اعتدت خلال سنوات طويلة كتابة المقال الصحفي في صحيفة سعودية كبرى ذات تأثير كبير في الرأي العام؛ إذ تشكل صحيفتي الغالية «الجزيرة» منصة إعلامية دقيقة جدًّا لرصد قوة الأثر من خلال قوة المقروئية التي تتمتع بها؛ فكل مقال أو خبر ينشر خلالها تصلك ردود الأفعال بشكل يجعلك تصل لرسم صورة ذهنية دقيقة عن الحدث.. ومن خلال رصد جميع ما ينشر عن ردود الأفعال التي رصدتها عن صدى الحفلات الغنائية التي تقيمها هيئة الترفيه في مناطق عدة من مناطق المملكة تشعر بأن هناك فئة معينة، اعتدنا منها أن تحارب الوطن والقيادة بمناسبة وبدون مناسبة لتهييج الرأي العام الداخلي، وإثارة البلبلة داخل نسيج المجتمع. هذه الفئة التي تتمنى اليوم قبل غد أن يتحول وطننا -لا سمح الله- مثل أوطان أخرى، عاثت بها الثورات، وأصبح القتل فيها أسهل من شربة الماء، حتى يخرج المرء ويكون أغلب الظن أنه لن يعود إلى بيته سالمًا. فئة أخذت على عاتقها العمل على التأثير والسيطرة على أكبر عدد ممكن من العوام بحجة الحرص عليهم، وعلى تجنيبهم الوقوع في معصية الله. تحاول هذه الفئة ربط كل حدث في الوطن بالحد الجنوبي لمعرفتهم بأن عواطف المواطنين وضمائرهم تخفق تضامنًا وحبًّا مع جنودنا في الحد الجنوبي، نصرهم الله وسدد رميهم. يربطون بين رواتب لاعبي كرة القدم ورواتب جنودنا البواسل، ويربطون بين الحفلات الغنائية وأحداث الحد الجنوبي، يضربون بكل قوة لضرب لحمة المجتمع واستقراره. الحفلات الغنائية والأحداث الترفيهية الأخرى ليست ضد أحد، بل هي رسالة للأعداء بأننا في أحسن حالاتنا، وبأعلى مستوى من المعنوية، وإثبات أن قدرتنا الاقتصادية غير قابلة للضعف -لا سمح الله-. استمرار أنشطة الحياة، وبالذات تلك الأنشطة الترفيهية التي يسافر لها السعوديون في الدول المجاورة، ويشكلون السبب الوحيد لنجاحها، مطلبٌ ضروري، والحضور الجماهيري الكثيف لهذه الأنشطة دليل على أنها مطلب اجتماعي؛ لكون المجتمع يحتاج إليها، وخصوصًا أن العشرات من الآلاف من السعوديين يصرفون مليارات الريالات في السفر لحضورها. علينا أن نحذر من المغرضين الذين دمروا الكثير من مقدراتنا الاقتصادية والاجتماعية، وأن لا نكرر أخطاءنا في الإنصات لهم؛ لأنهم يستغلون العوام تلبية لتعليمات جهات خارجية معادية لبلادنا!
مشاركة :