اعتاد بعض جيراني الاجتماع صباحًا ومساءً وبصورة شبه يومية فبعضهم متقاعد من عمله، ولذلك اغتنمت وجودهم في مجلسهم بعد صلاة مغرب أحد الأيام وتحدثت إليهم عن أنفسهم أولا فهنأتهم على روح الأخوة التي تربطهم ببعضهم وليس بينهم قرابة ولا نسب وإنما جمعهم بيت لله فهم والحمد لله مواظبون على أداء معظم الفروض في مسجد الحي، وفي أغلب الأحيان تراهم جميعا ذهابا وإيابا - حفظهم الله - ثم انتقلت إلى الموضوع الأهم والذي يدور حول أعظم جيرة وأكرم جار عليه الصلاة والسلام، وعن وصيته صلى الله عليه وسلم بجيرانه وتشديده في الرفق بهم وعدم إيذائهم وأن من آذاهم فكأنما آذى ما بين جنبيه عليه الصلاة والسلام، وسلطت الضوء على أهمية مراعاة كل واحد من سكان المدينة المنورة لمن يحيط به من جيرانهم ليس باعتبارهم مجرد جيران عاديين وإنما لأنهم جيران النبي عليه الصلاة والسلام، بل إن هذه الرعاية لابد أن تصل إلى التعامل مع الزوجة والأبناء والبنات من خلال هذا المنظار، فيشعر الزوج أن أم عياله إنما هي جارة للحبيب عليه الصلاة والسلام فيحترمها ويقدرها، والزوجة كذلك تتعامل مع زوجها من خلال هذا المنظار، وهكذا يتم بث هذا النمط من التفكير بين أفراد الأسرة والعائلة والأقارب والجيران والمعارف، بل حتى زملاء العمل ابتداء من الرئيس إلى أصغر موظف، كما أن كل موظف حكومي لابد وان يتعامل مع مراجعيه بهذا الأسلوب فيشعر ومن عميق قلبه بأنه يقدم خدماته لجيران النبي الكريم صلى الله عليه وسلم، وحتى العاملين في المؤسسات التجارية فيما بينهم ومنهم مع عملائهم، لا فرق بين رئيس ومرؤوس! قبل فترة قريبة تحدثت مع مسؤول في إحدى مؤسسات النظافة العاملة في المدينة المنورة حول الموضوع نفسه، خاصة وأن عمال المؤسسة قد توقفوا عن العمل وأثر ذلك بشكل سلبي على عملية النظافة في كل أرجاء البلدة الطاهرة، قلت له: لو أنكم تعرفون هؤلاء العمال بأنهم إنما يعملون في مدينة النبي الكريم عليه الصلاة والسلام، وأنهم ينظفونها محبة له ومن أجل جيرانه وزواره، وتوقعت أن هذه الرسالة لو وصلت إليهم بطريقة سليمة وترسخت في نفوسهم معانيها فسيقومون بهذه الخدمة بمشاعر أخرى غير عادية تماما، وسيبذلون أقصى ما لديهم من جهد حبا في نبيهم وحبيبهم العظيم عليه الصلاة والسلام، ولن يجدوا في أنفسهم أية مشاعر سلبية، وربما يشعرون بمتعة هذه الخدمة التي لا يتمتع بها سواهم في كل أنحاء العالم. عندما بدأنا العمل في مكتب هيئة الاغاثة الاسلامية العالمية عام 1409هـ لم تكن لدينا ميزانية تشغيلية لأن الهيئة الأم بجدة كانت في بداية الطريق، لذلك اضطررت لجمع بعض النقود من الزملاء العاملين في المكتب لشراء مثقاب (درل) كنا بحاجة إليه، وذهبت برفقة أحد الشباب إلى محل لبيع المعدات ولما عرف صاحب المحل بالجهة التي جئنا منها وهي هيئة الإغاثة أمر العاملين لديه بمنحنا كل ما نحتاجه دون مقابل! وتذكرت اللحظة كيف كانت بعض عوائل الحرمين يتسابقون على تنظيف وخدمة بيت الله الحرام والمسجد النبوي وغالبًا بدون مقابل فلم تكن مهنة استرزاق وإنما فرصة لكسب الأجر من الله. sirafat@gmail.com للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (66) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain
مشاركة :