محمد الماغوط.. تجربة شعرية غرّدت خارج السرب

  • 4/16/2017
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

دبي:«الخليج» نظمت مؤسسة سلطان بن علي العويس الثقافية يومي الأربعاء والخميس الماضيين احتفالية ثقافية عن الشاعر الراحل محمد الماغوط بعنوان (محمد الماغوط.. تغريد خارج السرب)، وحاضر فيها مثقفون ونقاد عرب وإماراتيون هم: د. مدحت الجيار ود. حسن مدن، ود. فوزي يمين ود. أمينة ذيبان، ود. صديق محمد جوهر وحسين درويش، والهنوف محمد.وحضر الندوة الدكتور محمد عبد الله المطوع الأمين العام للمؤسسة وعبد الحميد أحمد والدكتور سليمان الجاسم وناصر حسين العبودي أعضاء مجلس أمناء المؤسسة وجمهور نوعي من الكتاب والأدباء والمثقفين. أدار الجلسة الأولى الشاعر حبيب الصايغ الأمين العام للاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب رئيس مجلس إدارة اتحاد كتاب وأدباء الإمارات، وشارك فيها: الناقد مدحت الجيار بورقة (الوطن والثورة في شعر الماغوط) والباحث د. حسن مدن بورقة (الخطاب السياسي في النص المسرحي للماغوط.. المهرج أنموذجاً).استهل الصايغ الجلسة بوقفة حداد على روح الشاعر الفلسطيني أحمد دحبور الذي رحل مؤخراً، ثم رحب بالحضور وأكد على أهمية تجربة الماغوط، من ناحيتين، فهو من جهة يعتبر الشاعر الذي تقرأ قصيدته، فتحس أنك أمام قصيدة نثر خالصة كأنها قصيدة برية منعتقة من كل ما يقيد الشاعر الحقيقي، فتجد نفسك أمام جوهر الشعر بعيداً عن أية مساحيق تشوه وجه القصيدة، ومن جهة ثانية فقد أسهم الماغوط في تكوين جيل شعري تأثر به عدد من الشعراء ومنهم الصايغ نفسه، وهنا أشار الصايغ إلى تجربة الماغوط في الإمارات حين كان يشرف على الملحق الثقافي في جريدة الخليج في منتصف ثمانينات القرن الماضي، وكان ينشر قصائده ويتيح لجيل شعري أن يتعرف إلى نمط فريد من التجربة الشعرية الجديدة. أكد د. الجيار أن الحالة الشعرية للماغوط مميزة جداً في تاريخ كتابة (قصيدة النثر)، منذ نشر قصيدته الأولى بمجلة شعر اللبنانية، مع رواد هذه القصيدة، وكتبها بطريقة مختلفة عن جيله وعن الأجيال التي جاءت بعده.أما الباحث د. حسن مدن فأكد أن ما يلح عليه الماغوط في «المهرج»، وفي أعماله المسرحية الأخرى هو سطوة القمع وانتهاك الحريات وسلب كرامة المواطن العربي، نقل عنه أحدهم أنه تعرض فترة توقيفه في سجن المزة إلى لطمة على خده، وهي لو قورنت بما تعرض له سواه من أصناف التعذيب تبقى أمراً هيناً، ولكنها كانت كافية لتفجير بركان الغضب في نفسه على القمع والجلادين، لما يحدثه من انكسارات في النفس، وما يقيمه من حواجز خوف، تجعل البشر يتحولون إلى تابعين، فاقدين ذواتهم المستقلة، ومتماهين مع القطيع، فالهزيمة ليست هي تلك التي تتكبدها الجيوش في المعارك، الهزيمة الحقيقية الكبرى، إنما هي الهزيمة الداخلية، هزيمة الإنسان الفرد حين تضعف النفوس واحدة بعد الأخرى وتصاب بالخراب وفساد المعنويات.وأدارت الجلسة الثانية الكاتبة باسمة يونس، وقدمت فيها: د. أمينة ذيبان ورقة بعنوان «الشعرية والنسق في أزمة القصيدة الحديثة»، وفوزي يمين بورقة «كاف التشبيه وواو العطف في شعر الماغوط».أشارت د. ذيبان إلى أن قصيدة النثر عند الماغوط تخرج شاعرية الحدث قبل شاعرية القصيدة، وهذا يعني أن البناء فوقي عند الماغوط فهو يفهم الشعر كما يفهم الحدث ابتداءً وانتهاءً ومن هنا لا تجد أنها متطرفة في تفسير اللغة الخاصة عنده وفق ترتيب أبجدي فالقصد من الشاعرية عند الماغوط حدثياً أو متداولاً قبل أن يكون معرفياً، وهي تجربة رسمت منطق القصيدة عند الماغوط في زاوية الألم النار، الموت والقطيعة.أما فوزي يمين فأكد أن الماغوط يستخدم كاف التشبيه بشكل كثيف، إذ لا تكاد تخلو قصيدة من قصائده من ذلك، ويوظّفها توظيفاً كاملاً في خدمة مشاعره وأحاسيسه، أمّا واو العطف، فإنّ وظيفتها عند الماغوط تغيّرت عمّا هي عليه في العادة، فهي لم تعد تعطف بين شيئين مختلفين بل أصبحت أداة لوضع شيئين، عنصرين، مفهومين، مُتباعِدين، جنباً إلى جنب، لتوطيد علاقة بين ما يبدو متنافراً، وبين غرائبيّ نافر وغير متوقَّع في سياقه الطبيعيّ. أما جلسة اليوم التالي فأدارتها الكاتبة فتحية النمر، وشارك فيها د. صديق جوهر بورقة بعنوان «مقاربات نقدية في أشعار محمد الماغوط» وحسين درويش بورقة بعنوان (اقتناص المشهد الدارج في شعر الماغوط).أشار د. جوهر إلى أن عظمة الماغوط تكمن كإنسان ومبدع في ارتباطه العضوي الحي بأسطورة الأرض وأسرار النماء على نحو قد لا نجد نظيراً له في الشعر العربي الحديث إلاّ عند الشاعر المصري محمد عفيفي مطر، حيث يتجلى الموروث الشعبي والخرافات القروية.أما حسين درويش فأشار بداية إلى أن الماغوط لم ينتم إلى مدرسة شعرية (كما كانت حال الغالبية الساحقة من أفراد حركة مجلة شعر) وهو ما جعل شعراء مجلة شعر ينظرون إليه من زاوية مختلفة ولم يكن سهلاً ضمه إلى تيار محدد. وتطرق درويش إلى آلية تخزين المشهد العادي والمألوف في الحياة اليومية وبناء صورة درامية كما هي الحال مع جميع قصائده. وقرأ ورقة الشاعر عبده وازن عبد الإله عبد القادر، والتي كانت بعنوان (الوجه الآخر لمحمد الماغوط) ويقول فيها: «لا أعتقد أن شاعراً استطاع أن يحافظ على أثره الجارح والعميق مثل محمد الماغوط، تقرأه مرة تلو أخرى فتشعر بأنك تقرأه للمرة الأولى».في ختام الندوة قدمت الشاعرة الهنوف محمد قراءات شعرية من ديوان (الفرح ليس مهنتي وقصائد أخرى) والتي أصدرته مؤسسة سلطان بن علي العويس الثقافية بهذه المناسبة، كما قام الدكتور محمد المطوع بتكريم المشاركين في الندوة.

مشاركة :