عندما يقرن القول بالفعل يزداد احترامك لصاحب القرار، وهو ما تحقق للرئيس الأمريكي ترامب الذي كسب احترام الأمريكيين قبل غيرهم الذين ازدادت أعدادهم في أرجاء العالم، فقد استطاع ترامب وبقرار حاسم وجريء أن يعيد الاعتبار لأمريكا التي «قزَّمها» سلفه أوباما، والذي ترك روسيا وإيران تسرحان وتمرحان في المنطقة العربية مما أتاح لحليفهما الدموي بشار الأسد التمادي في قتل مزيد من أبناء الشعب السوري، والتي كان آخرها جريمة قتل عدد من أهالي وأطفال خان شيخون في إدلب باستعمال الأسلحة الكيماوية. الرئيس ترامب أصدر قراره بالرد على الهجوم الإرهابي لعسكر بشار والذي نفذته الطائرات الحربية للنظام السوري انطلاقاً من مطار الشعيرات، والتي ألقت قنابل تحمل غازات سامة على المناطق الآهلة بالسكان والمستشفيات فقتل المدنيين ومنهم الكثير من الأطفال. جريمة استعمال سلاح كيماوي، أحد الأسلحة التي تصنف ضمن زمرة أسلحة الدمار الشامل ضد المدنيين من مواطني الدول التي يفترض بالنظام الذي يحكم تلك الدول أن يحمي مواطنيه، لا أن يبيدهم باستعمال الأسلحة الكيماوية، جريمة لا يمكن السكوت عنها وترك من ارتكبها دون عقاب، إذ إن إهمال العقاب وترك المجرم الذي ارتكب هذا الفعل الشنيع يشجعه على تكرار جرائمه وهو بالفعل ما يفعله بشار الأسد ونظامه الذي استمرأ تحذيرات الرئيس الأمريكي السابق أوباما دون أن يفعِّل تهديداته واستقوى بالروس الذين وظفوا «الفيتو» لحمايته من أي عقاب دولي. ولهذا، ففي ظل غياب إجراء فعَّال وقوي من أمريكا ومن مجلس الأمن الدولي تمادى بشار الأسد وأطلق يد المليشيات الطائفية والقوات الإيرانية على الأرض لقتل مزيد من السوريين، كما وظف الطيران الروسي الحربي وما تبقى من طيرانه الذي ترك لهم الروس تنفيذ المهام القذرة، فبالإضافة إلى تخصص الطائرات المروحية لنظام بشار الأسد بإلقاء البراميل المتفجرة التي تحدث آثاراً مدمرة على الأهداف التي تستهدفها، وجميعها مواقع مدنية من مساكن ومدارس ومشافٍ، أما ما تبقى من طيران حربي من أسراب السوخوي والميج فقد أضيفت لها مهمة قذف المواطنين السوريين بالأسلحة الكيماوية، إضافة إلى المهام التدميرية للمدن السورية، وخاصة ذات الكثافة السكانية. الرد الأمريكي السريع الذي اتخذه الرئيس ترامب يغير كثيراً من المعادلات على الأرض السورية، فبعد القراءة الخاطئة لنظام بشار وحلفائه لقول المندوبة الأمريكية في الأمم المتحدة بأن إزاحة بشار ليس خياراً رئيسياً لأمريكا وأنه لا يأخذ الأولوية تمادى النظام وحلفاؤه من الروس والايرانيون والمليشيات الطائفية. ورد الفعل الأمريكي يجسد عدداً من المتغيرات التي يجب قراءتها بتمعُّن من بشار وحلفائه، وأيضاً من الأطراف التي تخوض معارك على الأرض السورية، منها: 1 - أن الرئيس ترامب لا يناور ولا يتردد في إثبات رؤيته وأنه يقرن قوله بالفعل الذي لن يتأخر. 2 - الرد السريع والذي يمثل ضربة تمهيدية قد يعقبها فعل عسكري قوي إن لم يرتدع بشار الأسد وحلفاؤه يظهر أن الاستراتيجية الأمريكية، سواء في سوريا والعراق أو في المنطقة تغيرت تماماً عما كانت عليه في عهد الرئيس الأمريكي السابق أوباما. 3 - الفعل العسكري القوي الذي اتخذه ترامب ضد موقع عسكري يحظى بحماية وتأمين جوي من الروس يؤكد أن ترامب لن يتردد في استعمال القوة لإثبات الحضور الأمريكي القوي في المنطقة، والذي أتاح غيابه في زمن أوباما لروسيا وإيران تقوية نفوذهما في سوريا والعراق. 4 - تحرك ترامب السريع على أثر فعل همجي وإجرامي للأسد يؤكد أن ترامب لن يتساهل مع من يرتكب جرائم ضد الإنسانية، وهي عودة أمريكية لنصرة الحق والعدل في العالم، ويعطي ثقة لحلفاء أمريكا بقدر ما يقلق أعداءها في المنطقة، وبالذات ملالي إيران الذين كانوا بمأمن في عهد أوباما لعدم شمول إرهابهم الطائفي ضمن منظومة الإرهاب الدولي والإقليمي.
مشاركة :