الكتابة بقلب يضج بالحنين في "فئران أمي حصة"

  • 5/3/2017
  • 00:00
  • 10
  • 0
  • 0
news-picture

الروائي الكويتي سعود السنعوسي في روايته "فئران أمي حصة" أبواب ذاكرتنا، يفتحها ويمرّر هواء الكلمات على تلك النوافذ المغلقة منذ وجع. يرصد لنا تاريخ الكويت برؤيا محايدة لا يمكن أنْ تخرج إلا من قلبٍ عشق المكان والعروبة دون تطرف أو عنصرية أو موالاة. من يقرأ الرواية سيعرف أنّ روح السنعوسي الشفافة لم تغبْ حتى وهو يرصد أشدّ اللحظات قسوةً كتلك التي لوّنتْ سماء الكويت بالظلام. السنعوسي يكتب التاريخ بقلبه قبل أصابعه، لغته الملأى بالحنين تجعلنا نشهق طويلا ونحن نسير معه في شوارع "السّرّة". نتعطش لكلمات "أميّ حصة" التي تسيّر التاريخ وفقًا لفطرتها الأولى. يربك السنعوسي المدهش فينا معتقداتنا البلهاء حول طائفة تعلو على أخرى، يحاور الإنسان في داخلنا، ولهذا كان من الصعب على القارئ أن يفرّ من تلك الفخاخ السردية المدهشة التي رسمتْ لكل شخصيةٍ عطرها الخاص، وأعطتْ للزمن فرصة التنبؤ بالمستقبل لكل ما قد تفعله الفئران التي تنهش أيامنا ببطء. الرواية تقارب بين زمنين متداخلين، بين ماض صعب عاشته الكويت بفعل الغزو العراقي وحاضر متهالك يصنعه الكويتيون بأنفسهم إذا ما أذعنوا للفتنة الطائفية التي تسري كالفئران. رمزية الفئران التي وظفها السنعوسي بذكاء ومهارة جعلتْ من الرواية فاتحةً للتنبؤ بمصير الأفكار المتهالكة، وهو بذلك يوّحد بين صفوف الأفكار المختلفة لتبدو نهاية الرواية أشبه بفاتحة لما قد يحدث إثر هذه الفتنة. وهنا يكمن ذكاء السنعوسي الذي استطاع توظيف الماضي والحاضر وكأنهما وجهان لعملة واحدة، وهذا يحسبُ له. أما الشخصيات فكانت مرسومة بدقة متناهية على حوافّ القلب، بدءا من أمي حصة وانتهاءً بأبناء فؤادة، لكل شخصية نمط مختلف وصورة مغايرة لكنها تشترك جميعًا في تلك اللمسة التي يضفيها السنعوسي ببراعة وهي لمسة الصدق التي جعلت القارئ يعيش مع فهد وحوراء قصة عشقهما الموجعة، ويبكي مع فوزية غياب أمي حصة ويتألم مع الشخصية الرئيسة حين انتقلت إلى مدينة الروضة. وهذا ليس بغريب عن كاتبٍ أدهشنا قبل ذلك في رائعته "ساق البامبو" وفي الختام تبقى هذه الرواية مشرعة الأبواب لكل الرؤى النقدية لما تحمله من عمق وبراعة في رصد اللحظة زمانيًا ومكانيًّا. وسعود السنعوسي روائي كويتي حصد عام 2013 الجائزة العالمية للرواية العربية في دورتها السادسة عن روايته "ساق البامبو" التي حصدت جائزة الدولة التشجيعية في دولة الكويت عام 2012. أصدر روايته الأولى "سجين المرايا" عام 2010 وفازت بجائزة ليلى العثمان لإبداع الشباب في القصة والرواية في دورتها الرابعة، وحاز لقب شخصية العام الثقافية في جائزة محمد البنكي في البحرين عام 2016. وفاء جعبور شاعرة أردنية.

مشاركة :