الأخلاق والسينما (1) - ثقافة

  • 9/1/2016
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

اصطدم الكثير من الامور الفكرية والاجتماعية مع الدين الاسلامي، كونه يتعامل مع الانسان بتفاصيل كثيرة منذ ولادته الى وفاته، وفي كل مرحلة نجد تفاصيل دقيقة مهمة ضمها القرآن الكريم او تناولته السنة النبوية، وكذلك الامر بالنسبة لسلوكيات الانسان اثناء حياته، وكذلك الامر بالنسبة لاعماله الابداعية المختلفة. ومن الامور التي ارتطمت بالدين وتعاليمه هي بعض الابداعات خصوصا تلك المتعلقة بالفنون وابداعاتها، وآلية تعامل علماء الدين كونهم اختلفوا في كونها امور محرمة او مكروهة او مباحة، وبين تلك وتلك هناك الكثير من الاراء المتناقضة. وتبقى عملية القبول والرفض محل نقاشات عدة خصوصا اننا في الوطن العربي لدينا بعض الخصائص من حيث ان الدين هو عنصر مهم في الحياة سواء داخل الاسرة او في بقية مؤسسات المجتمع اضافة الى ان شعوبنا الشرقية العربية هي شعوب محافظة حتى من قبل ان تتشرف بحمل مسؤولية الدين الاسلامي. ومن تلك الفنون التي تعاملت مع الدين والعادات والتقاليد السينما العربية التي بدأت في جمهورية مصر العربية ثم تتابعت الحضور في بقية دول الوطن العربي، وقد تعاملت السينما عبر عقود من الزمن مع الكثير من قضايا المجتمع بشكل موفق الى حد كبير كونها كانت تراعي بعض الامور التي تعتبر جزءا من شخصية الانسان العربي وتركيبته الثقافية الا ان ذلك لا يجعلنا نتجاهل بعض التجاوزات عبر الكثير من الافلام سواء كانت مصرية او سورية او لبنانية او مغربية او تونسية. وكانت هناك اراء متشددة حول ضرورة احترام السينما للتشريعات الدينية اضافة الى بعض العادات والتقاليد، وان مسألة الخروج على ذلك تبقى مرفوضة مهما كانت المبررات، والكثير من فئات المجتمع تؤيد تلك الاراء ولكن هناك اراء اخرى وان كان من يمثلها قلة من حيث الكم الا انهم يشكلون الطبقة المثقفة وبالتالي فهم النخبة التي ترفض وجود القيود على الابداع في السينما او غيرها بل انهم بالغوا في آرائهم اذ أكدوا ان مثل تلك الشروط القاسية قد تقيد المبدع مما يعود بالسلب على مستوى العمل الابداعي ومنه السينما التي هي بحاجة الى تقديم الفكر الانساني والقضايا الاجتماعية مع الانفعالات والغرائز المختلفة،وتبقى عملية طريقة تقديمها مرتبطة بالنص المكتوب وبرؤية المخرج الذي يقود العمل وانهم لا يسمحون بأي ضغوط او قيود مهما كانت المبررات. ويؤكد الكثير من مؤيدي هذا الرأي ان الدين والاعراف الاجتماعية سببا في هبوط مستوى الابداع الفكري والثقافي والفني في الوطن العربي مقارنة بوضع الفنون في العالم الغربي العلماني الذي لا يؤثر الدين فيه بصورة عميقة، وكذلك الامر بالنسبة للسينما فهي تعاني الفقر الفكري مثلما تعاني الفقر المادي من حيث توفر رؤوس الاموال واجور الفنانين وتكلفة الفيلم بشكل عام ناهيك عن الفقر التقني مقارنة بمعدات التصوير السينمائي في الولايات المتحدة والهند والصين. ومن الطريف فعلا ان الواقع السينمائي العربي لا يدعو الى الاطمئنان لانك قد تجد فيلما سينمائيا أميركيا ضخما تعادل او تفوق موازنته موازنة عشرة افلام سينمائية عربية مجتمعة الامر الذي يقودنا الى ان معضلة السينما العربية ليست معضلة دينية او اخلاقية بل هي أزمة صناعة سينما شاملة. * كاتب وفنان تشكيلي

مشاركة :