قدم النواب د. وليد الطبطبائي ومرزوق الخليفة ومحمد المطير استجوابا الى رئيس مجلس الوزراء سمو الشيخ جابر المبارك متضمنا 5 محاور. قال النواب المستجوبون في مقدمة الاستجواب: جاء هذا الاستجواب من باب أداء الواجب وانتصارا للحق المجرد عن كل شهوة ورغبة ذاتية، فعلى مستوى العلاقة الشخصية فلا نحمل لشخص سمو رئيس الوزراء الشيخ جابر المبارك إلا المحبة والتقدير فهو كريم سليل أسرة كريمة عزيزة على أهل الكويت جميعا، كانت وستظل بإذن الله قطب رحى تلاحم الكويتيين ووحدتهم. وإزاء هذه الأحكام الدستورية الصريحة، والتزاماً بالقسم الدستوري، الذي بدأنا به مسؤولياتنا الدستورية في الفصل التشريعي الخامس عشر، فإننا نتقدم باستجوابنا إلى سمو رئيس مجلس الوزراء بصفته، مجملين فيما يلي بصفة عامة وبإيجاز الموضوعات والوقائع التي يتناولها هذا الاستجواب في المحاور التالية: المحور الأول مخالفة القانون وسوء استعمال السلطة فيما مارسته الحكومة بانتقائية أو انتقامية أو بدوافع سياسية في تأويل القانون وفي تطبيقه وذلك بما أصدرته من مراسيم أو قرارت بسحب أو إسقاط أو إفقاد الجنسية الكويتية عن بعض حامليها. لعل أبلغ وأدق ما يمكن الاستعانة به لبيان أهمية «المواطنة» ومكانتها في القانون هو ما أوردته المذكرة التفسيرية للمرسوم الأميري رقم (15) لسنة 1959بقانون الجنسية الكويتية - الصادر في الخامس من ديسمبر 1959- التي كان من بين ما جاء فيها ما يلي: «قانون الجنسية في كل البلاد يعتبر من أهم القوانين وأبعدها أثراً، فهو الذي يرسم حدود الوطن، ويميز بين المواطن والأجنبي، والبلد الذي ليس له قانون ينظم جنسية مواطنيه يعوزه مقوم من أهم مقوماته. وقد سبق أن صدر قانون رقم (2) لسنة 1948ينظم الجنسية الكويتية، ولكن يبدو أن هذا القانون كان حظه من التطبيق العملي محدودا، فبقي غير معروف، وبالأخص لم يتم حصر المواطنين الذين يعتبرون كويتيين على مقتضى أحكامه. والقانون الحالي يعرض لتنظيم الجنسية الكويتية تنظيماً مفصلاً، وقد وعيت فيه الملابسات المحلية، مع التزام المبادئ العامة المعترف بها في قوانين الجنسية في البلاد المتحضرة. ولما كان هذا القانون يعتبر من الناحية العملية أول تشريع ينظم الجنسية الكويتية، كان من الضروري أن يبدأ بتحديد من هم «الكويتيون الذين يؤسسون الوطن الكويتي لأول مرة، وهذه هي جنسية التأسيس». ولم يبتعد عن الحقيقة من قال ما معناها: أنه إذا كانت تلك هي المبادئ السامية التي تبناها المرسوم الأميري رقم (15) لسنة 1959 بقانون الجنسية الكويتية الذي حدد في مادته الاولى وفي مذكرته التفسيرية من هم «الكويتيون الذين أسسوا الوطن الكويتي لأول مرة، فاستحقوا بذلك جنسية التأسيس بما أبلوا من جهاد»، فإن الشعب الكويتي الأعزل سواء من كان منه في الشتات بدون وطن أو من كان منه تحت الاحتلال، قد أبلى بلاء حسناً - مرة أخرى - «بجهاد» قدم فيه أعظم التضحيات وأغلاها حين احتاجت البلاد الى ولاء ابنائها وتفانيهم في سبيلها، وانصهر وبإرادته الكرة في وحدة وطنية أذهلت العالم، وتصدى بجميع مكوناته وشرائحه وانتماءاته للغزو العراقي البعثي الصدامي الغادر في مقاومة انطلقت منذ اللحظة التي دنّس فيها الغزاة أرض الكويت الطاهرة في الثاني من اغسطس 1990 واستمرت حتى تم دحر المحتلين وطردهم يجروّن عار الْخِزْي والذل والهزيمة في السادس والعشرين من فبراير 1991. ومن الغريب والمؤسف أنه على الرغم من كل ما سلف ولا سيما ما طرح في لجنة الدستور اثناء مناقشة مشروع الدستور من مخاوف من سوء استعمال الحكومة للسلطة في شأن سحب الجنسية الكويتية وما سجل في بعض محاضر لجنة الدستور من تأكيد على عدم اتخاذ شيء من هذا، هذا التأكيد الذي ربما على هدية جاء نص كل من المادة ٢٧ والمادة ٢٨ من الدستور في باب الحقوق والواجبات العامة. إلا أن الحكومة قد خالفت القانون وأساءت استعمال السلطة فيما مارسته بانتقائية أو انتقامية أو بدوافع سياسية في تأويل القانون وفِي تطبيقه وذلك بما أصدرته من مراسيم أو قرارات بسحب أو إسقاط أو إفقاد الجنسية الكويتية عن بعض حامليها ثم رفض الحكومة أو عجزها عن تبرير حقيقة الأسباب لهذه القرارات الانتقائية والانتقامية ذات الدوافع والأغراض والأهداف السياسية، ثم تجاوز الحكومة لأحكام الدستور بما كفله من حق التقاضي في المادة ١٦٦ منه عندما رفضت بسط سلطان القضاء على كافة مراسيم أو قرارات سحب أو إسقاط أو إفقاد الجنسية الكويتية وتعسفت بإصرارها على حرمان المتضررين من استعمال حقهم الدستوري بالطعن في هذه المراسيم والقرارات أمام القضاء، بدلاً من الموافقة على هذا الحق الدستوري في الحماية والطمأنينة. المحور الثاني مخالفة المعاهدات والمواثيق الدولية وسوء استعمال السلطة فيما مارسته الحكومة بانتقائية أو انتقامية أو بدوافع سياسية في إصدارها تشريعات مخالفة لتنفيذ التزاماتها بموجب العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. يعتبر العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية بمثابة معاهدة متعددة الأطراف اعتمدتها الجمعية العامة للأمم المتحدة في 16 ديسمبر 1966 ودخلت حيز النفاذ من 23 مارس 1976 وهذا العهد يلزم أطرافها على احترام الحقوق المدنية والسياسية للأفراد بما في ذلك الحق في الحياة وحرية الدين وحرية التعبير وحرية التجمع والحقوق الانتخابية وحقوق إجراءات التقاضي السليمة والمحاكمة العادلة. هذا وقد انضمت دولة الكويت إلى العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية عام 1996، وبموجبه أصبحت مواد هذا العهد جزءاً لا يتجزأ من التشريعات المحلية. - ولما كانت دولة الكويت قد صادقت على العهد الخاص بالحقوق المدنية والسياسية وأصبح جزءاً من منظومتها التشريعية، كان وعي القائمين على تنفيذ وتطبيق أحكامه أمراً ملازماً. وبالفعل، فإن القضاة في دولة الكويت لم يكن غائباً عنهم هذا العهد أثناء نظر القضايا. ففي الدعوى رقم ٣١٣٤/٢٠١١ إداري/٧ المنظورة أمام القضاء الإداري، تناولت المحكمة بالإلغاء قرار وزير العدل السلبي بعدم قبول أوراق المرأة الكويتية للتقدم للعمل بوظيفة وكيل نيابة. وفي سياق إلغاء هذا القرار، قضت المحكمة بأنه: «كما نص العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية - الصادر بتاريخ 3 نيسان/أبريل 1966 بموجب القانون رقم 12 لسنة 1996 - في المادة الثانية منه على أن «تتعهد كل دولة طرف في هذا العهد باحترام الحقوق المعترف بها فيه، وبكفاءة هذه الحقوق لجميع الأفراد الموجودين في إقليمها والداخلين في ولايتها دون تمييز بسب العرق، أو اللون، أو الجنس، أو اللغة، أو الدين، أو الرأي سياسياً أو غير سياسي، أو الأصل القومي أو الاجتماعي، أو الثروة، أو النسب، أو غير ذلك من الأسباب» وفي المادة (٢٥) منه على أن «يكون لكل مواطن - دون أي وجه من وجوه التمييز المذكورة في المادة الثانية - الحقوق التالية التي يجب أن تتاح له فرصة التمتع بها دون قيود غير معقولة: (أ)...(ج) أن تتاح له - على قدم المساواة عموماً مع سواه - فرصة تقلد الوظائف العامة في بلده». وقد انتهج القضاء الكويتي ذات النهج الأخير في الحكم الصادر بالقضية رقم 1081/2014 إداري/8 الصادر بتاريخ 28 نيسان/أبريل 2014 استناداً إلى ذات نصوص العهد. وبعد كل هذه التقارير وردود الحكومة في تاريخ 9 اغسطس 2016 وقعت الكويت بعدة مخالفات جعلتها في مصاف الدول التي لا تحترم المواثيق والمعاهدات الدولية، وأخلت بتنفيذ التزاماتها الدولية التي أصبحت ملزمة بها بعد تصديقها على (العهد). ومن هذه المخالفات المخالفة الأولى: - إلغاء المواطنة من خلال تجريد المعارضين السياسيين من جنسياتهم مع منعهم من حق التقاضي مخالفا بذلك للمواد 2 و12 و24 من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية: جردت الحكومة عدد من المواطنين الكويتيين من جناسيهم لأسباب مختلفة كما ادعت من ضمنها من مس المصلحة العليا للدولة أو قد منحت له بناء على غش أو أقوال كاذبة أو شهادات غير صحيحة أو إذا حكم على من منحت له خلال عشر سنوات الجنسية الكويتية بجريمة مخلة بالشرف والأمانة، دون تمكينه من حق التقاضي ودون إخضاعها للمراجعة القضائية وذلك بالمخالفة للمادة (2) من العهد الدولي. المخالفة الثانية: اعتماد تدابير وتشريعات جديدة لمواصلة كبح الحق في حرية التعبير والرأي وتوسيع الرقابة والقيود الحكومية المفروضة على أشكال التعبير: تعسفت السلطة في اعتقال الأشخاص الذين يمارسون حرية التعبير واحتجزتهم وحاكمتهم وسجنت بعضهم وأسقطت الجنسية عن بعضهم وأبعدت آخرين، وكل ذلك بسبب اعتماد تشريعات جديدة لمواصلة كبح الحق في حرية التعبير والرأي وتوسيع الرقابة والقيود الحكومية المفروضة على أشكال التعبير بواسطة الإنتر نت بموجب القانون رقم 37 لسنة 2014 وبشأن إنشاء هيئة تنظيم الاتصالات وتقنية المعلومات. المخالفة الثالثة: لقد وقعت الحكومة ولازالت في مخالفة خطيرة تتمثل في فرض إجراء البصمة الوراثية على جميع المواطنين والمقيمين وحتى الزوار، مما أوقع الكويت في مخالفة دولية جسيمة. وقد قامت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان في توصياتها الملزمة في 11/9/2016 بإيراد المخالفة والتي نصها الآتي: - تشعر اللجنة بالقلق لكون القانون رقم 78(2015) بشأن مكافحة الإرهاب، الذي يطلب إجراء اختبار الحمض الخلوي الصبغي الإلزامي على المستوى الوطني وإنشاء قاعدة بيانات يشرف عليها وزير الداخلية، يفرض قيوداً غير ضرورية وغير متناسبة على الحق في الخصوصية. وتشعر اللجنة بقلق بالغ. المخالفة الرابعة: وأيضاً وقعت الحكومة ولازالت في مخالفة جسيمة أخرى تتمثل في زيادة فترة الحبس الاحتياطي، بما أيضاً اوقع الكويت مجدداً تحت طائلة مخالفة التزاماتها فيما يخص الاحتجاز لدى الشرطة والضمانات القانونية الأساسية بموجب العهد الدولي: وقد أخل رئيس الحكومة بمسؤولياته بعدما وافقت الحكومة على تغيير قانون الحبس الاحتياطي وإعادته كما كان قبل عام إقرار قانون 3 لسنة 2012 رغم علمها بالتوصية الملزمة بموجب العهد الدولي والتي تفاخرت أمام اللجنة المعنية لحقوق الإنسان أثناء مناقشة التقرير الثالث لدولة الكويت بتعديل القانون وتشريع قانون رقم 3 لسنة 2012 بما يتوافق والمادة (9) منه. ثم بعد الاجتماع مع اللجنة الدائمة بشهر تقريباً نكثت الحكومة بعهودها أمام اللجنة، وانتكست بعد أن تفاخرت بأنها خفضت مدة الحبس الاحتياطي لتقوم بإلغاء التخفيض، وإطالة مدة الحبس الاحتياطي بالمخالفة للمادة (9) من العهد الدولي. فمما سبق تكون دولة الكويت بسبب المخالفات التي ارتكبتها الحكومة صارت من الدول المنتهكة لحقوق الإنسان مما يترتب على ذلك الإساءة لسمعة الكويت في المجتمع الدولي والذي بذل سمو الامير حفظة الله جهوداً جبارة في إبراز دورها الإنساني، ولكن الحكومة اساءت للكويت ولأميرها ولشعبها الكريم. المحور الثالث تفشي الفساد وتراجع ترتيب دولة الكويت عشرين مركزا في السنة الأخيرة فقط والإصرار على تعيين شخصيات فقدت شرط الكفاءة والأهلية وبعضهم سقط سياسيا لشغل المناصب الهامة والاستراتيجية في الدولة مما يشير إلى انتقال فشلهم إلى أماكن أخرى في مؤسسات الدولة إضافة إلى تنحية الكفاءات المؤهلة ذات الخبرة في مجالها والتي أثبتت جدارتها في أداء أعمالها. كم شاهدنا بعض الوزراء وتم تعيينهم بعد أن رفضهم الشارع السياسي وسقطوا بالانتخابات لحصولهم على عدد قليل من الأصوات فيتم توزيرهم في نفس السنة التي رفضهم فيها الشارع السياسي. مثال على ذلك في حكومة سمو الرئيس وزير الإعلام السابق عندما ظهرت بوادر عدم إمكانية تجديد الثقة للوزير بعدد (32) نائباً تقريبا قدم استقالته تفاديا لطرح الثقة والإقالة. ويفاجأ الجميع بعد استقالة الوزير بأيام بأن الحكومة التي يترأسها سمو رئيس الوزراء تكافئ وزير الإعلام السابق بتعيينه رئيسا للطيران المدني بدرجة وزير وكأنها توجه رسالة للأمة ونوابها مفادها قولوا ما تشاؤون ونحن نفعل ما نشاء. ثم إن هناك أمرا آخر يزيد من تفشي الفساد هو ظاهرة التنفيع بالمال العام والمناصب السياسية حتى أصبحت ظاهرة المستشارين بأجهزة الدولة المختلفة واضحة لكل ذي عينين وبخاصة مجلس الوزراء والوزارات دونما أن يسند لهم أية مهام أو واجبات. وكذلك الصفقات المشبوهة للأسلحة المبالغ في أسعارها، ومنها صفقة طائرات اليوروفايتر. لقد احتوى تقرير ديوان المحاسبة للسنة المالية 2015/2016 على أهم الملاحظات وعشرات الأدلة على تفشي الفساد في الأجهزة الحكومية والعبث بالمال العام. يا سمو الرئيس هذه السياسة الخاطئة والقائمة على غير أسس منضبطة من قبلكم في التعيينات والمبالغة في تكديس المنتفعين تحت مسمى المستشارين قادت الكويت للهبوط في مستنقع الفساد العالمي إلى الدركة (75) بتراجع 20 مركزاً خلال سنة واحدة.
مشاركة :