تحظى الدراما الصعيدية بمكانة خاصة لدى المُشاهد، وهي تحقق دائماً نجاحات كثيرة عند عرضها، حاملة معها معاييرها الخاصة في ما تقدمه من شخصيات تتعلّق بأذهان الجمهور، إضافة إلى العادات والتقاليد التي تتمثّل في المُجتمع في جنوب مصر. أين هي من دراما رمضان 2017؟ ظهرت الشخصية المصرية الصعيدية على الشاشة العربية بطريقة مختلفة في السنوات الأخيرة، وحقّق بعض الفنانين من خلالها نجاحاً كبيراً، فيما أخفق البعض الآخر فيها لما تتطلبه من مواصفات مغايرة عن المُعتاد. مع كل هذا الشغف والتمسك بهذا النوع من الدراما إلا أن السباق الدرامي في شهر رمضان المُقبل يخلو من «الوجبة الأساسية» له، أي الأعمال التي تحمل الطابع الصعيدي، على عكس الأعوام السابقة. حاول صانعو «ذئاب الوادي»، أحد الأعمال التي تنتمي إلى دراما الصعيد، اللحاق بموسم دراما رمضان المقبل لكن المحاولات لم تأت ثمارها، لذا قررت الشركة المُنتجة خروجه من السباق نظراً إلى الميزانية الكبيرة التي يحتاج إليها، وكان من المنتظر أن يناقش عدداً من القضايا الاجتماعية في قرى الصعيد. يتولى بطولة المسلسل كل من منذر رياحنة، ونرمين الفقي، ومحمد رياض، ومحمود البزاوي، ونرمين ماهر، وعفاف شعيب، وصبري عبد المنعم، فيما يهتم بالتأليف مدحت عبد القادر، وبالإخراج عصام شعبان. واكتفى بعض الصانعين بعرض أعمال تقدم جانب الصعيد خارج شهر رمضان على رأسها «سلسال الدم» من خلال الجزء الرابع، من بطولة الفنانة الكبيرة عبلة كامل، إلى جانب رانيا فريد شوقي، وأحمد بدير، وأحمد سلامة، ورياض الخولي، ومنة فضالي، وراندا البحيري، وتولى التأليف مجدي صابر، والإخراج مصطفى الشال، والإنتاج وائل ولؤي عبد الله. وظهر جانب الدراما الصعيدية العام الماضي في رمضان من خلال «يونس ولد فضة» من بطولة عمرو سعد وتأليف عبد الرحيم كمال، وإنتاج صادق الصباح، وإخراج أحمد شفيق، وكان السبب في عودة «سعد» إلى المنافسة الرمضانية بعد غيابه عنها سنوات. رأي النقد رأت الناقدة ماجدة موريس أن غياب الأعمال التي تناقش صعيد مصر عن رمضان المقبل يعود إلى عوامل عدة، أبرزها اللهجة الصعبة التي يجب أن يتقنها الفنان، والتكلفة العالية للإنتاج. وأضافت أن اللغة الصعيدية تحمل تحدياً كبيراً لأي فنان، والدراما الصعيدية ثرية بتفاصيل تظهر قدرات الفنان التمثيلية، بالإضافة إلى تاريخها الطويل وتخليد عدد منها في ذاكرة المُشاهدين. وأرجعت الناقدة قلة هذا النوع من الأعمال إلى ضعف إنتاج الدولة في تقديم يد العون لهذه المسلسلات نظراً إلى ارتفاع تكلفتها، فضلاً عن عدم مغامرة عدد من المُنتجين في صناعة أعمال ذات جانب «صعيدي» للبقاء ضمن دائرة «تكلفة أقل ومكسب كثير». وأكدت أن سبب إقبال الجمهور على مشاهدة أعمال تتناول هذا المُجتمع يرجع إلى افتقاد الجمهور إلى هذه العادات والقيم التي تختفي تدريجياً من مجتمعنا من جهة، ومن جهة أخرى تجمع هذه الأعمال الأسرة من دون التعرض لأية مشاهدة غير مرغوب بها. وأرجع الكاتب الناقد محمود قاسم تراجع المسلسلات «الصعيدية» رغم ما تحمله من تفاصيل جاذبة لأي فريق عمل إلى قلة عدد الكتاب والمؤلفين والمُخرجين الذين يهتمون بهذا النوع من الدراما لأنه يحتاج إلى موهبة حقيقية، بالإضافة إلى ضرورة توافر مقومات نجاح عدة أبرزها دراسة البيئة الصعيدية للتمكن من مفاتيح المسلسل، من ثم تقديم عمل يحمل المصداقية للجمهور. في السياق نفسه، رأت الناقدة خيرية البشلاوي أن في قلة عدد الأعمال التي تقدم بيئة الصعيد أمراً جيداً، لأن ثمة أعمالاً عدة لم تستطع تناول هذا المجتمع وتفاصيله بطريقة صحيحة، وثمة مسلسلات تنسب إلى الصعيد لمجرد نطق أبطالها «اللكنة» الخاصة بأهل الصعيد، فيما المضمون فارغ من الهدف.
مشاركة :