تخيلوا أن تكون هذه الفتوى، وتخيلوا أن الإرهابي مقتنع أنه سيذهب للقاء الحور العين في الجنة.. فقط احسبوا كمية المخدرات التي تعاطاها صاحب الفتوى ومتلقيها.العرب شيماء رحومة [نُشر في 2017/04/11، العدد: 10599، ص(21)] "حبيبي إن شاء الله تدخل النار".. "لماذا حبيبتي خير".. "أغار عليك من الحور العين". لا علينا من ردة فعل الزوج، ولن أقول إن هذه نكتة للتندر والفكاهة، بل هي لون جديد من العلاقات الأسرية ظهر في السنوات الأخيرة وتغلغل في بعض العقول ونخر في البناء العائلي المتماسك للكثير من العائلات. لذلك سأحاول أن أتخيل وإياكم مستعينة ببعض ما نشره المغردون على موقع تويتر حياة أسرية مختلفة تمام الاختلاف عما نعرفه وخبرناه حتى الآن. في الظاهر تنطوي كل أسرة بوصفها خلية مصغرة عن المجتمع على شبكة من العلاقات التي تحتكم غالبا إلى رب الأسرة سواء أكان الأب أو الجد، وفي كل الأحوال فهي لا تخرج عن نطاق السيطرة الذكورية وتسهر على تلبية كل احتياجاتها الأم بمعية كل نساء العائلة حتى الرضيعات منهن. قد يبدو هذا البناء الهيكلي للخلية نمطيا لا يختلف عن نموذج الأسر الموسعة التقليدية، ولكن من هنا يبدأ التباين والتباعد وسأنطلق من تغريدة تفتح بابا على عادات وتقاليد لم نعهدها من قبل لنتبين أول هذه الفوارق “أب يزوج ابنته على مهر ما يحفظ صهره من القرآن، لكن الشرط الثاني السري هو أن يكون جاهزا دائما لتفجير نفسه في أي مكان كي ينال الحور العين”. الأب السوي يبحث عن راحة ابنته واستقرارها العائلي، لا يسعى إلى ترميلها متى كانت الفرصة سانحة، ولكن بالعودة إلى مربط الفرس نجد أن الغاية تبرر الوسيلة “الحور العين” بديل يستحق التفريط في كل غال ورخيص. لم نتوصل بعد إلى معالجة الكثير من القضايا المتعلقة بالعلاقات الجنسية، لا سيما مع ارتفاع عدد ضحايا الاغتصاب، بالإضافة إلى عزوف العديد من العائلات عن مفاتحة أبنائها ذكورا وإناثا في مثل هذه المسائل. كما أن العلاقات بين الشريكين مازالت تعاني شرخا كبيرا يبدأ منذ أن تجمعهما علاقة عاطفية وصولا إلى عش الزوجية وتكبر أحيانا في أحضان محاكم العدل وتنتهي بالانفصال الذي بات في عرف البعض سببا لإقامة الولائم والاحتفال. ويتمثل هذا الشرخ أساسا في عدم تهيئة التربة الخصبة للعلاقات الحميمية، غلق باب الحوار حتى بعد الزواج أحد هذه الأسباب فهل نبحث عن البديل في الجنة؟ ودوّن أحدهم “البعض يموتون وهم يصلون والبعض يموتون لممارسة الجنس في الجنة مع الحور العين”. أليس هذا المفهوم الخاطئ صدمة نفسية لطفل أقصي طول الوقت عن تباحث مثل هذه المسائل في إطاره العائلي، مما قد يقوده لقمة سائغة إلى أوكار عششت بداخلها قواعد اجتماعية مناقضة للواقع وأخلاقيته، قائمة على نظام اشتراكي شعاره الملكية الجماعية. والطرف الوحيد الذي يصبح ملكية من حق الجميع يتلخص في ما كتبته إحدى المغردات “المخيمات لا تتكلم إلا عن الحور العين أي عن المرأة وفي الحدائق وحتى مدارس الأولاد والجامعات”، المرأة بوصفها أحد أطراف البناء الأسري تصبح في عرف الباحثين عن بديل في عالم آخر، من حق الجميع، إذ لم يكتفوا بتعدد الزوجات بل وأجازوا نكاح الجهاد وحصول المتطوع لنيل الحور العين على نصيبه من النساء اللاتي يرفلن في خدمته قبل السفر إلى النعيم. ولكن ما هو موقف كل من تناثرت أشلاؤهم مقابل نيل ما لا عين رأت ولا أذن سمعت، لو صح أن نساء الدنيا في الجنة يكسوهن الله عز وجل جمالا يتفوقن به على على الحور العين وما قيل في وصفهن؟ وسأختم أيضا بتغريدة تصف الواقع بكل بساطة “تخيلوا أن تكون هذه الفتوى، وتخيلوا أن الإرهابي مقتنع أنه سيذهب للقاء الحور العين في الجنة.. فقط احسبوا كمية المخدرات التي تعاطاها صاحب الفتوى ومتلقيها”. كاتبة من تونسشيماء رحومة
مشاركة :