في كل مرة تؤكد منظمة الصحة العالمية أن سبب انتشار فيروس "كورونا" بشكل مخيف في السعودية خلال الأسابيع الخمسة الماضية يعود إلى "الإهمال".. هذا الإهمال والناتج عن تقاعس "بشري" أدى إلى وفاة 121 شخصا ــ حتى ساعة كتابة المقال. فريق من منظمة الصحة العالمية زار السعودية أخيرا للاطلاع على تطورات المرض الذي بدأ بالانتشار في السعودية منذ ديسمبر 2012، وكشف أن الارتفاع في أعداد الإصابات لم يحدث نتيجة تطورات في جينات الفيروس، بل جاء نتيجة إهمال وقصور في السيطرة على العدوى في بعض المستشفيات السعودية. مات أكثر من 121 شخصا حتى الآن والأعداد قابلة للزيادة نتيجة إهمال واضح وعدم شعور بالمسؤولية في قطاع مهمته الأولى والأخيرة هي المحافظة على صحة المواطن والمقيم.. أمر طبيعي أن ينتشر المرض عندما تكون صحتك بين يدي مهملين لا مهمل واحد. ربما "الإهمال" الذي كشفت عنه منظمة الصحة العالمية يجيب عن السؤال المتكرر الذي يطرحه المواطن في كل يوم.. القائل: لم الخدمات الصحية في السعودية رديئة بالرغم من مليارات الريالات التي تنفقها الدولة على القطاع؟ إقالة الوزير الربيعة الذي تهاوى القطاع الصحي في عهده بشكل مخيف لا تكفي، فالعمل لا يقوم به الربيعة وحده، بل هو منوط بمنظومة عمل متكاملة تضم كافة قيادات الوزارة من وكلاء ومديري صحة المناطق ومسؤولي المستشفيات في المدن السعودية كافة. الإقالات يجب أن تشمل كل من له يد في إدارة قطاع الصحة.. الوزارة والقطاع يحتاجان إلى غربلة شاملة، وضخ قيادات شابة غير مترهلة وقادرة على العمل والإنتاج وتطوير وتحسين الخدمات الصحية المقدمة للمواطن. ربما "كورونا" الذي تسبب في وفاة العشرات وإصابة المئات في السعودية يكشف للمسؤولين في البلد سبب تسمية المواطن للوزارة التي ينفقون عليها المليارات بـ "الكحة" بدلا من الصحة، ربما يكشف لهم القصور الذي تعانيه الوزارة منذ سنوات، ويبدأون في "غربلة" شاملة تعيد للقطاع المهم حيويته التي فقدها منذ عقود. القضية ليست قضية "كورونا"، بل هي قضية إهمال وقصور وتقصير من غالبية من يدير قطاع الصحة.. القضية قضية رداءة في الخدمات الصحية لا تحدث في أفقر الدول فما بالك بدولة تعد من أغنى دول العالم.. المواطن السعودي يستحق خدمات صحية متطورة توازي خيرات بلاده وهو أمر يسهل توفيره متى ما وجدنا مسؤولا برتبة "قوي أمين".
مشاركة :