أبوظبي (الاتحاد) بالتزامن مع معرض أبوظبي الدولي للكتاب، واحتفاء بمرور 10 سنوات على انطلاقة مشروع «كلمة» للترجمة في هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة، وضمن سلسلة «روائع الأدب الفرنسيّ الحديث» التي يختارها ويراجع ترجماتها الشاعر والأكاديميّ العراقيّ المقيم في باريس كاظم جهاد، أصدر المشروع رواية جديدة بعنوان: «ثلاث نساء قديرات» للكاتبة الفرنسيّة ماري ندياي، نقلتها إلى العربيّة ماري طوق. ولدت ماري ندياي في بيتيفييه، قرب باريس، في الرابع من حزيران 1967، من أب سنغاليّ عاد إلى بلاده الأمّ وهي في سنتها الأولى، ولم ترَه بعد ذلك سوى ثلاث مرّات، وأمّ فرنسيّة. نشأت في الضاحية الباريسيّة بور لارين، ثمّ انتقلت إلى النورماندي بعد اقترانها بالكاتب الفرنسيّ جان إيف سندري. ومع انتخاب نيكولا ساركوزي رئيساً للجمهورية الفرنسية في 2007 وتصاعد اليمين المحافظ واليمين المتطرّف في فرنسا، قرّر الزّوجان الانتقال، هما وأطفالهما للعيش في برلين. لم تعش الكاتبة في السنغال، بيد أنّ من الواضح أنّ بنوّتها لرجل سنغاليّ لم تعرفه حقّاً قد دمغت بميسمها العميق عالمها الإبداعيّ ونمط تفكيرها وحساسيتها الأدبية. بعض شخوص أعمالها أفريقيّة أو زنجيّة من مناطق أخرى، تخوض عودة شائقة وشاقّة إلى الجذور وبحثاً مريراً عن الهويّة. وفي أغلب رواياتها تختار شخوصاً غريبة، مأزومة بغموضٍ، وعلى حافّة الانهيار، أو تكشف لدى كائنات بسيطة تكاد تكون غفلاً عن أعماق مهولة وقدرة على تخطّي مصائرها لا تحدّها حدود. إلى هذا، هناك براعة الكاتبة في تطويع اللّغة، وعبارتها السّاحرة، الآتية من ارتياد كبار الآثار الأدبيّة من دون أن تفصح عن تأثّرٍ بأيٍّ منها. أمّا «ثلاث نساءٍ قديرات»، فتمتاز أوّلاً بخصوصيّة في الشكل الروائيّ. إنّها تضمّ ثلاث قصص طويلة، كلّ منها مخصّصة لحضور فريد لامرأة، ولكنّ القصص ترتبط بخيوطٍ، بعضها خفيّ، والبعض الآخر ظاهر، لتشكّل في نهاية المطاف رواية متكاملة ومنسجمة. والخيط الناظم الأكبر هو هذه الوحدة المعنويّة أو الروحيّة، تجمع ثلاث نساء يسيطرن على مصيرهنّ بذكاء وقوّة. لم تكن الكاتبة ماري ندياي، قد تجاوزت سنّ السابعة عشرة عندما أرسلت بالبريد مخطوطة روايتها الأولى «أمّا عن المستقبل الثريّ» إلى منشورات «مينوي» الباريسيّة، التي سارعت إلى نشرها، واجتذب العمل الأنظار إلى الكاتبة الشابّة فوراً. بعد ذلك كتبت روايات أخرى وأعمالاً مسرحيّة حقّقت لها رصيداً أدبيّاً كبيراً بلغ ذروته مع روايتها «روزي كارب»، التي تُوجّت بجائزة «فيمينا» للرواية في 2001، ثمّ مع «ثلاث نساءٍ قديرات»، التي نالت عليها جائزة غونكور للرواية في 2009. أمّا ناقلة الكتاب إلى العربيّة، ماري طوق، فهي كاتبة ومترجمة من لبنان، من مواليد 1963، حصلت على إجازة في الأدب الفرنسيّ من الجامعة اللبنانية العام 1990، وتقيم وتعمل حاليّاً في مجال التعليم في مدينة جبيل في لبنان.
مشاركة :