باحثون وفقهاء يعالجون الغلو والتطرف في الدين بمدينة فاس

  • 4/28/2017
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

باحثون وفقهاء يعالجون الغلو والتطرف في الدين بمدينة فاسعلاج الداء لا يتحقق إلا بالتشخيص الدقيق وتلمس أسبابه وأعراضه. ولعل التوصل إلى أنجع الطرق لمقاومة الإرهاب، وهو المبحث الذي يشغل العالم راهنا، لا يتحقق إلا ببحث الطرق المؤدية إليه، وهي كثيرة ومتشعبة ومتداخلة، ولكن أهمها التطرف والغلو في الدين. في هذا الانشغال العالمي والعربي والإسلامي انتظمت انطلاقا من الأربعاء فعالية فكرية في المغرب تدرس قضايا “ظاهرة الغـلو في الدين والتطرف والإرهاب.. قراءة في المفاهيم والمعالجة الأمنية، والمقاربة المغربية”، والمهم في هذه الندوة أنها ضمت طائفة واسعة من الخبراء والفقهاء وناشطي المجتمع المدني ما يضمن رؤية شاملة للقضية وزواياها.العرب  [نُشر في 2017/04/28، العدد: 10616، ص(13)]التجربة المغربية في محاربة التطرف أصبحت نموذجا للاقتداء فاس (المملكة المغربية) - اجتمع فقهاء وخبراء من المغرب والعالم العربي والإسلامي الأربعاء بفاس للتدارس في ظاهرة الغلو في الدين، والتجربة المغربية في مجال محاربة ظاهرة التطرف والغلو في الدين. سيعمل المشاركون في ندوة “ظاهرة الغـلو في الدين والتطرف والإرهاب.. قراءة في المفاهيم والمعالجة الأمنية، والمقاربة المغربـية”، تنظمها من 26 إلى 29 أبريل الجاري مؤسسة لسان الدين بن الخطيب للدراسات وحوار الحضارات، تحت رعاية العاهل المغربي الملك محمد السادس، على الوقوف على جهود جهات أمنية ورسمية عربية وإسلامية وغربية ومراكز بحث متخصصة ومؤسسات مدنية وأكاديمية من أجل تطويق الظاهرة التي تعد إحدى أبرز أزمات العصر الحديث. انتظمت الندوة تحت شعار “باعتماد الوسطية والاعتدال نقضي على الغلو والتطرف ونقاوم الإرهاب”، وستبحث سبعة محاور أساسية هي: * أولا: تحديد لمفاهيم مصطلحات الغلو والتطرف والإرهاب والوسطية والاعتدال والألفاظ ذات الصلة. * ثانيا: أسباب نشوء ظاهرة الغلو في الدين والتطرف العنيف في العالم الإسلامي ومسببات انتقالها وتناميها في الغرب. * ثالثا: دور الإعلام وتقـنيات الاتصال الحديثة في تنامي ظاهرة الغلو والتطرف والإرهاب. * رابعا: ظاهرة استغلال العنصر النسوي في الترويج للأفكار المتطرفة والتنظيمات الإرهابية. * خامسا: دور المجتمعات المدنية والمؤسسات الدينية والأكاديمية في مكافحة الغلو والتطرف والإرهاب. * سادسا: ظاهرة الحركات الانفصالية ودورها في تغذية الغلو والـتطرف وأثرها على الإرهاب. * سابعا: المقاربة المغربية المعتمدة في مكافحة التطرف العنيف والإرهاب وحظوة الاعتراف على المستوى الدولي. استهل حميد لحمر نائب رئيس مؤسسة لسان الدين بن الخطيب الندوة، المنظمة بالتعاون مع جامعة سيدي محمد بن عبدالله بفاس، بمداخلة شدد فيها على أن العالمين العربي والغربي باتا يواجهان معا حالة غير مسبوقة من التوتر والاضطراب نتيجة ظهور حركات متطرفة تعتمد الإرهاب أداة لتنفيذ مقاصدها وأهدافها “يتحول الإنسان فيها إلى قنبلة بشرية تتحرك بتحركه، وقابلة للفساد والإفساد في أي مكان”. وتابع لحمر أن الأجهزة الرسمية وشبه الرسمية غير كافية لمحاربة ظاهرة الإرهاب بمفردها، حيث يتطلب الأمر الاستعانة بمؤسسات أخرى مدنية قادرة على التخفيف من حدتها، مشيرا إلى الدور الذي تحاول أن تضطلع به مؤسسة لسان الدين بن الخطيب، بوصفها مؤسسة تنتمي إلى المجتمع المدني، في هذا المجال من خلال تنظيم ندوات مرتبطة بالجانب الأمني. وسجل أن التجربة المغربية في محاربة الغلو والتطرف أضحت نموذجا يحتذى، حيث أنها لا تهم الجانب الأمني فقط، بل تشمل أيضا الجانب السوسيو-اقتصادي والديني، مما جعل الخبرة المغربية تحت الطلب من قبل عدد من البلدان في أفريقيا وأوروبا. عمر الصبحي، رئيس جامعة سيدي محمد بن عبدالله بفاس، اعتبر أن اختيار الجهات المنظمة لموضوع الغلو والتطرف في الدين ومفاهيمه ومسبباته وانعكاساته اختيارا موفقا، نظرا لراهنيته، ولكونه أصبح اليوم يشكل هاجسا عالميا لا تنفع معه المعالجة الأمنية بمفردها. وذكر الصبحي بأن الغلو والتطرف والعنف والتعصب ظواهر عالمية عامة، وطريقة تفكير وأسلوب تعبير منحرفين يمكن أن تؤثر مخرجاتهما على العلاقات بين الدول والشعوب، وكذا العلاقات داخل المجتمع أو البلد الواحد، مؤكدا انخراط جامعة فاس في تطويق هذه الظاهرة من خلال الباحثين المنضوين في بنيات البحث التابعة لمختلف كلياتها، الذين يشاركون في الندوات ذات الصلة بالموضوع ويشرفون على الأطروحات التي تتناول شتى جوانبه. وأكد ممثل منظمة الإيسيسكو إسماعيل طراوري (مالي) أن التطرف والغلو سلوك يتعارض مع تعاليم الإسلام الداعية إلى اليسر، ويهدد الأمم والشعوب اليوم في وقت تجنح إلى التسامح وحوار الثقافات والحضارات. ونوه طراوري بالتجربة المغربية في معالجة هذه الظاهرة واصفا إياها بـ”بالرائدة وتستحق التنويه”، مضيفا أنها يمكن أن تفيد دولا في الجوار الإقليمي تعاني من عدم الاستقرار، ومعبرا عن يقينه بأن عودة المملكة إلى الاتحاد الأفريقي ستبرز بشكل أفضل وناجع هذه التجربة الرائدة. وقال “نحن في الإيسيسكو نتابع عن كثب هذه التجربة ونستفيد منها في تنفيذ الأنشطة ذات الصلة باختصاصات المنظمة”. يذكر أنه ورد في تقديم مؤسسة لسان الدين بن الخطيب للدراسات وحوار الحضارات بفاس التي تضم مجموعة من الكفاءات التي يتنوع اهتمامها بين الاقتصاد والتاريخ والتصوف والبحث الأنثروبولوجي والأدبي، للفعالية أن المؤسسة تسعى إلى “المساهمة في الحد من ظاهرة الإرهاب، الـتي كانت وليـدة الغلو والتطرف العنيف، والتي تجندت جهات عربية وإسلامية وغـربية أمـنية كثيرة ومتنوعة ومراكز بحث متخصصة، لمحاولة تطويقها، وأكد خبراء في الموضوع أن الأجهـزة الرسمية، وشبه الرسمية غير كافية لمحاربة هـذه الظاهرة بمـفردها، ما لم تكن إلى جانبها مؤسسات أخرى مدنية متنوعة وأكاديمية قـادرة على لعب دور أساس للتخفـيف من حدتها، وتقديم مساهمة فعالة في تطويقها، وتحرير قائمة دوافعها وتحديد أسبابها، وتشخيص طرق علاجها”. ولذلك فإن مؤسسة لسان الدين بن الخطيب “تنخرط في هذا الورش الوقائي الإصلاحي الهام إلى جانب الجهـود الوطنية والدولية، مشاركة منا في مكافحـة هذه الظواهر، بتبني دراسة علمية هادفة حول ظاهرة الغلو والتطرف العنيف المفضي إلى الإرهاب”. وتزداد أهمية الاعتناء بمدارسة هذه الظواهر، كونها لا تعرف الحدود، فهي من الظواهر العابرة للقارات والحدود، وقد نبه الملك محمد السادس إلى ذلك قائلا “إن الأمر لا يـتعلق بأزمة جهوية فقط، وإنما بمستنقع خصب لقوى الـتطرف والإرهاب الأكثر عنفا، والأكثر تهديدا لأمن بلداننا، بل للأمن والاستقرار عبر العالم”.

مشاركة :