ستتعهد رئيسة الوزراء البريطانية تريزا ماي في برنامجها الانتخابي بالخروج من السوق الأوروبية الموحدة ومن محكمة العدل الأوروبية، وستقطع وعدا رسميا قبيل الانتخابات العامة في الثامن من يونيو (حزيران) بوقف حرية دخول البلاد في وجه القادمين من الاتحاد الأوروبي، هذا التوجه الانتخابي الذي سرب إلى صحيفة «الديلي ميل»، المعروفة بميولها اليمينية ودعمها لجناح الخروج المتشدد في حزب المحافظين، سيمنح الديمقراطيين الأحرار، الأكثر تماسكا بين الأحزاب الرئيسية تجاه الموقف من بريكست، فرصة للحصول على أكبر عدد من البرلمانيين في مجلس العموم. ويعتقد كثير من المراقبين أن ذلك سيكون على حساب حزب المحافظين، وبالتالي قد يأتي بنتائج عكسية لتيريزا ماي التي تطمح بأن تزيد عدد أعضاء حزبها في المجلس وتقوي موقفها في مفاوضات الخروج من الاتحاد الأوروبي مع بروكسل. وكانت ماي قد فاجأت حلفاءها وخصومها والأسواق المالية يوم الثلاثاء بدعوتها لانتخابات عامة مبكرة في الثامن من يونيو المقبل. وسيعقد رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر لقاء مع تيريزا ماي، كما أعلنت الخميس ناطقة باسم المفوضية. وقالت الناطقة إن كبير مفاوضي الاتحاد الأوروبي لبريكست ميشال بارنييه سيرافق يونكر في اجتماع لندن يوم 26 أبريل (نيسان) الحالي، موضحة أن هذه الزيارة تجري بدعوة من ماي. واللقاء مع المسؤولين في الاتحاد الأوروبي يأتي قبل أيام من قمة الاتحاد الأوروبي في 29 أبريل في بروكسل والتي ستبحث توجهات الاتحاد الأوروبي في المفاوضات المقبلة وتصوت عليها. توجه ماي في المفاوضات القادمة كما جاء في صحيفة «الديلي ميل» سيؤدي إلى خروج صعب. وفي مقابل ذلك لن تحصل بريطانيا على أي امتيازات تجارية، مثل السوق الموحدة. وقالت فيديريكا موغيريني مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي أمس الخميس إن بريطانيا ستخسر أكثر من الاتحاد الأوروبي جراء قرارها الخروج منه، متوقعة أن تكون المحادثات مع لندن صعبة. وأطلقت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي رسميا إجراءات خروج بريطانيا من الاتحاد الشهر الماضي معلنة أن هذه الخطوة لا رجعة عنها. ويتعين على بريطانيا أن تفاوض على شروط خروجها من الاتحاد الأوروبي خلال عامين قبل أن تصبح فعليا خارج التكتل في أواخر مارس (آذار) 2019. وقالت موغيريني خلال زيارة للعاصمة الصينية بكين إن المفاوضات ستكون صعبة. وأوضحت في خطاب أمام الطلاب في جامعة تسنغ هوا، كما نقلت عنها وكالة «رويترز»: «سيكون عليهم تفكيك انتمائهم إلى مجموعة. سنخسر عضوا مهما». وأضافت: «دعوني أقول لكم إنه بالنسبة لي كل دولة عضو هي على القدر نفسه من الأهمية لأن كل واحدة منها يمكن أن تسهم في بعض السياسات أكثر من غيرها، لكنني أعتقد أن أصدقاءنا البريطانيين سيخسرون أكثر مما سنخسره نحن». مفاوضات الخروج من الاتحاد ستبدأ في يونيو بعد تصويت البريطانيين في انتخابات مبكرة. وتبنى البرلمان البريطاني أمس رسميا بأغلبية الثلثين دعوة ماي لإجراء انتخابات مبكرة في الثامن من يونيو. وأضافت موغيريني: «من الواضح في معاهداتنا أنهما عامان فقط اعتبارا من بدء المفاوضات... كان ذلك في مارس هذا العام. هذا الأمر لا يمكن تأجيله ولا أتوقع أن يسير بوتيرة أسرع من ذلك». وتنظر الصين بقلق إلى مسألة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي إذ تخشى حدوث اضطراب داخل التكتل الذي هو أكبر شريك تجاري لها. وقالت موغيريني: «سيظل الاتحاد الأوروبي حتى بعد خروج بريطانيا منه السوق الأولى في العالم وثاني أكبر اقتصاد في العالم». ومضت قائلة: «جميع شركائنا خلال هذه الشهور كانوا يقولون لنا إن هناك احتياجا للاتحاد الأوروبي وهذه هي الرسالة التي تلقيتها هنا في الصين بأن الاتحاد الأوروبي شريك لا غنى عنه في العالم اليوم». ومنذ إعلان نتيجة الاستفتاء 23 يونيو الماضي، والتي كانت نتيجتها خروج بريطانيا من التكتل الأوروبي بعد أكثر من 40 عاما، وجد الحزب الوطني الحاكم في برلمان إدنبره ضالته ليدفع في اتجاه إجراء استفتاء آخر من أجل استقلال اسكوتلندا عن المملكة المتحدة. وينوي الاسكوتلنديون اغتنام فرصة الانتخابات القادمة من أجل تحقيق هذا الهدف. واتهمت رئيسة حكومة اسكوتلندا نيكولا ستيرجن وهي أيضا رئيسة الحزب الوطني الاسكوتلندي المؤيد للاستقلال، ماي بأنها «منافقة» لنفيها لعدة أشهر رغبتها في تقديم موعد الانتخابات التي كانت مقررة في الأصل في 2020. لكنها حذرت من أنها إذا انتصرت في هذه الانتخابات فإن العقبة التي تضعها ماي أمام استفتاء استقلال اسكوتلندا ستزول. لذلك طلبت ستيرجن من لندن تنظيم استفتاء جديد حول استقلال اسكوتلندا، رافضة خروج بلادها من الاتحاد الأوروبي رغم أنفها. وردت ماي المناهضة لتفكك المملكة أنه مع اقتراب مفاوضات الخروج من الاتحاد الأوروبي، فإن «الوقت ليس مناسبا» لاستفتاء استقلال اسكوتلندا. وقال كريغ ماكانغوس المختص في السياسة في جامعة أبردين، في تصريحات لـ«رويترز»: «سيفوز الحزب الوطني الاسكوتلندي بهذه الانتخابات، هذا أمر لا شك فيه» مضيفا: «يمكنكم أن تراهنوا على أنه سيحصد أكثر من 40 في المائة وربما 50 في المائة من الأصوات، وهذا سيعزز موقف نيكولا سترجن». لكن في المقابل ليس هناك إجماع في اسكوتلندا على تنظيم استفتاء ثان على الاستقلال.
مشاركة :