبح من الجرائم الأكثر ربحية، هل هذا هو ما تراه أيضاً؟ روبرتو سافيانو جميع القوارب المطاطية التي تعبر المتوسط، تدار من قبل عصابات، لكن ليس من قبل عصابات ايطالية كما نعتقد. انها مجموعة تركية وليبية ولبنانية، وهنا، اوربا لا تمتلك أي فكرة عن هذا النشاط. العصابات التي تمكنت من نقل السوريين إلى أوروبا، جميعها من المافيا التركية، كل المافيا التركية، التي تدير الهيروين في أفغانستان. وتنظيم الدولة الإسلامية، الخلافة، مثلاً، لديها ثلاثة مصادر رئيسية للربح وهي انشطة اجرامية : الابتزاز وتهريب النفط وتهريب التحف الفنية. وهناك مصدر رابع هو المخدرات، الكبتاجون او الفينيثايلين، أو الماراجوانا والتي يزرعها داعش في ألبانيا. هذا الواقع، اذا رأيناه، اما أن نختار التعامل معه وفقاً لقراءة سطحية وبهذا سنرى صدام الحضارات فقط في حين انه اشتباك بين جماعات اجرامية. إيزابيل كومار عملك يعرض حياتك للخطر، تبدو انك على استعداد للموت من أجل عملك، هل بامكانك أن تعود الى الوراء ام ان هذا هاجس عام في حياتك، كالتخلي عن أشياء، في سنك، الأسرة والمنزل، والأصدقاء. روبرتو سافيانو امكانية العودة إلى الوراء؟ اجل، هذا ممكن. لكني لن أقوم بهذا. علي الاختفاء، التوقف عن القيام بمقابلات، وكتابة الكتب، والتوقف عن القيام بعملي. هناك امران يمنعاني من القيام بهذا، احدهما هو الطموح، قدرة كلماتي على التأثير على الواقع، وهناك مسألة الانتقام، الانتقام من خلال الاستمرار في القيام بهذا على الرغم من انهم (المافيا) جعلوا حياتي مستحيلة . لا اقترح على أي شخص اتباع هذا الخيار، كان علي القيام بهذا بحذر اكبر. لو كان بامكاني العودة إلى الوراء، لقمت بهذا بمزيد من الحذر والانضباط. لقد أدركت بأنني ذهبت بسرعة كبيرة واصطدمت بجدار. إيزابيل كومار حين كتبت” غومورا“، غالباً ما كنت على ارض الواقع، تتحدث إلى الناس، تتعرض لصعوبات ما يحدث، الآن، كان لا بد من تغيير جذري لعملك، لا تستطيع القيام بهذا، كمؤلف كيف تنظر إلى تطورك؟” روبرتو سافيانو حين كنت شاباً، كنت اعاني من صعوبة الإلتقاء بالقضاة، أو الحصول على تسجيلات، اليوم انها تُرسل لي مباشرة . جميعهم يريدون أن أكشف عن التحقيقات، كم تغيرت الأمور ، ياله من أمر مدهش. من الصعب الذهاب إلى إيطاليا بالقطار بحرية تامة. مؤخراً، مع مرافقي ركبت القطار، تأثرت كثيراً، لأنني لم أستخدمه منذ 10 سنوات. الحرية ضرب من السحر، كالحال مع كل شيء، ندرك الشيء حين نفقده، كشخص نحبه، أو كالأوكسجين. وهذا هو الحال بالنسبة للحرية، حين فقدتها أدركت قيمتها. فهمت مشاعر المرضى والسجناء وجميع الذين لا يمتلكون حرية الحركة. أي وقت يمكن أن أحصل فيه على بعض الحرية، بالنسبة لي، انه يعادل الذهب . ايزابيل كومار بالاشتراك مع رجاء التميمي

مشاركة :