يترأس سعد الدين العثماني، رئيس الحكومة المغربية، اليوم، أول مجلس للحكومة، سيخصص لتقديم برنامج الحكومة للسنوات الخمس المقبلة. ومن المقرر أن يقدم ناصر بوريطة، وزير الخارجية والتعاون الدولي، خلال الاجتماع ذاته تقريرا حول مستجدات قضية الصحراء. ويتوجه العثماني مساء اليوم ذاته إلى مقر البرلمان لتقديم برنامج حكومته، خلال جلسة عامة مشتركة يعقدها مجلسا النواب والمستشارين. ويأتي انعقاد مجلس الحكومة برئاسة العثماني، وعرض برنامج حكومته على البرلمان في ظل استمرار الجدل والخلاف بين عدد من قياديي وأعضاء حزب العدالة والتنمية، ذي المرجعية الإسلامية، ورئيس الحكومة المنتمي للحزب ذاته، حول طريقة إدارته لمفاوضات تشكيل الحكومة، والتنازلات التي قدمها بخصوص توزيع الحقائب الوزارية، والتي أثارت غضب الكثيرين داخل الحزب، لا سيما أن القطاعات الوزارية المهمة كانت من نصيب حزب التجمع الوطني للأحرار الذي لم يحصل سوى على 37 مقعدا في الانتخابات التشريعية، مقابل 125 مقعدا للعدالة والتنمية. وكان العثماني قد دافع عن التركيبة التي خرجت بها حكومته وموقع حزبه فيها، وقال في أول لقاء عقده مع برلمانيي الحزب نهاية الأسبوع الماضي إن «الموقع الذي ناله حزب العدالة والتنمية في الحكومة هو انتصار للحزب في ظل السياق السياسي الموجود»، كما عد مجرد محافظة الحزب على رئاسة الحكومة والقطاعات التي كانت لديه «انتصارا». وتعهد العثماني بأن يتضمن برنامجه الحكومي مواصلة الإصلاحات التي بدأتها حكومة عبد الإله ابن كيران، بما في ذلك إصلاح صندوق المقاصة المخصص لدعم أسعار الطاقة والمواد الأساسية، نافيا أن تكون الأطراف المشكّلة للحكومة الحالية قد طالبت بالتراجع عن إصلاح المقاصة. كما بدد العثماني مخاوف أعضاء الحزب، الذين يتوجس بعضهم من استمراره في تقديم التنازلات، مشددا على أنه بصفته رئيسا للحكومة، «لن يسمح أو يفرط في القرار الذي يملكه سياسيا ودستوريا». وردا على تصريحات العثماني كتبت آمنة ماء العينين، عضوة الأمانة العامة للحزب، تدوينة اعتبرت فيها أن «تشكيلة الحكومة والطريقة التي خرجت بها بعد بلوكاج (عرقلة) محترف، لا يمكن أن تكون انتصارا للديمقراطية»، وأضافت موضحة: «قد يتفهم الناس الإكراهات والضغوطات، لكنهم لا يتفهمون تسمية الأشياء عكس تسمياتها». ووصفت ماء العينين، وهي نائبة في البرلمان، الانتقادات الموجهة من قبل عدد من أعضاء الحزب للعثماني بأنها «حرص على المسار الديمقراطي الذي انتكس بالعودة القوية للتحكم في قرارات الأحزاب والمس باستقلاليتها»، وقالت إن الحزب «لم يحاول في أي لحظة من مساره تبييض السواد أو تبرير ما لا يبرر»، وذلك في إشارة إلى التبريرات التي ساقها العثماني لقبوله إدخال حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية للحكومة بعد أن اعترض عليه ابن كيران، الأمين العام للحزب، وأعفي من منصب رئيس الحكومة بسبب ذلك. في السياق ذاته، نفى سليمان العمراني نائب الأمين العام لحزب العدالة والتنمية وجود «حرب استقطاب» بين ابن كيران والعثماني، وذلك بعد تواتر الزيارات التي يقوم بها أعضاء في الحزب إلى بيتيهما. وقال العمراني في تصريحات أوردها الموقع الرسمي للحزب إن «تنظيم الزيارات للرجلين معا وفي وقت متزامن يفيد باحترام وتقدير الزائرين لمؤسستي الأمين العام للحزب ورئيس الحكومة، وهي زيارات تواصل ودعم وإسناد، كل واحدة مع المسؤول في المجال الذي يعنيه». وقال العمراني إنه «رغم ما قد يظهر بينهما من اختلاف في التقدير بشأن بعض القضايا، فإن الحديث عن (حرب استقطاب) و(حرب صامتة بينهما)، حديث لا يصح إلا في أذهان قائليه ومروجيه». من جهة أخرى، نفى العمراني ما يروج عن تماطل العثماني باعتباره رئيس المجلس الوطني للحزب في الدعوة لانعقاد دورة استثنائية للمجلس، وذلك لمناقشة الوضع السياسي للحزب، وقال إنه «إذا توفر النصاب المطلوب، فمكتب المجلس يتلقى طلبات عقد دورة استثنائية له، والأمانة العامة هي التي دأبت عادة على الدعوة للدورات الاستثنائية، انسجاما مع منطق التعاون الذي يحكم مؤسسات الحزب، لا منطق التنازع والمغالبة»، مذكرا بأن الأمانة العامة مخول لها أن تقرر عقد الدورة الاستثنائية المطلوبة، دون حاجة لتوفر نصاب طلبات الانعقاد، كما أن المجلس ينعقد عند توفر النصاب المتعين ضرورة بقوة القانون دون حاجة لقرار الأمانة العامة، بناء على اتفاق الأمانة العامة مع رئيس المجلس، الذي هو اليوم رئيس للحكومة على التاريخ المناسب.
مشاركة :