التكفل بعائلات الإرهابيين والعمل على إدماج أطفال ونساء الجبل في المجتمع.العرب صابر بليدي [نُشر في 2017/04/17، العدد: 10605، ص(4)]جيش متشبع بالعقيدة العسكرية الجزائر - حملت الصور التي بثها التلفزيون الحكومي الجزائري لعائلة الإرهابي الموقوف من طرف الجيش في محافظة سكيكدة بشرق البلاد، دلالات سياسية على استمرار فتح أبواب التوبة أمام مسلحي المجموعات الجهادية، في إطار مشروع المصالحة الوطنية. وأعاد البيان الصادر عن قيادة الجيش الجزائري، المرافق لعملية إلقاء وحداته القبض على عائلة لأحد الإرهابيين، الحديث عن فتح أبواب التوبة أمام مسلحي التنظيمات الجهادية، لوقف نشاطهم وتقديم أنفسهم للمصالح المختصة، مقابل الاستفادة من التدابير التي أقرها ميثاق السلم والمصالحة الوطنية الصادر العام 2005. وكان الرئيس بوتفليقة قد استفتى الجزائريين في 29 سبتمبر من نفس العام حول قبول المشروع في إطار ما أسماه آنذاك بوقف حمام الدم وتحقيق المصالحة بين الجزائريين، بعد سنوات من الحرب الأهلية أفضت إلى سقوط 250 ألف ضحية بحسب أرقام رسمية. ورغم المعارضة التي أبدتها حينئذ بعض الأطراف السياسية وفعاليات المجتمع المدني، وبعض ما كان يعرف بـ“صقور” المؤسسة العسكرية، إلا أن نتائج الاستفتاء كانت في صالح المشروع السياسي. ومكن المشروع من عودة أكثر من سبعة آلاف مسلح كانوا منضوين تحت تنظيمي الجيش الإسلامي للإنقاذ والجماعة السلفية للدعوة والقتال. ورغم الغموض الذي اكتنف الآجال القانونية لغلق أبواب التوبة، بعدما ترك المشّرع الباب مفتوحا أمام رئيس الجمهورية لترقية المشروع وحرية إدراج تعديلات جديدة، فإن ظهور عائلات الإرهابيين من حين إلى آخر في ظروف كريمة لدى وحدات الجيش، يعطي الانطباع بأن العمل لا يزال ساريا بموجب القانون. وكانت قوات الجيش الجزائري قد ألقت القبض على عائلة الإرهابي المكنى “صالح” الذي التحق منذ أكثر من عشر سنوات بصفوف الجماعات المسلحة شرق البلاد، رفقة عائلته المكونة من ستة أفراد، بعد محاصرة أحد المخابئ ببلدة وادي الزهور بمحافظة سكيكدة.مراقبون لا يستبعدون أن تتحول مسألة {توبة الإرهابيين} إلى ورقة انتخابية، في ظل تزامن العملية مع أطوار الحملة الدعائية وقال بيان قيادة المؤسسة العسكرية بأنه تم “توقيف العائلة في المنطقة المعلن عنها، وتحويل أفرادها من أجل التكفل بهم من حيث النظافة واللباس والراحة”. وأضاف “إن أفراد العائلة وجدوا في حالة مزرية سواء من حيث الوضع الصحي وانعدام النظافة الجسدية والحالة النفسية المتدهورة خاصة الأطفال منهم، حيث عملت المصالح المختصة على توفير الرعاية الصحية والنفسية لهم والتكفل بهم من حيث النظافة واللباس والراحة”. وتابع “إن نفس السيناريو يتكرر ونجد أطفالا أبرياء ذنبهم الوحيد أنهم ولدوا في غياهب الجبال والغابات من آباء اختاروا أن يمنحوهم مصيرا مجهولا بين وحشة الظلام ولسعات البرد وهيمنة الجهل، وبعيدا عن كل صفات الإنسانية والحياة البشرية”. وفيما لم يصدر عن مؤسسة الرئاسة أي تعليق أو موقف من العملية، إلا أن ترويج الذراع السياسية الأولى للسلطة (حزب جبهة التحرير الوطني)، خلال الحملة الدعائية للانتخابات التشريعية المقررة في الرابع من مايو القدم، لبرنامج ومشروع بوتفليقة، القائم على أضلاع النهضة الاقتصادية والعودة الدبلوماسية والمصالحة الوطنية، يوحي بأن السلطة مستعدة لبذل المزيد من أجل لملمة من تصفهم بـ“المغرر بهم”. لكن مراقبين لا يستبعدون أن تتحول مسألة “توبة الإرهابيين” إلى ورقة انتخابية، في ظل تزامن العملية مع أطوار الحملة الدعائية، وحتى إمكانية تنازعها بين مؤسسة الرئاسة والجيش الذي يسعى لتسويق الوجه الإنساني لعقيدته العسكرية، بشكل ينافس الوعود الانتخابية للطبقة السياسية. وفي تلميح إلى إبقاء أبواب التوبة مفتوحة، أضاف البيان “الفرصة متاحة قبل فوات الأوان لكل من ضلوا الطريق ليسلموا أنفسهم، ويطلقوا الأعمال الإجرامية ويعودوا إلى حضن الوطن”. وتتبنى الجزائر مقاربة متعددة الجوانب في المجال الأمني ومكافحة الإرهاب، حيث ترافع لصالح تنسيق الجهود الدولية والإقليمية لشن حرب موحدة على التنظيمات الجهادية المتشددة. كما تنادي بتفكيك أيديولوجيات التطرف الديني، بتكريس قيم التسامح الفكري والعقائدي، والتكفل ببؤر الفقر والحرمان والإقصاء السياسي والاجتماعي والاقتصادي. واستطاعت الجزائر رغم اشتعال الحدود الإقليمية في كل من مالي وليبيا، تأمين إقليمها من الاختراقات الأمنية، لا سيما في الجنوب والشرق، بفضل تسخير إمكانياتها الأمنية والعسكرية واللوجيستية لتأمين الحدود البرية. كما تمكنت قوات الجيش من إحباط تغلغل تنظيم داعش الإرهابي، الذي فشل إلى حد الآن في تأسيس ولايته في الجزائر رغم المحاولات اليائسة تحت الضربات المتتالية لوحدات الأمن والجيش التي حالت دون استقراره في مختلف التضاريس والأنسجة العمرانية.
مشاركة :