أكد الأمين العام المساعد للشؤون الاقتصادية والتنمية بالأمانة العامة لمجلس التعاون الخليجي خليفة العبري، أن تأثير ضريبة القيمة المضافة على استهلاك المواطنين محدود، ولن تحدث تأثيرات سلبية على أداء السوق أو الاقتصاد، مبينا أن دول مجلس التعاون تتطلع في السنوات المقبلة إلى رفع مساهمة القطاع الصناعي في ناتجها المحلي الإجمالي إلى 25% بحلول العام 2020 مقارنة مع 10% في الوقت الراهن. وقال العبري في حواره مع «اليوم»: إن اعتماد إطار موحد لتطبيق ضريبة القيمة المضافة بنسبة 5% متدنية مقارنة مع معظم الدول، مشيرا إلى أنه من شأن الإيرادات الإضافية الناجمة عن الضريبة أن تستفيد منها حكومات دول المجلس في تمويل برامج وخطط التنمية. ■ خلال العام الحالي سيتم تطبيق القيمة المضافة خليجيا، ما أهمية تطبيق هذا القرار وانعكاسه على المواطن الخليجي؟ وما حجم العوائد من تطبيقه؟يأتي توجه دول المجلس نحو فرض بعض الضرائب المستجدة كضريبة القيمة المضافة في إطار مساعي حكومات دول المجلس وخططها الاقتصادية والتنموية الرامية إلى توفير إيرادات ثابتة ومستقرة وتنويع مصادر الدخل، وتخفيف حجم الاعتماد على عائدات النفط والغاز. وضريبة القيمة المضافة هي ضريبة حديثة، ورغم أن تطبيقها لم يبدأ إلا قبل نحو 50 عاما، إلا أنها أصبحت اليوم مصدرا رئيسيا للإيرادات العامة في غالبية دول العالم، حيث تطبق ضريبة القيمة المضافة حاليا في أكثر من 150 دولة في العالم، بما فيها جميع الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، البالغ عددها 29 دولة، بالإضافة إلى كندا ونيوزيلندا وأستراليا وسنغافورة وماليزيا. وبهذا الشأن، اتفقت دول مجلس التعاون على اعتماد إطار موحد لتطبيق ضريبة القيمة المضافة بنسبة 5%، وهي في الواقع نسبة متدنية مقارنة مع معظم الدول الأخرى التي تطبقها، وعلى ذلك فإن تأثيرها على استهلاك المواطنين محدود، ولن تحدث تأثيرات سلبية على أداء السوق أو الاقتصاد، خصوصا إذا ما علمنا أن معظم دول العالم تطبقها بنسب تتراوح بين 10 و25%، عدا عن أنه يكون لها تأثير ملموس على أسعار السلع والخدمات أو تكلفة المعيشة، باعتبار أن قطاعات الرعاية الصحية والتعليم والخدمات الاجتماعية والمواد الغذائية الأساسية معفاة من الضريبة بدول المجلس. ■ هل لتطبيق ضريبة القيمة المضافة فترة محدودة؟ وما هي أهم المنتجات التي تشملها؟من المتوقع أن يتم تطبيق ضريبة القيمة المضافة بدول المجلس بشكل تدريجي على أن تكون مستكملة خلال عامين، وهي المدة المحددة لتطبيقها بدول المجلس مطلع العام 2018. مع التأكيد على أن هذه الضريبة استهلاكية غير مباشرة، وتفرض على معظم واردات السلع والخدمات التي يتم شراؤها وبيعها مع إمكانية استثناء عدد محدود منها من هذه الضريبة. ■ كيف ترون دعم الصناعة الخليجية؟ وما هي نظرتكم لها خلال السنوات الخمس المقبلة؟لا شك أن تكامل المنظومة التشريعية الاقتصادية لدول المجلس قد أسهم بشكل جيد في رفع مستوى مساهمة القطاع الصناعي الخليجي في الناتج المحلي الإجمالي لدول المجلس خلال السنوات الماضية، وقد أظهرت دراسة لمنظمة الخليج للاستشارات الصناعية (جويك) أن حجم الاستثمارات التراكمية في القطاع الصناعي الخليجي تجاوز بنهاية العام الماضي قيمة 323 مليار دولار، بتشغيل ما يزيد على 14 ألف منشأة صناعية مسجلة، وفرت نحو مليون و261 ألف فرصة عمل، وتتطلع دول مجلس التعاون الخليجي في السنوات المقبلة إلى رفع مساهمة القطاع الصناعي في ناتجها المحلي الإجمالي إلى 25% بحلول عام 2020 مقارنة مع 10% في الوقت الراهن، ومن المتوقع أن يزداد الاستثمار الصناعي لدول مجلس التعاون الخليجي عن التريليون دولار بحلول عام 2020 بعد الانتهاء من تجهيز المدن الصناعية التي يجري العمل عليها حاليا. حيث تتميز الصناعة الخليجية بالتركيز على الصناعات الصغيرة والمتوسطة والحجم الذي يشكل أكثر من 86% من جملة المنشآت الصناعية بدول مجلس التعاون الخليجي غير أن معظم الاستثمارات الصناعية تتمركز في الصناعات الكبيرة ممثلة في قطاع صناعات البتروكيماويات الأساسية التي تمثل أكثر من 78% من جملة الاستثمارات التراكمية في القطاع الصناعي الخليجي. ■ ما هي توقعاتكم لنسبة النمو خلال العام الحالي لدول الخليج؟ وما حجم التبادل التجاري بين دول الخليج؟توقع المركز الإحصائي لدول مجلس التعاون في تقريره الاقتصادي تحسن النمو في اقتصاديات دول المجلس خلال العام الجاري 2017 ليصل إلى حدود 3.4% مع ارتفاع أسعار المستهلكين بشكل طفيف، ونظرا للإصلاحات الاقتصادية وإجراءات رفع الدعم الحكومي عن المشتقات النفطية ومصادر الطاقة، وارتفاع أسعار الفائدة لدى المصارف المحلية بدول المجلس، كما يرجح أن تقود قطاعات البناء والتشييد والنقل والتخزين والمواصلات النمو الاقتصادي لدول المجلس خلال العام الجاري. أما بالنسبة لحجم التبادل التجاري البيني لدول المجلس فإنه بعد قيام الاتحاد الجمركي مطلع يناير 2003 فقد ارتفع حجم التبادل التجاري البيني بمعدل نمو سنوي كبير بلغ 20% خلال الفترة من 2003-2014 إذ وصل حجم التبادل التجاري البيني لدول المجلس خلال العام 2015 إلى ما يزيد على 100 مليار دولار. ■ معظم المجالات الاقتصادية في الخليج يقف خلفها عاملون ليسوا من دول الخليج، ما هو الواجب على دول المجلس لإصلاح ذلك؟أصدر المجلس الأعلى لمجلس التعاون الخليجي العديد من القرارات التي تؤكد على تطبيق المساواة التامة بين دول المجلس في العمل في القطاعين الأهلي والعام، والتأكيد على حريتهم في العمل والإقامة والتنقل والتوسع في الوظائف للمواطنين الخليجيين في قطاع الخدمة المدنية بدول المجلس، كما أكدت القرارات الخليجية استمرارية الدول الأعضاء في منح الأولوية لسد الاحتياجات من الموظفين من مواطني دول المجلس قبل اللجوء إلى التعاقد مع غيرهم من خارج دول المجلس. وفي دراسة أعدتها الهيئة الاستشارية للمجلس الأعلى أكدت أهمية استمرار الجهات الحكومية والأهلية في الدول الأعضاء في تطبيق سياسات الإحلال وتقليص عدد العاملين الوافدين وإشراك القطاع الخاص في وضع واقتراح الخطط والبرامج الخاصة بتوطين الوظائف. وتطبيق القواعد المتعلقة بمنح تراخيص تشغيل العمالة الأجنبية، إضافة إلى رفع كلفة العمالة الوافدة إلى الحد الذي يجعل توظيف المواطنين مجديا لصاحب العمل. ■ هناك مطالب بفتح المجال أمام التوظيف الخليجي وإعطاء الخليجيين الأولوية في التوظيف وحصر بعض المهن عليهم.. كيف ترون أهمية ذلك؟قرارات المجلس الأعلى الخليجي أسهمت في تفعيل دور السوق الخليجية المشتركة بدول المجلس وتطبيق مجالاتها التي تستهدف في المقام الأول تعميق المواطنة الاقتصادية وتعزيز مبدأ المساواة التامة في معاملة مواطني دول المجلس بمزاولة جميع الأنشطة الاقتصادية والخدمات في التعليم والصحة والحرف والمهن وغيرها، حيث ساهم كل ذلك في منح الأولوية للخليجيين في الوظائف وزيادة فرصهم في العمل.دعم خليجي لتطوير المنشآت الصغيرة أكد خليفة العبري حرص دول المجلس على الاهتمام بتطوير وتنمية المنشآت صغيرة الحجم بدول المجلس، لما لها من دور ملحوظ في تسريع وتيرة النمو وتنويع الموارد الاقتصادية، مبينا أنه قد تم توفير الكثير من التسهيلات والقروض والحوافز والتدريب والخدمات الاستشارية المجانية. وقال العبري: حاليا ينصب تركيز دول المجلس على تقديم المزيد من الدعم والبرامج التحفيزية لهذا النوع من المنشآت في إطار مساعي دول المجلس نحو تقليل الاعتماد على عائدات النفط وتنويع القاعدة الاقتصادية، مشيرا إلى أن التحول إلى اقتصاد معرفي قائم على المشاريع الصغيرة والمتوسطة يمثل خيارا استراتيجيا مهما أمام دول المجلس لتنمية واستغلال طاقات الشباب الخليجي وتنمية مهاراتهم وخلق المزيد من الوظائف وتلبية تطلعات دول المجلس في بناء اقتصاد قوي ومستدام. خليفة العبري بدأ مسيرته التعليمية بالدراسة في المملكة الأردنية الهاشمية في تخصص الاقتصاد والإحصاء، وعمل في وزارة المالية والاقتصاد بسلطنة عمان، قبل أن ينتقل إلى وزارة الاقتصاد الوطني كمدير عام للشؤون الاقتصادية. واصل مسيرته العملية بتعيينه مديرا عاما للقطاع الخاص كمسؤول عن برنامج التخصيص، ومن ثم العمل كرئيس تنفيذي للهيئة العامة للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة بالسلطنة، من بداية العام الجاري 2017 انتقل للعمل في الأمانة العامة لمجلس التعاون الخليجي، بمنصب الأمين العام المساعد للشؤون الاقتصادية والتنمية. العبري خلال حواره مع المحرر (تصوير: فارس السعد)
مشاركة :