تنقضي اليوم 100 يوم من العام 2017، دون أن تقوم الحكومة بإحالة الموازنة العامة للدولة لعامي 2017 و2018، الى مجلس النواب، مخالفة بذلك الدستور، بحسب حديث نواب لـ «الوسط»، إثر انقضاء قرابة 5 أشهر و10 أيام على الموعد الدستوري المقرر فيه إحالة الموازنة الى البرلمان، أي قبل شهرين من نهاية السنة المالية الماضية (2016). وأوضح عضو اللجنة المالية والاقتصادية بمجلس النواب أحمد قراطة لـ «الوسط»، أنه «لا يوجد لحد الآن أي توجه حكومي لإحالة الموازنة إلى مجلس النواب»، مشددا على أن «تأخر الحكومة في إحالة الموازنة الجديدة مخالفة صريحة للدستور، وللقانون، إذ إنه مضى أشهر على الموعد الذي يفترض ان تعرض فيه الحكومة الموازنة الجديدة على مجلس النواب، إلا انها لم تقم بذلك للآن، وبالتالي فإنها لم تلتزم بالدستور الذي يحتم عليها ان تقدم لنا الموازنة قبل شهرين من نهاية العام 2016». وأضاف قراطة «اعتقد أن الحكومة تريد أن تحيل الموازنة الى مجلس النواب بشكل متأخر، وقد يكون ذلك قبل اسابيع من نهاية دور الانعقاد الحالي، حتى تتم مناقشتها في مدة لا تتجاوز اسبوعين فقط، وفقا الى المادة 87 من الدستور، وبالتالي فإن ذلك سيضغط على النواب لكي يمرروا الموازنة بشكل لا يتناسب مع الحفاظ على مكتسبات المواطنين التي يحرص النواب على حفظها في ظل الظروف الاقتصادية الضاغطة على البلاد». وتقول المادة 87 من الدستور أن «كل مشروع قانون ينظم موضوعات اقتصادية أو مالية، وتطلب الحكومة نظره بصفة عاجلة، يتم عرضه على مجلس النواب أولا ليبت فيه خلال 15 يوما، فإذا مضت هذه المدة عرض على مجلس الشورى مع رأي مجلس النواب إن وجد، ليقرر ما يراه بشأنه خلال 15 يوما أخرى، وفي حالة اختلاف المجلسين بشأن مشروع القانون المعروض، يعرض الأمر على المجلس الوطني للتصويت عليه خلال 15 يوما، وإذا لم يبت المجلس الوطني فيه خلال تلك المدة جاز للملك إصداره بمرسوم له قوة القانون». وأفاد قراطة أنه «وفقا للمادة (175) من اللائحة الداخلية لمجلس النواب، فإن «الحكومة تعد مشروع قانون الموازنة السنوية الشاملة لإيرادات الدولة ومصروفاتها، وتقدمه إلى مجلسي الشورى والنواب قبل انتهاء السنة المالية بشهرين على الأقل؛ لمناقشته بمجلس النواب وإحالته إلى مجلس الشورى لاستكمال إجراءات إقراره». وأردف «كما أن المادة 109 من الدستور في فقرتها (ب) تشير إلى ان «الحكومة تعد مشروع قانون الموازنة السنوية الشاملة لإيرادات الدولة ومصروفاتها، وتقدمه إلى مجلسي الشورى والنواب قبل انتهاء السنة المالية بشهرين على الأقل، وبعد تقديم المشروع تجتمع اللجنتان المختصتان بالشئون المالية لكل من المجلسين في اجتماع مشترك لمناقشته مع الحكومة، وتقدم كل لجنة بعد انتهاء المناقشات تقريراً منفصلاً إلى المجلس الذي تتبعه، ويعرض مشروع القانون على مجلس النواب لمناقشته وإحالته إلى مجلس الشورى للنظر فيه وفق أحكام الدستور، ويجوز إدخال أي تعديل على مشروع قانون الموازنة بالاتفاق مع الحكومة»، مضيفا «كما تؤكد الفقرة (هـ)، من المادة ذاتها أنه «إذا لم يصدر قانون الموازنة قبل بدء السنة المالية يعمل بالموازنة السابقة إلى حين صدوره، وتجبى الإيرادات وتنفق المصروفات وفقاً للقوانين المعمول بها في نهاية السنة المذكورة». ومنذ شهرين ونصف تقريبا ولغاية اليوم، رصدت «الوسط»، عدم وجود اي تصريحات حكومية بشأن اجراءات احالة الموازنة الى النواب، غير انها قامت على مدار الاشهر الماضية بإجراءات تقشف طالت سلعا وخدمات معيشية أساسية، ابرزها البنزين واللحوم، فيما لم يصدر من النواب الكثير فيما يتعلق بموضوع تأخر احالة الموازنة، كما لم تصدر اللجنة المالية بمجلس النواب اي بيان بشأن تأخر الحكومة عن الوفاء بالتزامها الدستوري، ولم يبد من غالبية النواب اي تصريح بهذا الشأن، عدا تصريح وحيد قدمه مؤخرا النائب الثاني لرئيس مجلس النواب عبدالحليم مراد منتصف فبراير/ شباط الماضي، مطلع احدى الجلسات الاعتيادية للنواب. وكانت التصريحات النيابية المتفائلة قبل اشهر بإحالة الموازنة، توقعت ألا يتجاوز سعر برميل الموازنة الجديدة لعامي 2017 و2018 ما يتراوح بين 50 و55 دولارا، في حين سعر التعادل في الموازنة، يفرض ان يصل سعر البرميل الى 84 دولارا، ما يعني انها يجب ان تشهد خفضا في الانفاق يصل على الاقل الى 15 في المئة عن العام الماضي، لكي تستمر الموازنة بذات العجوزات التي شهدتها الموازنات السابقة، وإلا فإنها ستشهد المزيد من العجز، أي ان الحكومة ستحتاج الى المزيد من الاقتراض في ظل تنامٍ غير مسبوق للدين العام للدولة. يشار الى ان عجز الموازنة للعامين 2015 و2016 بلغ بعد توافقات نهائية بين البرلمان والحكومة 3 مليارات و7 ملايين دينار عن العامين، منها 1.504 مليار دينار للعام 2015 و1.505 مليار دينار للعام 2016. وتشير أرقام موازنة الدولة للعامين 2015 و2016 والتي بنتها للعامين 2015 و2016 على سعر تقديري يبلغ 60 دولاراً للبرميل، إلا أن السعر في الأسواق العالمية أقل من السعر التقديري وأن 87.1 في المئة من الإيرادات ستأتي من النفط، بما مجموعه 3 مليارات وسبعمئة وسبعة ملايين دينار (3,707 ملايين)، من إجمالي الإيرادات البالغة 4254 مليون دينار. وأظهرت تقارير رسمية أن الحكومة البحرينية اقترضت خلال عام واحد (2015)، ما مجموعه مليار و671 مليون دينار، أي ما يوازي 15 في المئة من إجمالي الناتج القومي للبلاد. وبيّنت التقارير أن التقديرات الحكومية للدين العام بنهاية العام 2015، تشير إلى أنها بلغت 7 مليارات و245 مليون دينار، في حين كانت 5 مليارات و573 مليون دينار حتى نهاية العام 2014، وهو ما يؤكد أن الحكومة اقترضت أكثر من مليار ونصف مليار دينار بحريني خلال عام واحد. ووفقا لقانون الميزانية العامة للدولة، في مادته 27، فإنه «إذا لم يصدر قانون اعتماد الميزانية قبل بدء السنة المالية، يعمل بالميزانية السابقة إلى حين صدوره، وتجبى الإيرادات، وتنفق المصروفات بنسبة واحد على اثني عشر من الميزانية السابقة لكل شهر، وفقاً للقوانين المعمول بها في نهاية السنة المذكورة».
مشاركة :