ممّا حفظناه في الصفوف الأولية تعريف مراتب الدِّين «الإسلام، والإيمان، والإحسان»، ورغم أهمية هذه المصطلحات، والتي هي قواعد للتعرّف على الدِّين العظيم وأبعاده إلاَّ أنها لم تأخذ حظها من الفهم والوعي والاستيعاب من لدن كل أو معظم من درسها وربما نال عليها درجات نهائية في الاختبارات الدورية والنهائية، ولعل من أسباب ذلك الخلل عدم وعي معظم من يلقنها للطلاب وقلة التفكير فيها ومحاولة وضعها على أرض الواقع في صور تطبيقية، ولأنه هو نفسه تلقاها كما هي إبان دراستها في كافة مراحل التعليم، وهذه هي المعضلة الكبرى التي نعاني منها في مقرراتنا الدينية (في الدرجة الأولى) وبقية المقررات الأخرى!! ولو حاولنا استعراض هذه المراتب واستقصاء جوانب منها نطبقها دون أن ندري أو هي مطبقة أصلاً لكنا في غفلة عمّا نقوم به أو أننا نمارسها دون استشعار أهميتها وضرورتها وكيفية استثمارها في توجيه وترقية السلوك الفردي، أو الجمعي في مجتمعاتنا المسلمة، والعجيب أننا خلال دراستنا الماضية لتلك المراتب أو الحديث أو القراءة أو حتى الكتابة عنها نكاد نراها وكأنها من القضايا المثالية أو بعيدة المنال للعامة والخاصة على السواء، وربما يراها البعض من سابع المستحيلات التي لا يمكن وجودها سوى بين دفات الكتب والمراجع وليست من ضروريات الحياة وأولوياتها التي لا يمكن العيش في الإسلام بدونها، ولذلك فإن معظم المعلمين والطلاب قديمًا وحديثًا، وربما مستقبلاً ليس لديهم أي تصور عن طبيعتها وتفصيلاتها ويكتفون بمجرد حفظها وتلقينها وترديدها دون وعي أو فهم!! ولأنها بهذه الصورة فإننا نفتقد كثيرًا من الفهم السليم والنقي والواضح عن الإسلام والإيمان والإحسان، ولكن دعونا نستعرض صورًا من التطبيق العملي لكل واحد منها، فالإسلام هو الدائرة التي تشمل كل من نطق وأعتقد بالشهادتين مخلصًا من قلبه وأقام الصلاة وآتى الزكاة المفروضة وصام رمضان إيمانًا واحتسابًا وحج بيت الله الحرام حال استطاعته، ويرتقي في انتمائه لدين الله حيث يؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وبالقدر خيره وشره من الله تعالى، فهذه القضايا رغم غيبيتها لكن كل المسلمين مقتنعون بها، ولا يمكن أن ينكرها جملة أو بعضًا منها إلاّ شاك في دينه، لذلك ليس من المتوقع وجود أي مسلم ولو كان جاهلاً أو إنسانًا عاديًّا بسيطًا ناهيك عن المتعلم والمثقف المتمسك بدينه إلاّ وهو مقتنع تمام القناعة بأركان الإيمان كما تعلمناها منذ نعومة أظافرنا، أمّا الإحسان وهو الذي قد يتبادر إلى البعض أنه مستحيل التطبيق والعيش به فهو موجود في معظم العبادات المفروضة التي يمارسها كل مسلم، وبناء على مفهوم الإحسان «أنك تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك»، فهذه الصورة متوفرة في الوضوء -مثلا- فإذا كان المسلم يسبغ الوضوء صيفًا وشتاءً خاصة إن لم يكن معه أحد من البشر فهو هنا يمارس تلك الصورة المثالية التي كنا نعتقد أنها نادرة، كذلك غسل الجنابة -وهو أمانة- والصيام نموذج حي لتطبيق مفهوم الإحسان في حياتنا الإسلامية، صحيح أنه لا يمكن الوصول إلى المراتب العليا إلاّ لمن يجتهد ويبذل أكثر لكن ليس من المستحيل أو المعجز طالما أن المسلم يجتهد لتحقيق عبوديته لله، وانتمائه لدين الإسلام، بتوفيق الله وفضله، والله أعلم. sirafat@gmail.com للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (66) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain
مشاركة :