مطالبة نيابية بمراقبة جهاز لآخر يتبع مجلس الأمة؟!

  • 4/6/2017
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

في كثير من الأحيان يمكننا أن نتفهم أسباب مطالبات النواب المختلفة، وحتى السيئة منها، لأنها في النهاية تمثل رأي ورغبة ناخبين. إذ يمكن الاستدلال على ذلك من شعبية النواب أصحاب الطرح الطائفي، وتكرار نجاحهم في الانتخابات. وكذلك هي حال الطرح ضد الوافدين، وما كان يُطرح سابقاً ضد المرأة قبل حصولها على حقوقها السياسية. لكن ما يصعب فهمه، هو مطالبة النائب الدكتور خليل أبل الحكومة بإخضاع ديوان المحاسبة، التابع لمجلس الأمة، لمراقبة جهاز المراقبين الماليين التابع للحكومة! وعند رفض ديوان المحاسبة هذا الاقتراح، طلب النائب من وزير المالية تحويل ديوان المحاسبة للنيابة، وإلا سيواجه الوزير المساءلة السياسية! الغريب في هذه المطالبة أن النائب يحاول التقليل من شأن وأهمية ديوان المحاسبة، الذي يمثل الجهة الرقابية الأكثر حيادية في الدولة، التي تزود النواب أنفسهم بما يحتاجون لرقابة ومحاسبة الجهات الحكومية المختلفة. فقد كان بإمكان النائب أن يطالب مجلس الأمة بتعيين أحد المدققين العالميين ليقوم بمراقبة ديوان المحاسبة، ورفع تقرير ربع سنوي للمجلس من دون الحاجة إلى كل ذلك الزخم. (يمكن المطالبة بتعديل القوانين لتسمح بذلك إذا كان فيها ما يعارض هذا التوجه). لندع المطالبة السابقة، ونحاول أن نتساءل: لماذا لم نر مطالبات للنواب بشأن حماية الثروة السمكية، التي نشر ديوان المحاسبة تقريرا خاصا لها سنة 2016، تحت عنوان «تقييم كفاءة الجهود المبذولة لحماية الثروة السمكية من الصيد الجائر»؟ حيث لم نر مطالبات للنواب ولا وجود لمشروع في خطة التنمية أو رؤية كويت 2035 لمعالجة نضوب هذه الثروة، بالرغم من كون الموضوع مهماً شعبياً، وتعالت فيه أصوات المواطنين بالشكوى من ارتفاع أسعار الأسماك المحلية. أهم ما جاء في تقرير ديوان المحاسبة عن نضوب الثروة السمكية، أصدر ديوان المحاسبة في مايو 2016 تقريره عن حماية الثروة السمكية، بالرغم من صعوبات تمثلت في عدم تعاون جهات حكومية، مثل وزارة المواصلات (أعداد السفن المرخصة)، والهيئة العامة لشؤون الزراعة والثروة السمكية (بيانات المخالفات)، ووزارة الداخلية (بيانات مختلفة). وجاءت في التقرير الملاحظات التالية: أهم الملاحظات 1ــ ارتفاع أسعار السمك بشكل مبالغ فيه نتيجة لانخفاض الإنتاج السمكي مقابل الزيادة السكانية وزيادة الطلب على الأسماك، حيث انخفض الإنتاج السمكي من 11 ألف طن في عام 1995 إلى 3 آلاف طن في عام 2013، وفي المقابل زاد عدد السكان من 3.582 ملايين نسمة في عام 2010 إلى 3.966 في عام 2013. وإن متوسط نصيب الفرد من جملة الاستهلاك يمثل حوالي 5 كيلوغرامات في العام، ويعد هذا المعدل من الاستهلاك متدن قياسا للمتوسط العالمي والمقدر بحوالي 18.6 كيلوغراما في العام. 2 ـــ تقصير في دراسة تقييم الأثر السلبي على البيئة البحرية والناتج عن أعداد سفن الجر الخلفي (الكراف)، على الرغم من الضرر الذي تسببه شباك الجر الخلفي على الثروة السمكية وتأثيرها السيء على البيئة البحرية، وذلك بالمخالفة للمبدأ السادس من المبادئ العامة لمدونة سلوك الصيد الرشيد. علما بأن بعض دول الخليج (قطر والامارات وعمان) منعت استخدام شباك الجر الخلفي لخطورتها على استدامة مصايد الأسماك. 3 ـــ عدم تطبيق نتائج دراسة معهد الكويت للأبحاث العلمية بشأن تخفيض الصيد الجانبي، وذلك بتعديل شباك الجر الخلفي. علما بأن نسبة المصيد الجانبي (Bycatch Ratio) في المصايد الكويتية، لكل كيلوغرام واحد من الربيان المصاد يقابله 74 كيلوغراما من الصيد الجانبي الذي يتكون معظمه من أسماك صغيرة وأسماك غير اقتصادية أو مرغوبة. 4 ـــ عدم وجود رقابة على الباعة المتجولين، وتكمن خطورة البيع خارج السوق في تشجيع الصيد في أوقات الحظر، بالإضافة إلى الغش التجاري، حيث لا يتم التحقق من صلاحية وسلامة الأسماك، فيتم بيع أسماك مخالفة أو فاسدة أو تباع على أنها أسماك محلية طازجة في حين أنها مستوردة، فضلا على أن الكميات المباعة خارج السوق لا يتم تسجيلها ولا تدخل ضمن إحصاءات الناتج المحلي التي تعدها الإدارة المركزية للإحصاء، مما يجعل إحصاءات المصيد غير دقيقة. 5 ــ عدم تفعيل توصيات معهد الكويت للأبحاث العلمية بشأن تحديد كميات الصيد للمحافظة على حجم المخزون السنوي. 6 ــ عدم وجود اتفاقية للتعاون الإقليمي مع دول الجوار لضبط تعديات سفن الصيد التي تجوب المياه الدولية، حيث أن عواقب استنزاف المخزون السمكي ستطال جميع الدول المطلة على المياه المقسومة دون استثناء. علما بأن %31 من الإنتاج المحلي للربيان في السوق يأتي من المياه الدولية. 7 ــ عدم ربط الدعم بكمية الإنتاج السمكي للسفينة أو القارب، حيث يتم ربطها بنظام متابعة الرخص العاملة بعدد الطلعات في السنة، وذلك بعمليات خروج ودخول شكلية بغية الحصول على الدعم، ولتلافي عمليات التلاعب، فإنه من المناسب أن يتم ربط الدعم بكمية الإنتاج السمكي للسفينة. أهم التوصيات 1. ضرورة المحافظة على الثروة السمكية والعمل على تنمية موارد البيئة البحرية وزيادة المخزون السمكي لسد الحاجة المتزايدة من الاستهلاك المحلي، وذلك من خلال الاستثمار في نشاط الاستزراع السمكي والاستفادة من مخرجات أبحاث معهد الكويت للأبحاث العلمية في هذا المجال، وكذلك زيادة الاستيراد لتعزيز العرض بتبني سياسات وبرامج الدعم لتحفيز زيادة الكميات المستوردة وتسهيل الإجراءات، وعقد اتفاقات دولية وثنائية ذات الصلة، فضلاً عن منع تصدير الأسماك. 2. وضع آلية لتشديد الرقابة والسيطرة على أنشطة الباعة الجائلين مع العمل على بحث الأسباب التي تؤدي الى بيع الصيادين للسمك خارج السوق، وذلك بمراقبة حركة خروج المصيد من النقع كتسوير النقع والموانئ ومنع إخراج المصيد دون تصريح. 3. تعديل شباك الجر الخلفي القاعي من خلال تركيب أدوات تخفيض الصيد الجانبي، والتي تسمح بخروج الأسماك الصغيرة غير المستهدفة من الشباك للتخفيف من الآثار الضارة لشباك الجر الخلفي، والتي تسبب وفيات الأسماك والكائنات البحرية الصغيرة بكميات كبيرة. 4. فرض حظر على بعض أنواع الأسماك ذات القيمة الاقتصادية العالية (الصبور، النقرور، الهامور) للسماح بتكاثرها (الهامور حتى يبيض يحتاج 5 سنوات، والنقرور 3 سنوات، والزبيدي سنتين) وذلك لتقيل الجهد المبذول على المصيد واتاحة الفرصة لإعادة بناء المخزون السمكي المحلي. 5. الانتهاء من إعداد اللائحة التنفيذية الخاصة بالقانون 42 لسنة 2014 بشأن حماية البيئة وتعديلاته بالقانون 99/2015، واعتمادها حتى يتسنى للجهات المعنية ممارسة مهامها الرقابية وفقا لمتطلبات القانون. 6. تعديل اللوائح والقوانين اللازمة لتفعيل آلية إلغاء التراخيص الموقوفة أو المسجل ضدها عدة مخالفات جسيمة. 7. سن قوانين وقرارات رادعة لمخالفات الصيد في مواسم الحظر ونطاق الأميال الثلاثة، خاصة أن المناطق الساحلية هي محاضن لصغار الأسماك، كما أن مواسم الحظر هي مواسم خصصت للسماح للأسماك الصغيرة لأن تنمو وتتكاثر، مع تشديد الرقابة البحرية على الصيادين والهواة، والحزم في مخالفة المتجاوزين. 8. إيقاف نقل ملكية رخص الصيد بين الأفراد او بالوراثة، وقيام الهيئة العامة لشؤون الزراعة والثروة السمكية بإعادة توزيعها على مستحقيها طبقا للأولوية من الراغبين في العمل كصيادين بعد اجتيازهم لدورات تخصصية بالصيد. 9. دراسة تجارب بعض الدول الخليجية بالإيقاف المؤقت أو تجميد صيد الجر الخلفي لمدة لا تقل عن سنتين، وذلك لتقليل الجهد المبذول على المصيد لضمان استدامة مصايد الأسماك. محمد رمضانكاتب وباحث اقتصاديrammohammad@

مشاركة :