جهاز رقابة لتطبيق قانون مكافحة الغش التجاري

  • 4/9/2017
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

محمد سالم المشرخ* قدّرت الخسائر الناجمة عن المنتجات المقلدة في 4 قطاعات اقتصادية في الإمارات بنحو 700 مليون دولار في عامالغش التجاري أحد أنواع الجرائم التي تهدد الاقتصاد الوطني، وتضر بصحة الأفراد وقد تعرض حياتهم للخطر، وتعد من أخطر الجرائم الاقتصادية في القرن الواحد والعشرين.ترك الحبل على الغارب لأولئك الذين يجنون أموالاً طائلة على حساب المجتمع وصحة أفراده يجعلهم يتمادون في غيهم، وقد ساعدهم في ذلك التقدم المذهل والمطرد في مجال العلوم الطبيعية والكيميائية والبيولوجية الذي يسّر لهم إمكانات واسعة لارتكاب هذه الجرائم ومهارة علمية فائقة لإخفاء آثارها وخداع المستهلكين، الأمر الذي أدى إلى الاهتمام بمحاربة هذه الظاهرة تشريعياً وأمنياً.وقد تفاقمت الظاهرة عندنا بشكل مقلق في السنوات الأخيرة، والسبب أننا «الموزع التجاري».. للبلدان المحيطة بنا، وأن موانئنا البحرية والبرية والجوية مفتوحة على مصراعيها لكافة أنواع السلع والمنتجات من أنحاء العالم المختلفة باعتبارنا محطة رئيسية ومركزاً يعتمد على تجارة إعادة التصدير.وفي دراسة أجراها مجلس أصحاب العلامات التجارية في الدولة قدرت الخسائر الناجمة عن المنتجات المقلدة في 4 قطاعات اقتصادية في الإمارات بنحو 700 مليون دولار في عام 2006، وبرغم أن الرقم غير دقيق إلا أنه يبين حجم الخسائر الهائلة جراء عمليات الغش، وخلال السنوات القليلة الماضية ونتيجة لسرعة تطور النشاط التجاري وصعوبة مواكبة هذا التسارع بالرقابة والتفتيش على هذا الكم الهائل من البضائع، استغل أصحاب النفوس المريضة التسهيلات التجارية والمزايا التفضيلية التي يسرتها الدولة للتجار ورجال الأعمال، فقاموا باستيراد السلع المقلدة والمغشوشة من كافة الأصناف بهدف تصريفها في السوق المحلية.آخر هذه الجرائم التي تناقلتها وسائل الإعلام، عملية مداهمة قامت بها شرطة الشارقة - بالتعاون مع السلطات المحلية - لعصابة تستغل إحدى المزارع المؤجرة التي تحولت إلى مستودع ضخم لعشرات الأطنان من السلع والمنتجات والبضائع المقلدة لأفخم أنواع العلامات التجارية العالمية من أدوات تجميل وهواتف ذكية ومنتجات كهربائية وصحية وغذائية لا تحمل من مواصفاتها الأصلية سوى الملصق الورقي أو البلاستيكي الذي طبع عليه اسم المنتج وعلامته التجارية، وتقدر قيمة البضائع المضبوطة والتي كانت في طريقها لأسواق الدولة بملايين الدراهم.مكمن الخطورة عندما يصل الغش إلى المنتجات الغذائية، فمثلاً تضاف مادة النيترات الضارة إلى اللحوم لتحسين لون اللحم والتغرير بالمشتري على أنها طازجة، وفرم اللحوم منتهية الصلاحية أو مجهولة المصدر وتبهيرها ووضع تواريخ حديثة وإعادة بيعها بأسعار زهيدة.والخبازون ومصنعو المعجنات والحلويات قام البعض منهم بإضافة برومات البوتاسيوم بكميات كبيرة وخلطها مع المعجنات بهدف إطالة صلاحية المنتج وتحسين خواصه وهي مادة شديدة الخطورة على صحة الإنسان.لم تغفل القيادة الرشيدة مثل هذه الأمور، وتم إصدار القانون رقم 19 لسنة 2016 بشأن مكافحة الغش التجاري، وهذا يؤكد الالتزام بضرورة الحفاظ على صحة ورفاهية المواطنين والمقيمين وحمايتهم من أي ضرر قد يلحق بهم، وقد سن المشرّع قوانين رادعة لمرتكبي جريمة الغش التجاري منها السجن مدة أقصاها سنتين وغرامة مالية تبدأ من 50 ألف درهم وتصل إلى مليون درهم حسب الجرم المرتكب.وحسناً تفعل الحكومة بإصدار القانون الذي يحمي المجتمع من عبث العابثين..ولكن التحدي الأكبر يكمن في توفير جهاز رقابي وتفتيشي على مستوى عال من المهنية والتقنية، كي يؤدي الدور المطلوب وينفذ ما جاء في القانون، فالعملية ليست سهلة ولكنها ليست صعبة في نفس الوقت.إن تجهيز وإعداد كوادر مؤهلة لتنفيذ عمليات التفتيش يأتي قبل تفعيل القانون لأن الموانئ متعددة والحاويات لا حصر لها إضافة إلى المصانع والورش المنتشرة في كل الإمارات، وعلى الجهات المسؤولة أن تخطط من الآن لتأهيل هذا الفريق الذي نتمنى أن يكون إماراتياً خالصاً لأسباب أمنية، مع الاستعانة غير المباشرة بالخبرات العالمية في هذا المجال. * خبير اقتصادي إماراتي

مشاركة :