التعاون الأمني والاستخباراتي بين الجزائر والولايات المتحدة الأميركية، في مجال الحرب على الإرهاب، يشكل صلب العلاقات الثنائية خلال السنوات الأخيرة.العرب صابر بليدي [نُشر في 2017/03/04، العدد: 10561، ص(4)]واشنطن تعمل بمنطق الغاية تبرر الوسيلة الجزائر - تلتزم السفارة الأميركية في الجزائر، الصمت بشأن القضية المثارة حول ضلوع بعض أعوانها في تجنيد عنصر سابق في المجموعات المسلحة، لمدها بمعلومات حول نشاط الفصائل الجهادية في الصحراء الجزائرية، وعلى رأسها المطلوب الأول لدى الاستخبارات الأميركية، مختار بلمختار زعيم كتيبة “المرابطون” المقربة من تنظيم القاعدة. وأشارت قضية مطروحة على محكمة الجنايات لمجلس قضاء العاصمة، بأصابع الاتهام إلى مساع في السفارة الأميركية بالجزائر، لتجنيد مسلح سابق من أجل تزويدها بمعلومات حول نشاط التنظيمات الجهادية في الصحراء، الأمر المرشح لأن يأخذ أبعادا دبلوماسية، بالنظر إلى النشاط المريب للسفارة الأميركية، في التعاطي خارج الأطر الرسمية لحماية المصالح الأميركية. وصرح المتهم لهيئة القضاء بأن “موظفة في السفارة الأميركية، سلمته عمولة مالية خلال زيارة له لمبنى السفارة من أجل الحصول على تأشيرة، مقابل تحصيلهم بمعلومات حول نشاط وحركة الجماعات المسلحة في الصحراء الجزائرية، خاصة في ما يتعلق ببلمختار، على أن يكون ذلك خارج علم السلطات الجزائرية الأمنية والاستعلاماتية”. وأضاف “أطلعوني على تسجيل مصور لبلمختار يهدد بضرب المصالح الأميركية في الجزائر، وقد أخبرت الموظفة الأميركية في اتصالات لاحقة، بأنني أملك معلومات حول نشاط الرجل، وأنه قام بإبلاغ الأمن خلال عودته إلى مسقط رأسه في مدينة المسيلة، أين نُصح بالاستمرار في التعاطي مع الموظفة الأميركية، بناء على التعليمات التي يزود بها، وأن المكالمات كانت تتم في مكتب قائد فرقة الأمن بالمدينة”. ورغم أن القضية رفعت ضده من طرف السفارة الأميركية عام 2014، بتأويل مغاير يزعم التهديد بتفجير مبنى السفارة ونشر الذعر والفوضى، إلا أن التفاصيل الواردة على لسان المتهم تنطوي على حقائق مثيرة. وغاب ممثلو السفارة الأميركية عن حضور جلسة المحاكمة، ولم يصدر أي تعليق عن المسؤول الأول في السفارة جون بولاشيك، رغم أن المرأة لم تتأخر في أي مناسبة عن التغريد في صفحتها الرسمية على التويتر، بما فيها العملية الانتحارية الفاشلة مؤخرا في مدينة قسنطينة. ويشكل التعاون الأمني والاستخباراتي بين الجزائر والولايات المتحدة الأميركية، في مجال الحرب على الإرهاب، صلب العلاقات الثنائية خلال السنوات الأخيرة، فكثيرا ما أشادت الإدارة الأميركية بالدور والخبرة الجزائرية في تحييد التنظيمات الجهادية في المنطقة. وكانت الإدارة الجديدة بقيادة الرئيس دونالد ترامب، قد أكدت خلال الأسابيع الأخيرة، على ضرورة استغلال وتوظيف الرصيد الاستعلاماتي الجزائري. وأشارت تقارير أميركية إلى مساع في واشنطن لاستعادة الرجل القوي في جهاز الاستخبارات السابق الجنرال محمد مدين (توفيق)، للاستفادة من خبرته وشبكاته الناشطة في سوريا وأفغانستان وليبيا، ودول الساحل الأفريقي. في المقابل، يرى ضابط استخباراتي متقاعد، أن “المسألة لا تشكل مفاجأة للعاملين في سوق الاستعلامات، فكل الهيئات والأجهزة تبحث عن المعلومة المهمة بمختلف الأشكال حتى ولو كانت في بعض الأحيان مصدر إزعاج دبلوماسي وتُحصّل خارج الأطر الرسمية”. ولم يستبعد المصدر أن يتم احتواء القضية معتبرا أن ما يجمع الجزائر والولايات المتحدة، أكثر من هكذا فعل قد يكون معزولا أو مبادرة شخصية من موظف.
مشاركة :