بينما أثار تقرير اللجنة التشريعية البرلمانية بشأن «العفو العام» حفيظة عدد من النواب، معتبرين إياه مخصصاً لفئة معينة، رفض المجلس الأعلى للقضاء والنيابة العامة اقتراحات القانون لعدة أسباب. وقال النائب صالح عاشور إن هذا القانون مفصل على فئة معينة، وهو أمر غير دستوري، مؤكداً، لـ«الجريدة»، أنه «مع العفو العام الذي يشمل الجميع، خصوصاً في الرأي السياسي، ودون تحديده بفترة معينة». وبشأن لجنة النظر في الجناسي المسحوبة، دعا عاشور رئيسها المستشار في الديوان الأميري علي الراشد إلى إصدار بيان لتوضيح الفترة التي ستنظر فيها اللجنة ملفات من سحبت جناسيهم، معلناً تحفظه «عن تحديد فترتين لنظر هذه الملفات، قبل وبعد التحرير (عام ١٩٩١)». وبين أن «القضية لا تتجزأ، ومن يستحق من أصحاب الملفات يرفع اسمه إلى رئيس الوزراء، وأعتقد أن من سحبت جناسيهم قبل فترة الغزو وقع عليهم ظلم أشد من غيرهم، لتعرضهم له فترة أطول، ويجب النظر إلى ملفاتهم قبل غيرهم». من جهته، رفض النائب أحمد الفضل كل ما يتعلق بهذه اللجنة، بداية من تشكيلها حتى رئيسها، معرباً، لـ«الجريدة»، عن رفضه «وجود الراشد على رأسها، ليس لأنه محام عن أحمد الجبر، بل لرأيه المسبق في سحب جنسيتي عبدالله البرغش وسعد العجمي، إذ حكم في ذلك بأن قرار السحب سياسي وظالم، ومن ثم بات وجوده في هذه اللجنة غير صحيح». وأكد الفضل أن «الراشد يعلم أن وضعه أمام أهل الكويت ليس جيداً، وكان عليه أن يستشعر حسه القضائي، ويتنحى عن اللجنة، وليته أخذ من عبداللطيف الروضان عبرة له». وبشأن قانون العفو العام، الذي انتهت إليه اللجنة التشريعية، أكد أنه «مهزلة كبرى»، مبيناً أن العفو يكون بالطلب من سمو الأمير، لا بفرضه من خلال قانون، «فهؤلاء الذين أساؤوا إلى الأمير كان عليهم الاعتذار لسموه، والتأسف على ما بدر منهم، والجلوس في الركن انتظاراً لكرمه وعفوه». وأكد أن القانون «عام في شكله، خاص في مضمونه، ومن اختراع بقايا تاريخ المعارضة في المجلس»، مستغرباً تحديد تاريخ العفو بمدة محددة. في الإطار ذاته، علمت «الجريدة»، من مصادر نيابية، أن المجلس الأعلى للقضاء رفض، في مذكرة أرسلها إلى اللجنة، اقتراحات القانون، موضحاً أن «الجرائم، المراد العفو عنها، تعد من الجرائم المتسمة بالخطورة الشديدة على أمن الدولة في الداخل والخارج، ويتصف مرتكبها بنزعة إجرامية وميول عدوانية تستوجب العقاب، وإذا صدر حكم نهائي بإدانته فيجب تنفيذه، لتحقيق الردع العام وعدم الاستهانة بالأحكام القضائية». وأوضحت المصادر أن «الأعلى للقضاء» أعلن تفهمه تبريرات هذا الاقتراح، لكنه «رفض مشاطرة الرأي بأن يصدر عفو شامل عن هذا الكم من الجرائم الخطيرة، وما ارتبط بها من جرائم أخرى، وامتداد الفترة الزمنية الطويلة، التي تصل إلى نحو 5 سنوات، ولأن صدور القانون بهذا الشكل تتأذى منه فكرة العدالة، وينال كثيراً من مصداقية المنظومة التي تقوم على إدارة وجدية تطبيق القانون على الجميع». وجاء موقف النيابة العامة مطابقاً لـموقف «القضاء»، إذ بررت رفضها اقتراحات القانون بخطورة الجرائم المطلوب العفو عنها، «ويجب تطبيق العقاب على من اقترفها، لتحقيق الردع العام والخاص، لا العفو عنها عفواً شاملاً». وبينت النيابة، في مذكرتها، أن «القول بأن هذه الجرائم ارتكبت لأسباب سياسية يعد زعماً غير جدي، لأن الخلاف في الرأي والمعارضة السياسية لا يبرران بأي حال من الأحوال التعبير عن الرأي بأفعال إجرامية مؤثمة قانوناً». وأضافت أن «الجرائم المراد العفو عنها ليست بالكثرة التي تجعلها تبدو كظاهرة عامة، مما يثير شبهة الرغبة في إعفاء هؤلاء الأشخاص بصفة خاصة عفواً شاملاً»، مبينة أن العفو عنهم يتم «وفقاً لما يراه سمو الأمير، الذي يختص بإصداره وفق المادة 239 إجراءات».
مشاركة :