الشيخوخة شبح يرعب النساء ويؤرق الرجال خبراء الصحة يعدون الناس بتحقيق حلم المحافظة على الشباب الدائم عبر إبطاء الشيخوخة وإعطائهم سنوات أكثر للعمل، ولكنهم مازالوا يبحثون عن طرف خيط يساعدهم على إبطال الآثار الناجمة عن الشيخوخة أو عكس مسارها.العرب يمينة حمدي [نُشر في 2017/04/11، العدد: 10599، ص(21)]الحرب والشيخوخة حملان أكبر من أن يتحملهما المسن تثير الشيخوخة رعب النساء والرجال على حد السواء، وتجعلهم يتمنون لو يدلهم العلماء إلى إكسير الشباب، الذي يعيد إليهم ربيع العمر أو يجعلهم يعمرون. ويحرص الكثيرون على إتباع نمط حياتي صحي للحفاظ على مظهر فتيّ، فيما ينفق آخرون ثروات طائلة على مراهم وعمليات التجميل من أجل تغطية التجاعيد وعلامات التقدم في السن التي قد تظهر على وجوههم، أما البعض الآخر من الناس فينكرون أعمارهم الحقيقية ويتهربون من كل سؤال يذكرهم بسنهم. ويرى باحثون أن المخاوف من الشيخوخة قد وجدت طريقها هذه الأيام حتى إلى الفتيات الأصغر سنا، مما جعل شركات التجميل ترصد لهفة على اقتناء منتجاتها لدى شرائح اجتماعية مختلفة تسعى بأي ثمن إلى إيقاف عجلة الزمن.هبة كامل: أقتدي بوصفات أطباء الجلدية الكبار لأبعد عني التجاعيد قدر المستطاع وعلى الرغم من أن التقدم في العمر مصير حتمي لجميع البشر، إلا أن المصرية منار عبدالحليم مدرسة اللغة العربية حمدت الله على أنها مازالت في العشرينات من عمـرها، وجادت بوصفتهـا للإبقـاء على نضارة البشرة والتصدي للتجاعيد قبل ظهـورهـا، مشددة في تصريحها لـ“العرب” على ضـرورة تغـذية البشرة في سن مبكرة لتجنب آثار الشيخوخة. وأضافت عبدالحليم “ليس من المعقول تكتيف الأيدي وانتظار ظهور التجاعيد على الوجه والرقبة واليدين، ثم البدء في البحث عن علاج لها، بل يجب العمل على منع ظهورها مبكرا”. ولا تتقبل ابنة بلدها هبة كامل الحاصلة على ليسانس آداب فكرة ظهور التجاعيد على وجه المرأة خصوصا، فهي ترى أن “الجمال رأس مال المرأة الوحيد، ويجب أن تحافظ عليه، حتى لا تفقد مكانتها في قلوب الأشخاص المقربين منها، وخاصة منهم زوجها”. وأوضحت في حديثها لـ“العرب” أنها تسعى جاهدة إلى محاربة الخطوط التعبيرية الصغيرة التي تظهر على الجبين أو حول العينين عن طريق مستحضرات التجميل المرطبة والكريمات أو الماسكات. وأضافت “أحاول دائما البحث في الإنترنت عن آراء أطباء الجلدية الكبار والمختصين في التجميل لأقتدي بوصفاتهم التي قد تبعد عني التجاعيد قدر المستطاع”. وتصطف شركات التجميل من أجل تحويل رغبة الناس الجامحة في الاحتفاظ بالشباب إلى عائدات مالية لها، فتغدق عليهم منتجات عديدة للوقاية من التجاعيد، وتروج لوصفات مختلفة للإبقاء على نضارة البشرة، ولكن الساعة البيولوجية وسرعة شيخوخة الخلايا من المسائل المرتبطة أيضا بالجينات، وبالتالي قد لا تجدي مختلف الوصفات ومراهم التجميل في السيطرة عليها.مؤنس عبدالله: أكثر ما يخيفني من الشيخوخة الموت الذي لم أستعد له ولا يبدو أن الاعتقاد الشائع بأن الرجل أقل تفكيرا في علامات الزمن التي قد تظهر على ملامحه، فالخوف من الشيخوخة حال النساء والرجال على حد السواء، ففي الوقت الذي تنفق فيه المرأة حوالي 390 دولارا في المتوسط على مظهرها كل شهر، فإن الرجل ينفق 493 دولارا في المتوسط، وفق ما بينت بعض الدراسات الحديثة. ولكن ما يثير مخاوف الصحافي العراقي مؤنس عبدالله من الشيخوخة، ليس رحيل أكثر مراحل العمر نشاطا وعنفوانا، بل الموت، الذي قال في تصريحه لـ“العرب” إنه لم يستعد إليه بشكل جيد. وأضاف “لا أخشى الشيخوخة بقدر ما أخاف الموت، والقلق الذي يساورني بشأن مصير أبنائي وعائلتي من بعدي أكثر بكثير من انتهاء حياتي نفسها، ولكني في نفس الوقت أحمد الله على كل شيء لأن هذه سنة الحياة ولن يبقى غير وجه الله العلي القدير في نهاية الامر”. فيما يؤمن خالد عبدالعزيز مدير مدرسة من مصر بأن جمال المظهر ما هو إلا قشرة خارجية، وأن الجمال الحقيقي يكمن في نقاء روح الإنسان، إلا أنه لم ينف الهالة التي تحيط بالمظهر الخارجي الذي يخاطب عيون الناظرين. وقال في تصريحه لـ“العرب” إن “المظهر الخارجي الجميل يدعم صاحبه ويشعره بالثقة بالنفس، ولذلك فأنا أمارس الرياضة باستمرار من أجل الحفاظ على لياقتي البدنية وصحتي، وأبقي على قدر معقول من وسامتي التي تثير إعجاب عائلتي وأصدقائي، ولا أريد أن أخذلهم بتحولها إلى تجاعيد مقيتة”.خالد عبدالعزيز: المظهر الخارجي الجميل يدعم صاحبه ويشعره بالثقة بالنفس أما الموظفة التونسية منية اليعقوبي، فترى أن الشيخوخة مرحلة عمرية حتمية، وأن جميع البشر سيؤولون إليها شاؤوا أم أبوا، فمهما تجمّلوا وراكموا المساحيق على وجوههم لإخفاء علاماتها، فإنهم لن يتمكنوا من الحيلولة دون الوصول إلى مرحلة أرذل العمر، التي تشيخ فيها خلايا الجسم وتضعف فيها القدرات الذهنية. وأشارت اليعقوبي في حديثها لـ“العرب” إلى أن الخوف الذي يعتريها من الشيخوخة دافعه بالأساس ما رأته بأم عينيها من معاملة سيئة للمسنين من قبل أبنائهم ومن قبل المجتمع ككل. ولا يرغب الكثير من الأشخاص في العيش حتى سن الثمانين أو التسعين من العمر، ويخافون من أن يصبحوا مسنين أكثر من خوفهم من الموت نفسه، وكل ذلك بسبب توقعاتهم السلبية عن حياتهم في الهرم. ولكن في جميع الأحوال، لا يوجد ما يمكن أن يساعدهم على إبطال الآثار الناجمة عن الشيخوخة، أو عكس مسارها، ولكن من خلال الاعتراف بما تتضمنه مراحل الحياة من صعود وهبوط، سيكون بمقدورهم جعل حياتهم رحلة مبهجة رغم جميع المصاعب. وبإمكانهم أيضا تبديد مخاوفهم من الشيخوخة عن طريق توفير الرعاية الضرورية لذويهم من المسنين، وإعطاء المثل والقدوة الحسنة في التكافل العائلي للنشء حتى يجدوا من يعتني بهم عند الكبر.
مشاركة :