جمعيات تونسية تطالب بإقرار قانون المجالس المحلية قبل الانتخاباتبعد أن أعلنت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات عن تاريخ 17 ديسمبر القادم موعدا لإجراء أول انتخابات بلدية في تونس منذ سقوط نظام الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي، اختلفت الآراء حول إمكانية ذلك في ظل عدم وجود قانون جديد للمجالس المحلية.العرب نسرين رمضاني [نُشر في 2017/04/14، العدد: 10602، ص(4)]خطوة أولى على طريق اللامركزية تونس - ترى جمعيات تونسية أنه لا يمكن إجراء الانتخابات البلدية القادمة دون مصادقة السلطة التشريعية على قانون خاص بالجماعات المحلية (المجالس المحلية) ينظم مهام السلطات اللامركزية بعد الانتخابات. وأكدت جمعيات “كلنا تونس” و”بوصلة” و”عتيد” و”الجمعية التونسية للحوكمة المحلية” أنّ “مجلة الجماعات المحلية ضمان السلطة المحلية”، خلال الندوة التي نظمتها، الخميس، بالعاصمة التونسية. واعتبرت شيماء بوهلال، رئيسة جمعية “البوصلة”، في تصريح لـ”العرب”، أن مجلة الجماعات المحلية بالنسبة إلى الانتخابات البلدية هي بمثابة الدستور في الانتخابات الرئاسية والتشريعية. وقالت بوهلال إن هذه المجلة هي التي ستوضح “كيف ستعمل هذه البلديات في المنطقة التابعة لها، وكيف ستعمل مع السلطة المركزية، وما هي صلاحياتها، وما هي الخدمات التي ستقدمها، وما هي مصادر تمويلها ومواردها، وكيف سيتم تشريك المواطنين؟”. وأضافت “ليس منطقي أن نجري انتخابات دون أن يكون لدينا القانون الذي يسمح لنتائج الانتخابات أن تفعّل”. وبات تنظيم أول انتخابات بلدية بعد ثورة 2011 ممكنا إثر إقرار البرلمان القانون الانتخابي الجديد في يناير 2017، ما من شأنه أن يرسّخ الديمقراطية على المستوى المحلي. ولا يمكن للقانون الانتخابي أن يحلّ محلّ قانون الجماعات المحلية لأنه، حسب بوهلال، الأول يحدد كيف يتم الانتخاب “هو يقف عند الانتخابات”، مضيفة أن “المرحلة التالية تنظمها وتحددها مجلة الجماعات المحلية”. واقترحت الجمعيات المشاركة في ندوة “مجلة الجماعات المحلية ضمان السلطة المحلية” خطة عمل لمناقشة مشروع القانون المذكور من قبل لجان مجلس نواب الشعب التونسي. وترى هذه الجمعيات أنه يجب أن يودع مشروع مجلة الجماعات المحلية لدى مجلس نواب الشعب كي يتسنى للمجتمع المدني وخبراء القانون واللامركزية إبداء المقترحات بشأنه والمشاركة في جلسات اللجان التي تناقشه.شيماء بوهلال: هذا القانون يوضح كيف ستعمل البلديات في المناطق التابعة لها وتقترح الخطة في مرحلة أولى إيداع مشروع القانون لدى مجلس النواب في أقرب الآجال كي يتمكّن مكتب المجلس من إحالته على لجنة تنظيم الإدارة في شهر مايو. وفي المرحلة الثانية يتم الإطلاع على مشروع القانون وتقسيم الفصول على اللجان الاستشارية. وتقترح الخطة أن يتم في شهر يونيو تنظيم جلسات استماع، ونقاشات مع الخبراء، ثم إعداد تقرير حول الفصول المحالة. وتشمل المرحلة الثالثة، والتي تكون حسب أصحاب المبادرة في شهر يوليو، تجميع تقارير اللجان من قبل لجنة تنظيم الإدارة وصياغة تقريرها. أما المرحلة الرابعة فتكون بالمصادقة على تقرير لجنة تنظيم الإدارة وإحالة مشروع القانون على الجلسة العامة للبرلمان. وتجري النقاشات العامة حول فصول مشروع مجلة الجماعات المحلية في شهر أغسطس. وفي الفترة نفسها تختتم الأعمال البرلمانية حول مشروع القانون المذكور من خلال المصادقة والتصويت على الفصول وعلى المشروع كله، وتكون هذه المرحلة السادسة والأخيرة حسب ما حددته مبادرة الجمعيات المشاركة في اللقاء الإعلامي. وترى المبادرة الجمعياتية أنه بعد هذه المراحل الست “يدخل الباب السابع من الدستور حيّز النفاذ”. وقالت شيماء بوهلال، إن الخطة “التي اقترحناها خطة واقعية كي يكون لمجلس نواب الشعب الوقت الكافي ليناقش مضمون المجلة لأنها دسمة وفيها الكثير من الفصول والتفاصيل”. وأكدت “نحن وجمعيات أخرى لدينا الكثير من الخبرة في مجال البلديات، سنقدم لنواب الشعب كل الدراسات المتوفرة لدينا وسنضغط عليهم إيجابيا ليسرّعوا مناقشة المجلة”. واعتبر معز بوراوي، رئيس جمعية “عتيد”، أن مسار ترسيخ اللامركزية كله مرتبط بمجلة الجماعات المحلية. وشدد على أنه “حاليا الأهم هو المصادقة على مجلة الجماعات المحلية قبل الوصول إلى موعد إجراء الانتخابات في 17 ديسمبر القادم، مضيفا “على هذا الأساس سنقوم بحملات لتوعية المواطنين بأهمية التصويت”. وقال إن هناك إجراءات متعلقة بالهياكل القضائية المتدخلة في الانتخابات البلدية. وهذه الأجهزة هي المحكمة الإدارية والمحكمة المالية “التي يجب أن تتوفر لها الموارد المالية واللوجستية اللازمة للقيام بمهامها”. وتتمثل مهام المحكمة اللإدارية ودائرة المحاسبات في متابعتهم ومراقبتهم للانتخابات البلدية في مرحلة أولى، ثم في مجال الطعون في مرحلة لاحقة “لأن مجلة الجماعات المحلية تعطيهم الصلاحيات الكبرى للرقابة على السلطات المحلية”. واعتبر بوراوي أن مسار تركيز اللامركزية “مسار مهدد” في غياب مجلة الجماعات المحلية التي تنظم عمل السلطات اللامركزية. ورأى أن تنظيم الاستحقاق الانتخابي البلدي دون إرساء قانون جديد للجماعات المحلية يمثل خرقا لأحكام الفصل 132 من الباب السابع للدستور المتعلق بالسلطة المحلية والذي ينص على أن الجماعات المحلية تتمتع بالشخصية القانونية وبالاستقلالية الإدارية والمالية. وقال رياض المؤخر، وزير الشؤون المحلية والبيئة التونسي، الأربعاء إن “مجلة الجماعات المحلية الجديدة ستعرض الأسبوع القادم على مجلس الوزراء قبل إحالتها إلى مجلس نواب الشعب”. ويهدف قانون الجماعات المحلية إلى تحديد تقسيم المهام بين السلطة المركزية والبلديات والمجالس المحلية المستقبلية. وتم مؤخرا تحديد تاريخ أول انتخابات بلدية منذ سقوط نظام الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي. ومن شأن الانتخابات البلدية أيضا أن تحسّن إطار عيش 11 مليون تونسي بعدما بقيت البلديات تدار منذ 2011 بواسطة “نيابات خصوصية” تعيّنها السلطات لتصريف الأعمال اليومية.
مشاركة :