الزومبي ليس وحشاً بل بطل ظلمته السينما (1) - ثقافة

  • 4/19/2017
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

يعتقد الكثير من الناس أن مفردة «زومبي» تحمل دلالة على العنف والقتل، واشاعة الخوف في قلوب الناس، وقد لعبت هوليوود دورا رئيسا في ترسيخ هذا المفهوم الخاطئ عبر انتاج سلسلة من أفلام الرعب اضافة الى ألعاب إلكترونية، ولكن الحقيقة أن زومبي لديه قصة مشوقة سنرويها لكم.ان مفردة «زومبي» تحمل دلالة عن الاموات الاحياء الذين عادوا للحياة بفعل السحر الاسود، ولكن زومبي الحقيقي هو قائد افريقي مسلم قام بثورة للعبيد في البرازيل ضد المستعمر البرتغالي.زومبي عاش في بداية القرن السادس عشر بعد ان قام المستعمر البرتغالي بخطف الملايين من العبيد من افريقيا، وقد وصل عددهم الى اكثر من 13 مليون نسمة منهم نصف المليون شخص فقط في البرازيل، وقد قام هؤلاء العبيد بتعليم البرتغاليين الكثير من المهارات في الزراعة وبعض الصناعات اليدوية الحرفية الا ان المستعمر البرتغالي مارس المزيد من العبودية والاضطهاد ما دفع العبيد بالهرب نحو الغابات، فنجحوا في اقامة مستعمرات خاصة بهم على مراحل الى ان تمكن المسلمون العبيد آنذاك ومعظمهم من سلطنة مالي الشهيرة من انشاء مستعمرة بالميراس في عام 1605م، وقد بلغ عدد سكان تلك المستعمرة 50 ألف نسمة تقريبا، واستطاعوا الحصول على حكم ذاتي، وقد كان لهم قانون خاص بهم تحت مظلة المستعمر البرتغالي.واستمرت الحروب بين البرتغاليين وتلك الدولة الصغيرة ما اضطر الملك «زومبا» لتوقيع معاهدة الا ان ابن اخته «زومبي» رفض تلك المعاهدة وقام بعزل خاله وحارب البرتغاليين الى ان قتل في 20 نوفمبر من عام 1695م بل قام البرتغاليون بنشر الرعب بين اهله وشعبه عندما فصلوا رأسه عن جسده بعد قتله وقاموا بتعليق جثته كي لا يفكر أي شخص بحذو حذوه، لكن ذلك الامر دفع بالعديد من شباب المستعمرة الى محاربة البرتغاليين وقد تعرضوا للقتل والتعذيب.وما زالت البرازيل تحتفل بيوم الوعي الوطني وأرادت ان يكون في الثالث عشر من عام 1960م الا ان الكثير من الشعب البرازيلي رفضوا ذلك وكان هناك اصرار على ان يكون في تاريخ 20 من شهر نوفمبر الذي يصادف اليوم الذي قتل فيه البطل «زومبي».اليوم يوجد تمثال للبطل زومبي في مدينة «بالميراس» البرازيلية وهو محل فخر للشعب البرازيلي، كما انه مزار سياحي يحرص الكثير على زيارته والتقاط الصور معه.ان مثل تلك القصة تؤكد حقيقة مهمة وهي ان الحروب متعددة ولا تتوقف على الحروب العسكرية فقط فقد تكون اقتصادية وقد تكون ثقافية، والثقافة سلاح خطير خصوصا اذا ما امتزج مع الاعلام الذي اصبح أول وأهم وأخطر سلاح تستخدمه الدول العظمى في تنفيذ مصالحها، ولا توجد أي حرب الا وقد سبقتها حملة اعلامية ثم تبعتها حملة ديبلوماسية ثم تأتي الحرب، وبعدها يأتي الاكاديميين لتحليل ولتوثيق ما حدث وفق رؤية محددة أحيانا.ويأتي دور السينما لتحقيق مثل تلك الاهداف كما فعلت السينما الاميركية في ترسيخ مفهوم الزومبي على انه شيء مرعب عبر سلسلة من الافلام السينمائية التي بدأت في تناول هذا الموضوع منذ عام 1968م الى يومنا هذا، والان من الصعب ازالة مثل تلك الثقافة لدى شعوب العالم.وهنا دلالة مهمة على اننا مطالبون بتقديم رؤية دفاعا عن قضايانا الرئيسة الى جانب الخطابات الدينية والسياسية والى جانب بث الوعي في تلك القضايا لدى الاجيال الجديدة الا اننا ايضا مطالبون بتفعيل تلك القضايا عبر طرق ابواب جديدة او العودة الى تناولها عبر انتاج افلام سينمائية تخدم قضايانا ورؤانا وقد تجلى ذلك الامر في انتاج فيلم «الرسالة» ثم تبعه فيلم رائع آخر هو فيلم «عمر المختار» بطولة انتوني كوين.نعم علينا ان نقوم بإنتاج افلام سينمائية ضخمة من شأنها ان تخدم قضايانا وعلينا ان نخصص لها مبالغ مالية ضخمة، والعمل على كتابة نص سينمائي بحرفية عالية مراعيا الجوانب التاريخية مع وجود سيناريو محترف يجيد رسم صورة سينمائية مع الاستعانة بمخرج يعرف عمله جيدا اضافة الى ممثلين لهم تميز اعلامي على المستوى العالمي ناهيك عن بقية عناصر صناعة فيلم سينمائي.لقد استخدمت الولايات المتحدة الاميركية السينما كسلاح ضد الاتحاد السوفياتي ابان فترة الحرب الباردة بينهما التي بدأت بعد الحرب العالمية الثانية، واستمرت على مدى نصف القرن تقريبا كما استخدمت اوروبا الشرقية السينما للترويج لايديولوجيتها الامر الذي يعكس اهمية السينما الى جانب المتعة والترفيه.* كاتب وفنان تشكيلي كويتي

مشاركة :