القاهرة (أحمد شعبان) تحت رعاية الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف رئيس مجلس حكماء المسلمين، انطلق أمس، «مؤتمر الأزهر العالمي للسلام»، بالقاهرة، بحضور عدد من القيادات الدينية من أنحاء العالم، وبمشاركة وفد رفيع المستوى من دولة الإمارات العربية المتحدة برئاسة معالي الدكتورة أمل عبد الله القبيسي، رئيس المجلس الوطني الاتحادي، ومعالي الدكتور محمد مطر سالم الكعبي، رئيس الهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف، والمهندس جمعة مبارك الجنيبي سفير الدولة في القاهرة ومندوبها لدى جامعة الدول العربية، والدكتور علي النعيمي، الأمين العام لمجلس حكماء المسلمين. ومن المقرر أن يشارك البابا فرنسيس الأول بابا الفاتيكان، في أعمال المؤتمر، ويلقي كلمة في الجلسة الختامية في اليوم الثاني، عقب زيارته الرسمية للإمام الأكبر بمشيخة الأزهر الشريف اليوم الجمعة. وحضر الجلسة الافتتاحية أحمد أبو الغيط، الأمين العام لجامعة الدول العربية، والدكتور أسامة العبد رئيس اللجنة الدينية بمجلس النواب المصري، والدكتور محمود حمدي زقزوق وزير الأوقاف المصري الأسبق وعضو مجلس حكماء المسلمين، والقس جيم وينكلر الأمين العام للمجلس الوطني للكنائس بالولايات المتحدة الأميركية، والقس أولاف فيكس الأمين العام لمجلس الكنائس العالمي، والأنبا بولا ممثلاً عن البابا تواضروس الثاني، ومعالي الدكتور محمد عبد الكريم العيسى الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي. ويناقش المؤتمر أربعة محاور رئيسة، تتمثل في: معوقات السلام في العالم المعاصر، والمخاطر والتحديات، وإساءة التأويل للنصوص الدينية وأثره على السلم العالمي، والفقر والمرض بين الحرمان والاستغلال وأثرهما علي السلام، وثقافة السلام في الأديان بين الواقع والمأمول. ويوجه المؤتمر، الذي يعقد على مدار يومين، رسالة مشتركة للعالم كله بأن رموز وممثلي الأديان المجتمعِين في رِحاب الأزهر الشريف يجمعون على الدعوة إلى السلام بين قادة الأديان وكل المجتمعات الإنسانية، ويؤكدون انطلاقًا من الثقة المتبادلة بينهم، على دعوة أتباع الأديان للاقتداء بهم، والعمل بهذه الدعوة يداً واحدة من أجل نبذ كل أسباب التعصب والكراهية، وترسيخ ثقافة المحبة والرحمة والسلام بين الناس. وأكد شيخ الأزهر في كلمته الافتتاحية أن الأديان بريئة من تُهمة الإرهاب وأن الإرهاب الأسود الذي يحصد أرواح المسلمين في الشرق أيًّا كان اسمه ولقبه واللافتة التي يرفعها لا تعود أسبابه إلى شريعة الإسلام ولا إلى قرآن المسلمين، وإنما ترجع أسبابه البعيدة إلى سياسات كبرى جائرة اعتادت التسلُّط والهيمنة والكيل بمكيالين. وقال إن موضوع السلام العالمي ، رغم كل ما قيل فيه فإنه يبدو وكأنَّه بحاجةٍ إلى المزيد من المتابعة والتحليل والبحث.وشدد على مفهوم السلام العالمي أمسَى وكأنه من أعقد الألغاز وأشدها استعصاءً على أي عقل يتقيَّد بشيءٍ من قواعد المنطق وبدهيات الفكر. وقال الإمام الأكبر إنه يبدو أن السلامَ لم يعد هو القاعدةَ في حياة البشريَّة كما يذهب إلى ذلك أنصار نظرية السلام من فلاسفة التاريخ، الذين يؤكدون أن السلامَ هو القاعدة في حياة البشر، وأن الحربَ والعنفَ استثناءٌ وشذوذٌ عن القاعدة. وأشار الطيب الى ان كُلَّ ما يُقال عن الإسلام في شأن السلام يُقال مثله تمامًا عن المَسِيحِيَّة واليَهُودِيَّة، وتابع قائلا: أنَّ رسالةَ محمدٍ صلى الله عليه وسلم لَيْسَت دِينًا مُنْفَصِلًا مُسْتَقِلًّا عَن رِسَالَةِ عيسى وموسى وإبراهيم ونَوح عليهم السَّلام؛ وإنَّمَا هو حَلقةٌ أخيرةٌ في سِلسلَةِ الدِّينِ الإلهي الواحد الذي بدأ بآدم وانتهى بنبيِّ الإسلام. وأوضح أن هذه الرِّسالات من أولِها إلى آخرِها تتطابَق في مُحتَواهَا ومضمونها ولا تختلِف إلَّا في بابِ التَّشريعات العمليَّة المُتغيِّرة، فلكلِ رسالة شَريعة عَمَلِيَّة تناسبُ زمانها ومكانها والمؤمنين بها..وقال الإمام الأكبر إن هذا هو ما يفسر لنا اتفاق الأديان على أمهات الفضائل وكرائم الأخلاق، والوصايا العشر، وموعظة الجبل والآيات التي تعنى بالوصايا ذاتها، كلها في سرب واحد ولغة شعورية واحدة.. وقال الطيب إن الحرب في الإسلام ضرورة، واستثناء يُلجأ إليه حين لا يكون منه بدٌّ، وهذه هي نصيحة نبي الإسلام: لَا تَتمَنَّوْا لِقَاءَ الْعَدُوِّ وَسَلُوا اللَّهَ الْعَافِيَةَ، وليست الحرب في الإسلام هجومية، بل دفاعية. وأوضح أن مشروعية الحرب في الإسلام ليست قاصرة على الدفاع عن المساجد فقط، بل مشروعة بالقدر ذاته للدفاع عن الكنائس وعن معابد اليهود، وإن تعجب فاعجب لدينٍ يدفع أبناءه ليقاتلوا من أجل تأمين أهل الأديان الإلهية الأخرى، وتأمين أماكن عباداتهم.. واشار الطيب إلي إن الإسلام لا يقاتل تحت بند الكفر، بل تحت بند العدوان مما يبرهن على أن الإسلام دين سلام وليس دين عدوان، ونقول مرة ثانية: إنَّ الأديانَ الإلهية كلها سواء في هذا التأصيل المحوري لقضية السلام.وشدد الطيب على انه إذا كانت نصوص الإسلام تكشف عن انفتاح هذا الدين على الآخر واحترامه واحترام عقائده، فكيف يصح في الأذهان وصفه بأنه دين الإرهاب .وتابع قائلا:وإذا قيل هو دينُ إرهابٍ لأن الذين يمارسون الإرهاب مسلمون؟ فهلا يقال إن المسيحية دين إرهاب، لأن الإرهاب مورس باسمها هي الأخرى؟! وهلا يقال إن اليهودية دين إرهاب لأن فظائعَ وبشاعاتٍ اُرتُكِبَتْ باسمها كذلك؟ وإذا قيل: لا تحاكموا الأديان بجرائم بعض المؤمنين بها، فلماذا لا يقال ذلك على الإسلام؟ ولماذا الإصرار على بقائه أسيرًا في سجن الإسلاموفوبيا ظلمًا وبهتانًا وزورًا. وأعرب عن أمله أن يستغل هذا المؤتمر النادر ليعلن للناس أن الأديان بريئة من تُهمة الإرهاب وان الإرهاب الأسود الذي يحصد أرواح المسلمين في الشرق أيًّا كان اسمه ولقبه واللافتة التي يرفعها لا تعود أسبابه إلى شريعة الإسلام ولا إلى قرآن المسلمين، وإنما ترجع أسبابه البعيدة إلى سياسات كبرى جائرة اعتادت التسلُّط والهيمنة والكيل بمكيالين. العيش في سلام ... المزيد
مشاركة :