لماذا العجوز الأوروبية تستفز تركيا الفتيّة؟ (2-2)

  • 4/9/2017
  • 00:00
  • 36
  • 0
  • 0
news-picture

أشرنا في المقال السابق إلى بعض مقومات تركيا، وصور من نهضتها الحديثة. ‏وذكرنا أنها بعد الانقلاب الفاشل انهمكت ‏بإصلاح العطب، وما سبَّبه الانقلاب من اضطرابات. فانتقدت دول الاتحاد الأوروبي ذلك ووصفته بخنق للديموقراطية، وعارضت الاستفتاء الداخلي لزيادة الصلاحيات الرئاسية بشكلٍ مباشرٍ تَمَثّلَ ذلك بمنع دخول وزراء أتراك إلى بلدانهم. في خضم هذه الأحداث السياسية الساخنة، اندلعت مواجهات إعلامية بين الأتراك والاتحاد، هدّد حينها رئيس المفوضية الأوروبية يونكر بعدم تفعيل عقوبة الإعدام بعد الاستفتاء، وإلا سيكون ذلك نهاية المفاوضات مع تركيا للانضمام إلى الاتحاد، للعلم أميركا أم الديموقراطية تطبق الإعدام في عدد من ولاياتها! انتقدت رئيسة وزراء بولندا خلال آخر مؤتمر لرؤساء الاتحاد في بروكسل خطط واستراتيجيات طرحتها الدول الأوروبية القديمة (ألمانيا وفرنسا) ذات السرعتين «اللتين لديهما القناعة بأنهما دائماً على حق، بينما على الدول الأوروبية الصغيرة الاستماع وقبول حلولهما». وعَكَسَ المؤتمر عنصرية وأنانية الاتحاد وابتزازه لبعض شعوبه، واعتبار البعض منهم درجة ثانية بدلا من تطبيق مسطرة المساواة والعدل والديموقراطية التي يتشدّقون بها كثيراً (لا أدري من استعمر العالم لمئات السنين ونهب خيراته واستعبد شعوبه وإلى الآن). تعاني القارة العجوز ممثلةً باتحادها الأوروبي من قِلْ صحة اقتصادية وأمنية. فالنمو مضمحل طوال السنوات الماضية، والبطالة عالية والشعبوية تنهش كيانه والهاجس الأمني والهجرة يربكان إستراتيجياته. إن المشكلة الأساسية للاتحاد الأوروبي غير المتّحد أصلاً هي أن البنك المركزي الاوروبي (ECB) لا يتمتّع بصلاحيات كاملة تؤهله لحسم وتنفيذ السياسة المالية والاقتصادية بمنطقة اليورو، ولا للاتحاد مباشرة، كما هو الحال للاحتياطي الفدرالي الأميركي (FRB) ذي الاستقلالية والمركزية على أوسع نطاق. كما أن قرارات القيادات الأوروبية تهدف إلى كسب المزيد من أصوات ناخبيها وذلك لتغليب المصالح الحزبية المحلية على الاتحادية. فليراع الاتحاد الاوروبي ظروف دوله السبع والعشرين بمحبة وإخلاص من دون ازدواجية ولا نرجسية، إذا سلّمنا بتغيير النظام الحالي الاقتصادي العالمي مع قدوم الإدارة الأميركية الجديدة، فعلى الاتحاد مواجهة الشعبوية الجديدة كما يلزمه تضييق الفجوة بين دول الشمال الأوروبي (ألمانيا) وجنوبه (اليونان)، واحترام سيادة الدول الصغيرة الاشتراكية سابقاً والتي انضمت إلى الاتحاد لاحقاً. فهذه بريطانيا قد طارت من اليد، وهولندا وغيرها تستعد للانسلاخ والتحليق وحدها. فعلى سبيل الافتراض ماذا لو قرّرت بعض الدول الصغيرة بالاتحاد الرجوع إلى عشها السابق إلى روسيا، وماذا عن تركيا المهمة التي تنتقدونها ليل نهار لو أنها اتجهت إلى روسيا، فهي قريبة جداً من موسكو. ماذا سيُصبِح مصير الاتحاد حينئذ؟.. في مهب الريح. ـ أتعجب من عدم صدور أي بيان عربي أو إسلامي يستنكر الهجمة الأوروبية الشرسة والمنظمة على تركيا الصديقة. – لماذا لا يستفيد الاتحاد من الإجراءات الجديدة التي أقرت بكندا لمحاربة ظاهرة الخوف من الإسلام (إسلاموفوبيا)؟ حامد يوسف السيد هاشم الغربللي

مشاركة :