بيروت – فيما يحتفل العالم بعيد الشغل، يسجل لبنان نسب بطالة بمنحى تصاعدي اخترق سقف ثلث اليد العاملة المؤهلة، في ازمة مستمرة تشد الانظار نحو المزاحمة القوية لليد العاملة السورية، والتي يراها كثيرون غير عادلة. وتشير اخر الاحصاءات لارتفاع معدل البطالة في لبنان إلى نسبة 35 في المئة بين حاملي الشهادات وأصحاب المهارات في ظل تدهور الأوضاع الاقتصادية. وتقول الدراسات إن لبنان يحتاج سنويا إلى 25 ألف فرصة عمل لا يتوفر منها سوى 5 آلاف أي ما يعادل 20 في المئة من الوظائف فقط وإن أبواب الهجرة هي الملاذ الوحيد للشباب اللبناني، مع انحدار أكثر من ثلث الأسر المقيمة إلى ما دون خط الفقر، ومديونية عامة قياسية تصل إلى 70 مليار دولار. "احمل حقيبتك"، واتبعني. هكذا، بات حلم شريحة واسعة من اللبنانيين الحصول على تأشيرة خروج، وربما هجرة، إلى بلدان أكثر أمناً. وتقدر أعداد العمالة السورية في لبنان بـ7000 عامل بحسب أرقام الحاصلين على إجازات عمل فيما الأعداد الحقيقية تصل إلى 700 ألف عامل يشغلون شتى أنواع المهن تتركز في البناء والنظافة والمطاعم، مقابل مبالغ مالية زهيدة مقارنةً بالخدمات التي يقومون بها. ويقول وزير العمل اللبناني محمد كبارة إنه و"منذ اليوم الأول الذي استلمت فيه الوزارة طلبت بتفعيل أجهزة تفتيش في كل المناطق اللبنانية للمؤسسات والشركات التي تشغل عمّالا غير لبنانيين، إضافة إلى المؤسسات والشركات غير اللبنانية وغير المستوفية للشروط القانونية". ويضيف بأن المشكلة في وزارة العمل تتمثل بعدم توفر العدد الكافي من المفتشين، "ففي الشمال فقط لدينا مفتشين اثنين فقط، وفي بيروت كذلك والبقاع والجنوب، لدينا مشكلة كبيرة في موضوع المفتشين، وما أطلبه اليوم من مجلس الوزراء التعاقد بأسرع وقت مع مفتشين لكي أستطيع أن أخلق فرص عمل للبنانيين وأتمكن من مراقبة اليد العاملة غير اللبنانية، وحماية المؤسسات اللبنانية من المزاحمة غير المشروعة وغير القانونية من قبل غير اللبنانيين لأنهم يخلقون المشاكل في البلد وفي كل المناطق التي يعملون بها، وأنا دائماً أطلب من البلديات والتجار مراقبة هذا الموضوع للتخفيف من حجم بطالة الشعب اللبناني وخلق لهم فرص عمل". لسنا ضد اليد العاملة السورية وحول ما إذا ما كانت هذه الإجراءات موجهة تحديدا ضد العمال السوريين في لبنان، يؤكد الوزير "نحن لسنا ضد اليد العاملة السورية أو الغير اللبنانية، نحن نقول مثلما نطبق القانون على اللبناني سنطبق القانون عليهم، وهذه لحمايتهم وحماية اليد العاملة اللبنانية، هناك على سبيل المثال بعض القطاعات التي لا يعمل فيها لبنانيون وتقتصر على العمال الأجانب، وهي محصورة بقطاع البيئة والنظافة، والبناء، لكن اليوم يوجد مخالفات كثيرة تحصل بسبب عدم وجود جهاز تفتيش، هناك الكثير من العاملين ليس لديهم إجازات عمل، ويعملون بأعمال غير مسموح أن يعطى لهم إجازات عمل فيها". وأكد وزير العمل اللبناني، أن الحكومة اللبنانية تسعى لتحفيز زيادة الأعمال ودعم حاضنات الأعمال للتخفيف من الهجرة والتشجيع على الاستثمار، لافتًا إلى أنه جراء ما يشهد العالم العربي، خاصة سوريا، فاق عدد النازحين السوريين بلبنان المليون ونصف المليون نازح، بالإضافة لنصف مليون عامل سوري موجودين بلبنان، وهو ما يعادل نصف عدد سكان لبنان، وهو ما خلق إشكالات متبادلة ظهرت بين الأخوة اللبنانيين والسوريين على خلفية التنافس على فرص العمل. واضاف "لا قدرة للبنان على تحمل ذلك في ظل الضائقة الاقتصادية والحصار الاقتصادي جراء المخاطر الأمنية التي تعيق عملية النقل للتجارة اللبنانية"، لافتا إلى أن حوالي من 57 لـ62 بالمئة من التجارة اللبنانية كانت تصدر برا قبل الأزمة السورية. أما بالنسبة إلى الهبات الدولية المقدمة للبنان لمساعدته على تحمل أعباء النازحين، يقول كبارة إن "المجتمع الدولي مقصر بحق لبنان، هناك بعض الدول التي تعد وتفي بوعودها وأكثرية الدول لا تفي بوعودها، النزوح السوري يؤثر على البنية التحتية للبنان وهذه من أكبر المشاكل، والنزوح السوري خلق العديد من المشاكل وعلى الدول المانحة أن تقدم المساعدة للبنان، لإعادة تأهيل بنيته التحتية ليستمر في التعاطي مع النازحين السوريين الذين أصبح عددهم نصف عدد سكان لبنان". وكان رئيس الوزراء سعد الحريري، ذكر في نهاية العام الماضي 2016، أن نسبة الفقر تخطت 30 في المئة، والبطالة وصلت إلى 25 في المئة بينما ترتفع إلى 35 في المئة بين الشباب، في حين سيكون النمو الاقتصادي لهذه السنة 2017 أقل من 2 في المئة. وقال رئيس لجنة الشباب والرياضة في البرلمان اللبناني عضو تكتل التغيير والإصلاح، النائب سيمون أبي رميا إن "من بين 100 عاطل عن العمل هناك 65 شابًّا". وأشار أبي رميا إلى أنه بجانب أن 35 في المئة من الشباب العاطلين يوجد 35 في المئة لا يعملون في مجال تخصصهم، لافتًا إلى أنه "من أصل 30 ألف متخرج من الجامعة سنويًّا، تستوعب السوق المحلية زهاء 300 فرصة عمل فقط". بدوره، أوضح الخبير الاقتصادي كمال حمدان أن سوق العمل في القطاعين العام والخاص، يعجز عن استيعاب أكثر من نصف عدد الطلاب الجامعيين والمهنيين الذين يتخرجون سنويًّا، والبالغ عددهم حوالي 45 ألف شخص. وأرجع حمدان المشكلة إلى "طبيعة الاقتصاد وبنيته التي يغلب عليها الطابع الريعي وتحقيق الريع السريع على تنويع الاقتصاد واجتذاب التخصصات الجامعية والمهنية الجديدة إلى سوق العمل". النازح السوري أغنى من اللبناني ويعتبر لبنان أكثر الدول المتضررة من أزمة نزوح السوريين، وخلال الأسابيع الماضية اندلعت احتجاجات بين العمال اللبنانيين، اعتراضًا على مزاحمة الأيدي العاملة السورية لهم في العمل. وتحدث حسن اللقيس باسم المعتصمين فقال "أصبح النازح السوري أغنى من اللبناني في بلدنا، اذ تقدم له المساعدات والهبات، وتوفر الجهات الدولية لعائلته الاعانات، والاستشفاء المجاني والتعليم لاولاده، وبدل السكن والاكل والشرب، ولا يدفع فواتير مياه وكهرباء، في حين يعجز اللبناني عن تأمين أبسط مستلزمات الحياة الكريمة له ولعائلته". وتابع: "إننا نطالب بإقفال كل المحال السورية غير المرخصة، ومنع من ليس لديه إقامة من العمل، واتخاذ الخطوات اللازمة لإنصاف العمال اللبنانيين الذين تزيد نسبة البطالة باستمرار بين صفوفهم". وأقدمت البلديات في لبنان مؤخرا على إقفال محلات تجارية افتتحها عمال سوريين "غير شرعيين" طبقاَ لقرار صادر عن وزارة العمل يحصر عمل السوريين بثلاث مهن فقط ووفق شروط محددة. وكان وزير العمل طالب من المحافظين إغلاق عدد من المحلات التجارية التي يملكها لاجئون سوريون "ضمن حملة مكافحة العمالة الأجنبية غير القانونية من أجل القضاء على المنافسة غير الشرعية لليد العاملة اللبنانية". وأشار كبارة بمناسبة عيد العمال "بعيدكم وعيدنا عيد العمال، أتقدم منكم بالتهنئة، بالرغم من الألم الذي أراه يرتسم على الوجوه، ألم من أوضاع سياسية تعتصر في جوانبها الكثير من التعصب الديني والمذهبي، وألم من أوضاع اقتصادية لأجور تكاد لا تكفي حاجات العائلات، ولكننا صابرون وصامدون في هذا الوطن، لأنّ الحقوق المكتسبة التي تحققت من خلال مؤسّسة الضمان الاجتماعي مع قيادة الاتحاد العمالي العام الجديدة، ومع أصحاب العمل، تمكن من الوصول الى حل اي ازمة مهما كانت عصية على الحل". ووعد:"بأنّنا سنعمل بصبر على تأمين فرص العمل لشبابنا وسنحاول بما يسمح لنا القانون والنظام بالمحافظة على اليد العاملة اللبنانية ووقف المزاحمة الأجنبية مهما اختلفت تسميتها"، مردفاً: "فالنزوح يجب ألا يمنعنا من الحدّ من هذه المنافسة التي تواجه أبناء الوطن، بل سأعمل بكل جهد وصبر على تفعيل عمل وزارة العمل واجهزة التفتيش لديها من اجل خدمة المواطن، لان ذلك من شأنه ان يوفر فرص عمل كثيرة للشباب، وهذا ما نضعه نصب اعيننا سواء في وزارة العمل او في الحكومة ككل برئاسة الرئيس سعد الحريري". ويحتفل الملايين حول العالم في الأول من مايو/أيار من كل عام بيوم عيد العمال، وفي بعض البلدان يطلق عليه اسم "عيد العمل"، وبدأ بالاحتفال به أول مرة في استراليا نهاية القرن التاسع عشر.
مشاركة :