صواريخ تنهال على المدنيين في إحدى المدن السورية، لا نعرف إن كانت من قوات الأسد أم القوات الروسية أو غيرها. يسمع فريق القبعات البيضاء صوت بكاء رضيع، الصوت مكتوم، لكنه محتوم، يسير الفريق إلى الأنقاض، يبدأ الجميع في النبش والتفتيش. المشهد التالى لا يصدق، إنه رضيع لا يتعدى عمره أسبوعاً واحداً، بقي تحت الأنقاض لعدد من الساعات.. بقي حياً! المشهد الذي يليه مشهد لم نتعود عليه في بلادنا، الرجال يبكون.. جميعهم! في الليل تسأل المواطنة السورية المسنة نفسها: ما فائدة العيش؟ كل يوم حينما تسمع أصوات الطائرات ينقبض قلبها خشية أن تسقط قذيفة على بيتهم فتقتل ابنها أو تصيب أحفادها أو زوجة ابنها، وتسأل نفسها لماذا لم يشأ الله أن يتوفاها قبل أن ترى الحرب دائرة في بلدها؟ تحاول السيدة السمنة الرجوع بالزمن إلى الوراء كي تغلوش على الحاضر، تذكر الزروع الخضراء والضيعة المؤنسة الجميلة، لكنها سرعان ما تطرد هذه الذكريات وتعود إلى الواقع، الماضي يؤلمها، يذكرها بما خسرت، الواقع يؤلمها كذلك يذكرها بما خسرت، وبما من الممكن أن تخسر، تبكي بكاء خافتاً حتى لا يسمعها الأحفاد. في الصباح تستمع السيدة المسنة إلى قصة الطفل المعجزة التي يرويها لها ابنها في دهشة. تتمتم السيدة: حكمة الله.. سبحانه.. سبحانه! ينظر الابن إلى السماء ويسأل نفسه عن حقيقة الموت والحياة، هو يسأل نفسه كل يوم منذ أن اشتعلت الحرب، كل يوم تتغير مفاهيمه عن الموت والحياة. يريد أن يحكي لوالدته أنه في كثير من الأحيان يفقد الإيمان بكل شيء، لكنه يخاف أن تتهمه بالكفر. يريد أن يخبرها أيضاً أن قصة الطفل المعجزة لا بد أن تدرس في الكتب المدرسية بجانب معجزات الأنبياء والرسل في كل الأديان. يسأل نفسه في كثير من الأحيان: هل يحتاج الله إلينا أم نحتاج إليه؟ ملحوظة: التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.
مشاركة :