هذه الأيام ليس للصحف والمواقع الإلكترونية سوى نشر أخبار ضحايا السيول، واستعراض صورهم وهم عالقون وسط بحر من الماء، يحتاج إلى قوة دفاع مدني كاملة لإنقاذ الذين علقوا داخله. منذ كارثة سيول جدة وهناك جرس إنذار تم تعليقه، لكن للأسف لم يجد آذانًا صاغية من الجميع. استمرت الأمطار تحصد ضحاياها، وتخرب الكثير من الممتلكات، لدرجة أنك تحتار وتداهمك الأسئلة وأنت تشاهد مقاطع السيول وكثافتها.. ألا يعلم المسؤولون في أجهزة الدولة كافة عن أمر هذه السيول قبل حدوثها مثل الدول الأخرى؟ جميع دول العالم لديها أجهزة وطرق تخبرها عن خفايا السيول، ومدى خطورتها؛ لتقوم بوضع خطة مُحكمة، تحمي من خلالها المواطنين، وتضمن عدم تعرُّض حياتهم للخطر. إن ما يحدث عندنا من أمطار وسيول يعتبر بدائيًّا جدًّا بالنسبة لما يحدث في دول أخرى من أعاصير وأمطار كثيفة مستمرة وهواء شديد السرعة. ورغم ذلك عدد الضحايا عندهم أقل بكثير من عدد الضحايا عندنا؛ وذلك لأسباب يعرفها الجميع، أهمها تقيُّد المواطنين في الدول الغربية بتعليمات السلامة، والتزام بيوتهم، وعدم مطاردة السيول واقتحامها بالسيارات دون خوف أو إحساس بالمسؤولية. إن أكبر عائق يواجهه الدفاع المدني السعودي ليس السيول ولا ضخامة الأمطار، بل تعنت المواطنين وضربهم بتعليمات السلامة عرض الحائط. كما أن هناك ضعفًا ملاحَظًا في بعض أقسام أو أفرع الدفاع المدني التي تغطي بعض الأحياء. لقد شاهد الجميع قوة وجاهزية الدفاع المدني في تغطية بعض الأحياء المهددة بالسيول حتى شعر سكانها بالأمان وهم يشاهدون عشرات الآليات التابعة للدفاع المدني وهي تقف متأهبة على مداخل الأحياء شاملة كل شيء، حتى شملت القوارب. لكن هذا النجاح النسبي أو الجزئي لا يعفي قادة الدفاع المدني من وضع خطة مُحكمة تنهي قصص السيول الحزينة المتكررة وتكرر وجود ضحايا كل سنة تلو الأخرى، وخصوصًا أن أماكن السيول وتجمع المياه أماكن معروفة مسبقًا على خارطة كل مدينة أو هجرة، ومنسوب المياه معروف وفق أجهزة أرصاد دقيقة جدًّا. لا بد من وضع لوحات تحذيرية في مداخل شوارع الأحياء التي تغرق وقت المطر، وتتجمع فيها المياه، ويُكتب على مدخل الشارع: «لا تستخدم هذا الشارع وقت المطر». مع رسم بياني، يوضح معنى هذا الكلام؛ إذ يتم بعد ذلك فرض غرامة مخالفة مالية على كل صاحب سيارة دخل هذا الشارع وعلقت سيارته فيه. أيضًا يتم وضع لوحات تحذيرية على أماكن تجمعات المياه في الصحراء ومجاري السيول بفرض غرامة مالية على كل عائلة أو شخص أو سيارة يقتربون من تجمعات المياه بأقل من عشرين مترًا (مثلاً). لا بد من وضع خطة شاملة، تشمل الدفاع المدني والمواطن والمقيم على حد سواء. يجب أن نعترف بأن الكثير من حوادث السيول يحدث نتيجالاستهتار بتعليمات السلامة؛ ولذلك يجب وضع حل يجتث هذا الاستهتار من جذوره. لا يجب مجاملة الناس على حساب سلامتهم. إن وضع عقوبات على من يدخلون مجاري السيول بسياراتهم أولى وأحق من عقوبات ساهر التي زادت بالحوادث ولم تنقصها؛ لأن القصد منها لم يكن المحافظة على الأرواح بل لجباية أكبر كمية من المال؛ لذلك يجب وضع خطط عملية، القصد الحقيقي منها حماية أرواح الناس، وليس جباية أموالهم، كما يحدث في سائر الدول الأخرى! مقالات أخرى للكاتب زلة لسان الوزير! هذا الأب والأجيال (المضروبة)! لا تقربوا أنف الناقة! مخربو المحافل الوطنية: ذراع لمن؟! لا تغضبوا من (نباح) الهاشمي!
مشاركة :