الإخاء الوطني ليس شعاراً بل واجب مُستحق - ثقافة

  • 5/27/2017
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

كن حريصاً على الاخاء... كن حريصاً على التسامح... كن حريصاً على قبول الآخر. لا تلتفت لما يدور حولك من احاديث الافك التي تفرق ولا تجمع... أحاديث الطائفية البغيضة، والقبلية الجاهلية، والمنبت الاجتماعي الذي أوجدك في هذه الحياة... كلها عوامل هدم ودمار للمجتمع والدولة، فلا تستمع إليها. بل حاربها بكل ما أوتيت من قوة.فنحن نعيش في اقليم مشتعل بالصراع والحروب والقتل على الهوية... صراع يحيط بنا من كل حدب وصوب. ولن يتركنا في سلام وأمان ضمن حدودنا الوطنية. بل سنجد أنفسنا يوماً وقد أصبحنا جزءاً من هذا الصراع كحالة للدفاع عن النفس وإثبات الوجود والحق في الحياة الذي لا يفرق بين أصل وفصل ودين ومذهب ومنبت اجتماعي.الكل فينا يعلم تماماً أن الوحدة الوطنية لا تتحقق إلا من خلال تكاتف أفراد المجتمع وتآزرهم ومحبتهم لبعضهم البعض، والتي بدورها لا تنمو ولا تتسع ولا تزدهر إلا على قاعدة الاخاء والتسامح وقبول الآخر. فليكن ذلك رسالة كل كويتي يعمل لصالح الوطن والأجيال القادمة. فبقاؤنا وازدهار وطننا لا يمكن له الاستمرار إلا بوحدتنا الوطنية... أخوة متسامحين، نشد أزر بعضنا البعض كما حدث ويحدث عند المحن التي مرت وتمر بها الكويت عبر تاريخها القديم والحديث، وخرجت منها منتصرة بوحدة ابنائها.في كلمة لرئيس وزراء الكيان الصهيوني- إسرائيل الأسبق ديفيد بن غوريون بعد هزيمة العرب والنكبة التي حلت بهم عام 1967م، اقتطف منها العبارات الآتية: «...إن قوتنا ليست بسلاحنا النووي، وإنما نجاحنا في مدى قدرتنا على تفكيك ثلاث دول عربية كبرى، العراق، سورية، ومصر إلى دويلات طائفية ومذهبية متناحرة. وهذا لا يتم بذكائنا، وانما بغباء الطرف الآخر».ما قد يصيب أمة أو دولة كبيرة يمكن أن يصيب دولة صغيرة بسهولة ويسر. ونحن في الكويت لا نريد لوطننا المستهدف أن يكون بين هؤلاء الضحايا بسبب خلافات طائفية وقبلية وعرقية ومذهبية تنهش جسد الوطن. وحكماؤنا ومفكرونا ومُثقفونا من جميع أطياف المجتمع الكويتي يقفون متفرجين لا مبالين لما يدور حولهم، ولا يحركون ساكناً سوى اجترار الأحزان والنقد الصاخب في ديوانيات المساء الذي ينتهي مفعولة في نهاية تلك الجلسات ويصبح حكاية اليوم كالأمس، اللهُم قلة من الديوانيات التي اصبحت منتديات وطنية، نأمل ان تتسع رقعتها في المستقبل المنظور.ورغم هذه السلبية تبقى قضية تصدع الجبهة الداخلية أمانة ومسؤولية مشتركة بين الشعب والحكومة. فالتلاحم الشعبي ووحدته، ونبذ جميع ألوان الطائفية والقبلية والمذهبية ستبهر الحكومة، وتفرض عليها قيادة الوطن والمجتمع نحو الاصلاح الحقيقي في مواجهة الفكر المتطرف والإرهاب من خلال تنفيذ التشريعات الرادعة، واصلاح المناهج الدراسية والتعليمية وتأهيل المعلمين لمواكبة هذه التطورات، وبما لا يسمح للفكر المتطرف أن يأخذ طريقة الى عقول الناشئة وهم لا يزالون في أول الطريق.ان المسؤولية التاريخية في هذا الأمر المهم تقع على عاتق وزارة التربية على وجه التحديد. خصوصاً انها منذ عام شرعت في إصلاح مناهج التعليم لجميع المراحل الدراسية بالتعاون مع البنك الدولي. وكان لي شرف المشاركة في اللجنة التي أوكل إليها النظر في منهج حقوق الانسان. واعتقد أن ما توصلت إليها اللجنة يعتبر عملاً جيداً قياساً عن ما كان عليه المنهج من قبل.فإذا كنا قد حملنا الحكومة هذه المسؤولية التاريخية، فإننا لا نعفي المؤسسات الدستورية المتمثلة في مجلس الأمة، والاعلام بمختلف وسائطه. وكذا مؤسسات المجتمع المدني من هذه المسؤولية. فعلى كل جهة ومن موقع تخصصه أن يؤدي رسالته تجاه وطنه، سواء كان في الإطار التشريعي أو التوعوي الشعبي لمواجهة خطر الفكر المتطرف والارهاب، أو التحرك على الساحة الشعبية من خلال المحاضرات والندوات واستطلاعات الرأي.ان تضافر الجهود ووحدة الصف يعتبران بداية الطريق لبناء سور عظيم حول الوطن لحمايته من رياح الفوضى الخلاقة التي هوّت بدول عربية كبيرة كانت يوماً منارات للعمل العربي المشترك، وطريق نحو وحدته، ونحن لا نريد لوطننا الكويت مثل هذا المصير الذي سعى إليه بن غوريون قبل وفاته، وتحقق شيء منه بعد وفاته.

مشاركة :